لآخر المستجدات تابعنا على قناة تلغرام

تابعنا
أخبار محلية

العولمة تضرب القطاعين الصناعي والزراعي وترفع نسب البطالة في الأردن

“إنتاج العالم من الأغذية يزيد بنسبة 10 في المئة على احتياجات مجموع سكان الكرة الأرضية”. هذا ما صرح به جاك ضيوف، المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة السابق. وعلى الرغم من هذه الحقيقة، إلا أنه لا يزال 3 مليارات شخص تحت خط الفقر، يعيش 1.2 بليون منهم في فقر مدقع. وهو الأمر الذي أرجعه الخبراء إلى النظام العالمي الجديد ووحشيته.
ويتسم النظام العالمي الجديد وفق الكاتب حسن عطا الرضيع في مقال سابق له بخصخصة جميع الشركات المالية ورفع الحواجز الجمركية وتحرير التجارة الداخلية والخارجية وإلغاء الدعم للأفراد والمؤسسات والدول وتحرير نظام المعاشات والتأمينات الاجتماعية والصحية.


وظهرت العولمة وفق الكاتب عطا الرضيع، كمرحلة متطورة ومتقدمة للنظام الاقتصادي الرأسمالي وكانت نتيجة للمراحل التي مرت بها البشرية، كالتطور الكبير في ثورة المعلومات والاتصالات والتطور الصناعي لبعض الاقتصاديات الناشئة والصاعدة والمتقدمة على حد سواء وظهور الشركات القومية العابرة للقارات.
تغلغل هذه الشركات في البلدان النامية وما صاحبه من نهب وسرقة مقدرات الشعوب وامتصاص دماء الفقراء ومحدودي الدخل من خلال توسعها في اقتصادياتها أدى إلى اختلالات كبيرة على الصعيد العالمي. فوفقاً لإحصاءات الأمم المتحدة فإن الدول الصناعية تملك 97% من الامتيازات العالمية كافة، وأن الشركات الدولية عابرة القارات تملك 90% من امتيازات التقنية والإنتاج والتسويق، وأن أكثر من 80% من أرباح إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر في البلدان النامية يذهب إلى 20 دولة غنية.
العولمة وضرب الاقتصاد الوطني
ويكشف الرفيق جميل الخطيب عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة الشعبية ومسؤول الدائرة العمالية في الحزب أن ظاهرة العولمة والانفتاح الاقتصادي كانت وبالاً على جميع الدول التي خضعت لها، وأدت إلى فقدان السيادة الوطنية على مقدراتها، وأذعنت لكل شروط الدول الغنية والشركات العابرة من خلال رفع الحماية الجمركية على الصناعات الوطنية وتسهيل عمل الوكلاء والسماسرة .. معتبراً أن الأردن كان نموذجاً في الخضوع المطلق لاحكام الشركات الكبرى والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

[quote font_size=”10″ color=”#0c0c0c” bgcolor=”#7c9dbf” arrow=”yes” align=”left”]يعيش فوق كوكب الأرض 6 مليارات من البشر يبلغ عدد سكان الدول النامية منها 4.3 مليارات، يعيش منها ما يقارب 3 مليارات تحت خط الفقر وهو دولاران أميركيان في اليوم، ومن بين هؤلاء هنالك 1.2 مليار يحصلون على أقل من دولار واحد يوميا.
– وفي المقابل توضح الإحصاءات الغربية بالأرقام أن الدول الصناعية تملك 97% من الامتيازات العالمية كافة، وأن الشركات الدولية عابرة القارات تملك 90% من امتيازات التقنية والإنتاج والتسويق، وأن أكثر من 80% من أرباح إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر في البلدان النامية يذهب إلى 20 دولة غنية.
– وفي البلدان النامية نجد أن نسبة 33.3% ليس لديهم مياه شرب آمنة أو معقمة صالحة للشرب والاستعمال، و25% يفتقرون للسكن اللائق، و20% يفتقرون لأبسط الخدمات الصحية الاعتيادية، و20% من الأطفال لا يصلون لأكثر من الصف الخامس الابتدائي، و20% من الطلبة يعانون من سوء ونقص التغذية.
تبلغ ثروة ثلاثة من أغنى أغنياء العالم ما يعادل الناتج المحلي لأفقر 48 دولة، كما أن ثروة 200 من أغنى أغنياء العالم تتجاوز نسبتها دخل 41% من سكان العالم مجتمعين.
“المصدر: تقارير الأمم المتحدة”[/quote]

