الفنان الكبير جميل عواد لنداء الوطن: الحكومات المتعاقبة تعلم أن الفن فعل توعية، وهي تخشى الوعي
الفنان الأردني الكبير جميل عواد أشهر وأكبر من أن يتم تعريفه بكلمات محدودة، فأعماله الفنية المحلية والعربية ومواقفه الوطنية يعلمها القاصي والداني.
الملحق الثقافي في نداء الوطن، التقى الفنان الملتزم جميل عواد وكان هذا اللقاء.
نداء الوطن: برأيك ما هو سر هذا التراجع الكبير في الدراما الأردنية؟ خاصة وأننا نتذكر جيداً أن الدراما السورية حققت قفزة كبيرة عندما تم استغلال مقاطعة القنوات الخليجية للدراما الأردنية بعد حرب الخليج عام 1991، فيما لم تنجح الدراما الأردنية بسد الفراغ الذي خلّفه غياب الدراما السورية مع بدء الأزمة في سورية؟
الفنان جميل عواد: إن هذا السؤال يتضمن الكثير من المغالطة القاسية حول الدراما الأردنية، وللأسف الشديد فقد دأبت وسائل الإعلام المحلية على ترديد هذه الجملة المبتدعة ((التراجع الكبير في الدراما الأردنية)).
للدراما مكونات، وعلى رأسها الفنان الدرامي المبدع، ومن يريد أن يعرف سيعرف أن بالأردن خيرة المخرجين والممثلين والمصورين والفنيين من مونتاج وإضاءة وصوت… إلخ.
ويكفي أن أذكّركم بأن الأردن فاز بمعظم جوائز مهرجان الإعلام العربي الأخير الذي أقيم قبل أسابيع قليلة، وأظن أن هذا لم يأتِ من فراغ، كما أن الفنان الدرامي الأردني قد انتشر في الوطن العربي، من سوريا إلى مصر وتونس والكويت والإمارات وحقق مكانة مرموقة حيثما ذهب.
أما لماذا لم يستثمر الأردن الوضع القائم بالقطر العربي السوري، كما استثمرت سوريا أحداث 1990 ودخلت الساحة بقوة وغطت مساحات واسعة على القنوات الفضائية؟ لقد تم ذلك بقرار ودعم من القيادة السورية، بينما غاب الدعم عن الفنان الأردني.
نداء الوطن: إذن، لماذا لم نرَ تحرك حكومي حقيقي نحو النهوض واستنهاض الدراما الأردنية؟
الفنان جميل عواد: لقد تاه الفنان الأردني لكثرة ما تلقى من وعود حكومية لم يتحقق منها شيئاً، يبدو لي أن الحكومات المتعاقبة تعلم أن الثقافة والفنون فعل توعية، وهي تخشى الوعي ويريحها أن تحوّل المواطنين إلى رعية تقاد بالعصا والجزرة.
نداء الوطن: لماذا هذا الغياب لفنان كبير بحجم جميل عواد؟ وهل هنالك عزوف على المستوى الشخصي من المشاركة في أعمال فنية عربية؟
الفنان جميل عواد: أنا لم أغب، لكنني أبحث عن الكيف وليس عن الكم. فقد شاركت بمسلسل محلي (حنايا الغيث) ومسلسل مصري في هذا الموسم (ذهاب وعودة).
نداء الوطن: ما هو دور الفنان الأردني في مواجهة الفكر المتطرف من جهة وكشف الإجرام الصهيوني من جهة أخرى؟ ومتى سنرى عملاً فنياً بحجم التغريبة التي أنعشت الذاكرة العربية وعملت على ترسيخ تاريخ القضية الفلسطينية في عقول جيل الشباب؟
الفنان جميل عواد: هذا سؤال مهم جداً، إن فقاسة الفكر المتطرف جاءت نتيجة لغياب الوعي، وترك المجال لغسل عقول الشباب بمقولات دينية مبتدعة، حاولنا إقناع معظم المسؤولين أن خطاباتهم المنمقة وتصريحاتهم لا تقنع الشباب، وأن العمل الدرامي أكبر تأثيراً من كل خطاباتهم، بعضهم اقتنع ولم يفعل شيئاً، وبعضهم لم يقتنع، وبعضهم لا يريد أن يقتنع.
لقد سبق وقلت في الإجابة على سؤالك الأول إن الدراما الأردنية بخير من حيث العنصر البشري، لكنها ليست بخير من حيث كم الإنتاج لتغطية الساحة المحلية والعربية، وذلك لعدم دعم الجهات الرسمية وغياب القرار السياسي.
أما عن الفرع الثاني من السؤال حول الدراما ودورها في كشف الإجرام الصهيوني ودعم نضال الشعب الفلسطيني، فقد سبق وأن قدمنا بعض المسلسلات التلفزيونية مثل “هبوب الريح”، و “وجه الزمان”، وشاركنا بالمسلسل الرائع “التغريبة الفلسطينية” والفيلم السينمائي التونسي “مملكة النمل” وغيرها. أعلم أن هذا ليس بكافٍ، نحن بحاجة إلى تمويل إنتاجات بهذا التوجه والمستوى، كما أعلم أن رؤوس أموال عربية تهدر هنا وهناك، ورؤوس أموال محلية وفلسطينية تغيب عن هذا الميدان، علماً أن الإنتاج التلفزيوني استثمار مربح إلى جانب قيمته التوعوية والمادية.
في الختام، أشكرك ويسعدني أن أكون على صفحات جريدتكم وأتمنى لكم النجاح وسعة الانتشار.