اللجنة الصحية تنشر مقتطفًا من مقال بعنوان “كوفيد-19 يعري النيوليبرالية”
عقود من النيوليبرالية تنحسر، والخدمات العامة التي تم خصخصتها تعود الى حضن الوطن، يبدو ان جائحة كوفيد -19 قد عَرَّتْ أمام الجميع عواقب ” الحكومة الصغيرة”.
السياسات النيوليبرالية تضرب بقوة
تم رفع القناع عن الوجه الحقيقي للاقتصاد والسياسة الليبرالية الجديدة وتسنى للجميع لمس نتائجها بكل وضوح.
لقدوجدنا القطاع الخاص غائبا، والقطاع الحكومي (العام) غير جاهز لمثل هذه الحالة من الطوارئ.
إن سياسات الخصخصة ، وإلغاء القيود ، والتخفيضات المستمرة في قطاع الخدمات العامة ، وتخفيضات الضرائب على الشركات ودعمها في نفس الوقت قد كان له أثر كبير. لقد تركت الاقتطاعات من ميزانيات الصحة العامة (القطاع العام) بدون جاهزية لمواجهة الجائحة، ولم يقتصر الأمر على عدم وضع خطة استباقية للوباء، بل ان المستشفيات لم تكن قادرة على التعامل مع الوضع الموجود قبل الأزمة الصحية اصلا، وكان ينبغي أن ترسل تجارب فيروس إيبولا والسارس ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية إشارة تحذير إلى الحكومة لإعداد خطة استباقية لمثل هذا الموقف. هي لم تفشل في القيام بذلك فحسب، ولكنها أيضاً تجاهلت التحذيرات السابقة لمنظمة الصحة العالمية للاستعداد لمواجهة جائحة مستقبلية. إضافة إلى ذلك قامت الحكومة بقطع تمويل معاهد البحوث الطبية ومنظمة CSIRO ، التي كان بعضها يعمل على تطوير لقاح واسع النطاق ضد فايروسات عائلة كورونا. وفي الوقت نفسه، دفعت مليارات الدولارات لدعم المستشفيات الخاصة المُكلِفة، ولم يتم تدريب سوى عدد قليل جدًا من الممرضات والأطباء، حيث اعتمدت الحكومة على هجرة الأدمغة من المملكة المتحدة والدول الأكثر فقراً. كذلك كان هذا هو الحال أيضًا في مجال رعاية المسنين ومختلف العاملين في مجال الرعاية المنزلية حيث اعتمدت الحكومة على العمالة القادمة بموجب تأشيرة عمل مؤقت لتعويض النقص والحفاظ على سقف الأجور وشروط العمل المتدنية، وتم بيع معظم الأسهم الأسترالية المملوكة للحكومة في المساكن العامة، اي خصخصتها. ماذا تبقى لنا الآن سوى “الركض” ؟! (كناية عن الاستعجال والقرارات الارتجالية) ، فكيف يطبق أكثر من 115.000 شخص مشرد تعليمات “البقاء في المنزل”stay at home ؟! كيف يحمي الناس الهائمون في الشوارع أنفسهم؟! لا يُسمع سوى القليل عن إسكان المشردين، بالرغم من توفر آلاف الشقق الفارغة في المدن الكبرى ضمن مشاريع الإسكان الجديدة، ويجب على الدولة أن تضع يدها عليها واستخدامها مأوى للمشردين (وهي إجراءات ضرورية لاحتواء جائحة كوفيد ١٩).
وضع اليد المؤقت على المستشفيات الخاصة
لقد شجعت حكومات الولايات والحكومة الفيدرالية ودعمت انتشار المستشفيات الخاصة، يوجد الآن 657 مستشفى خاص و 357 مستشفى نهاري خاص، وتوصلت الحكومة الفيدرالية الأسبوع الماضي إلى اتفاق معهم لاستخدام منشآتهم ومعداتهم وموظفيهم بتكلفة مبدئية تُحصل من دافعي الضرائب تزيد قيمتها عن مليار دولار. تتضمن هذه “الشراكة” بين الحكومة والمستشفيات الخاصة استخدام الحكومة الفيدرالية لـ 30.000 سرير و 105000 موظف ماهر، وستمول الحكومة الفدرالية وحكومات الولايات تكاليف التشغيل بنسبة 50% لكل منها، وسيضمن الاحتياطي الفيدرالي دفع الفجوة بين المداخيل الحكومية (الحالية) وتكاليف المستشفيات الخاصة، اي بعبارة أخرى ، ستغطي العجز.
في الواقع ، هذا تأميم زائف ، يزود القطاع العام بمزيد من الأسرة والموظفين وما إلى ذلك ، لتوسيع قدرة القطاع العام على مكافحة جائحة كوفيد-19 بشكل مؤقت، وهذا الإجراء لوحده يوضح حقيقة أن القطاع العام هو الأفضل للتعامل مع حالات الطوارئ، وأن القطاع الخاص الذي يحركه المهنيون وما يسمى بقوى السوق غير قادر على التأقلم مع هكذا ظروف، لكن الأمر يتطلب ايضاً مركزية في الإجراءات والاولوية للمواطنين . لكن حالما تنتهي الأزمة الصحية ، سيتم إعادة المستشفيات الخاصة إلى القطاع الخاص على أساس الجدول الزمني الموضوع سلفا، إنها الخسارة الاجتماعية المعتادة ونموذج الربح الخاص.
إن الحكومةً التي تضع مصالح الناس على رأس أولوياتها ستتخذ حتماً قرارت تتراجع بموجبها عن خصخصة الخدمات الأساسية والأصول الاستراتيجية بما في ذلك تأميم البنوك الكبرى والنظام الصحي الخاص وشركات التأمين والاتصالات والمرافق العامة، وإذا تطلب الأمر، توسعاً كبيراً (في بناء) المساكن العامة ذات الجودة العالية. يجب أن يعتمد طريقنا لبناء المستقبل على الملكية العامة، والاقتصاد المخطط، والخدمات المدفوعة بالحاجة وليس الربح الخاص – الاشتراكية.
(مقتطف من المقال الافتتاحي لمجلة الغارديان الاسبوعية الأسترالية – ترجمة د. هيثم عايد عضو اللجنة الصحية لحزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني)
ملاحظة: كل ما ورد بين قوسين هو من المترجم.