القلقون الجدد؟!
لا اعتقد أن ما نعيشه من تيه حسب تعبير أحد المسؤولين السابقين ليس وليد اليوم، بل نتاج نهج اقتصادي وسياسي، باشرنا به مع أحد المنتقدين.
هذا النهج هو المسؤول عن الازمات التي تعيشها البلاد، وعن الانهيار المتدرج في قطاع الصحة والتعليم، والمسؤول عن البطالة، والمسؤول عن نقل الثروة والسلطة بعيداً عن دائرة المجال السياسي والديمقراطي، وحرمنا من القدرة على المراقبة.
عندما وافق أولئك القلقين على واقع البلد على السير في نهج الليبرالية الجديدة، من المفروض انهم كانوا يعرفون حجم التحولات المجتمعية التي ستنتج عن هذا عن هذا النهج.
هو نهج يرى ان المنافسة هي السمة الوحيدة التي تحدد العلاقات الإنسانية، لذلك طالبوا برفع يد الدولة عن أي دور، بما فيه رفع الدعم عن رغيف العيش الذي أقدم علية القلقين والنقاد الجدد، وأصبح الحكم على الافراد بمقدار ما يمتلكون من قدرة استهلاكيه وما يتبعونه من سلوك استهلاكي.
لقد تم إعادة تعريف المواطنين في ظل الليبراليين الجدد باعتبارهم مستهلكين، وهي خاصية أساسية لاقتصاد السوق، وترى الليبرالية ان السوق لا الدولة هو المكان الأنسب لممارسة الأنشطة والعلاقات الإنسانية.
وان الناس يمارسون الديمقراطية من خلال الاستهلاك والشراء والبيع وان التنافس من خلال تعدد السلع وتنوعها.
لقد لعبت الليبرالية على تسويق نفسها من خلال الدق على قيم الحرية، والتملك والرغبة في التميز، وبالتالي بتنا نتعامل معها كمسألة بديهيه
ورحنا نتعامل مع الازمات التي نتجت عنها بمعزل عن أن الفلسفة الليبرالية هي السبب.
من هنا تسمع اصوات تنتقد هنا وهناك بعض هذه الازمات دون التطرق للنهج الليبرالي الجديد الذي تسبب بكل ذلك وعمل النقاد الجدد على تكريسه.
الازمة يا سادة يا كرام، أنتم صناعها، حينما وضعتم مداميكها الأولى تشريعاً وتنفيذاً خصخصةً وتحريراً للتجارة، وبتنا أسرى للمؤسسات الدولية، لذلك على من يريد انقاذ البلاد عليه وبجرأة الاعتراف بخطأ النهج والتوجه الجاد والمخلص لإعادة الدور للدولة.