وأكد الرفيق الخطيب في حديثه لـ نداء الوطن أن هذا القول المسمى بالعولمة قد دمر اقتصاد الدول التابعة للمركز الرأسمالي وأغرفها في محيط من التخلف والفقر والبطالة.. (يقول جورج سروس) أحد أقطاب الاقتصاد العالمي الجديد “لقد أدت العولمة إلى انتقال رؤوس الاموال من الأطراف (أي الدول النامية) إلى المركز أي الدول الغربية”.
وساهمت العولمة في ضرب الصناعة الوطنية في الأردن، حيث يشير الرفيق الخطيب إلى أن الخضوع لشروط الدول الكبرى وظاهرة العولمة، أجبر العديد من المؤسسات الوطنية نتيجة الخصخصة وبيع القطاع العام، إلى الاستغناء عن الآلاف من العمال وحرمانهم من أبسط حقوقهم العمالية، لعدم قدرة الصناعات الوطنية على المنافسة أمام الصناعات المستوردة، وذلك بسبب إلغاء قيود الجمارك من أمامها. وكان أكثر القطاعات تأثراً بهذا هو عملهم في الزراعة، بسبب تراكم الديون عليهم وعجزهم عن السداد. كما تم إغلاق الآلاف من الصناعات الوطنية، نتيجة عدم القدرة على المنافسة للأجنبي.
فيما تساءل الكاتب والمحلل الاقتصادي سلامة درعاوي في حديث لـ نداء الوطن: من الذي تعولم الشعب أم الحكومات؟! وأردف أن الحكومات بشكل عام، ليس في الأردن فقط، تعولمت أكثر من الشعوب، لكن في الأردن تعولمت الحكومات لكن دون أن تخفض من حجمها وتكبّر القطاع الخاص لتخفيف أعبائها، والحكومات في الاردن بقيت بنفس الحجم، بل وتوسعت بإضافة المؤسسات المستقلة حيث كلفت تلك المؤسسات الموازنة بنحو 1.8 مليار دينار.
ويلفت درعاوي إلى أن برامج التصحيح الاقتصادي التي وقعها الأردن مع صندوق النقد الدولي، والإجراءات التي يطلبها الصندوق او تلمحّ بها الحكومة تزيد من الإشكالية الاقتصادية، وتؤثر على الإنتاجية وتزيد معدلات البطالة، وتنعكس بشكل كبير على معدلات الفقر.
الفقر وصندوق النقد و”إفقار” الزراعة
يشير آخر تقرير حول الفقر أصدرته الحكومة الأردنية إلى أن محافظة عجلون هي ثاني أكبر محافظة في نسبة الفقر، حيث تتجاوز نسبة الفقر فيها ال26% من إجمالي عدد السكان، وذلك على الرغم من خصوبة أراضي المحافظة.
وتكشف الإستراتيجية الوطنية للتنمية الزراعية الصادرة عن وزارة الزراعة عن أن التراجع في القطاع الزراعي، ناتج عن تطبيق برامج التصحيح الاقتصادي، والخضوع لإملاءات صندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية، وما ترتب على ذلك من استحقاقات في مجال تحرير تجارة السلع الزراعية بالتوقف عن دعم الزراعة، وتخفيض الرسوم الجمركية على المستوردات الزراعية، وإلغاء الحماية غير الجمركية للسلع الزراعية.
وتلفت الاستراتيجية إلى تراجع كبير ومستمر لمساهمة قطاع الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي، فقد تراجعت مساهمته بالأسعار الجارية من 14.4% عام 1971، إلى 8.9% عام 1975، إلى 6% عام 1995، ثم 3% في عام 2013.

[quote font_size=”10″ color=”#0c0c0c” bgcolor=”#7c9dbf” arrow=”yes” align=”right”]ما زال يعيش 1.2 بليون شخص في فقر مدقع.
يعيش واحد من كل خمسة أشخاص في المناطق النامية على أقل من 1.25 دولار يوميا.
تنتمي الغالبية العظمى ممن يعيشون على أقل من 1.25 دولار يوميا إلى منطقتين: جنوب آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
غالبا ما توجد معدلات الفقر العالية في البلدان الصغيرة والهشة وتلك التي تعاني من النزاعات.
هناك واحد من كل أربعة أطفال دون الخامسة من العمر في العالم يعاني من قصر القامة مقارنة بعمره.
المصدر: “موقع الأمم المتحدة الإلكتروني”[/quote]

وتضيف الاستراتيجية أن ما زاد القلق من هذا التراجع، أنه لم يقف عند حدود التراجع النسبي الذي يعزى إلى تقدم القطاعات الاقتصادية الأخرى وحسب، بل تعداه إلى تراجع مستمر في القيمة المطلقة خلال الفترة 1991 – 2000، حيث انخفضت تلك القيمة من نحو 223 مليون دينار في العام 1991 إلى 114,6 مليون دينار فقط في العام 2000.
وتشير الاستراتيجية إلى أن خطورة تراجع القطاع الزراعي لا تنحصر في الجانب الاقتصادي، فثمة مقياسان آخران لا يقلان أهمية عنه: الأول، مقياس اجتماعي سياسي مركب مصدره دور الزراعة في وقف الهجرة من الريف إلى المدن، وما ينشأ عنها من تجمعات للفقر والبطالة في المدن وحولها، والثاني، مقياس بيئي مصدره ضرورة استغلال الموارد الاقتصادية الطبيعية من أرض ومياه وغطاء نباتي ليس فقط من منظور اقتصادي مباشر، وإنما من أجل المحافظة على هذه الموارد ومنع تدهور خصائصها في حال إهمال استغلالها.
وكان رئيس اتحاد المزارعين السيد عدنان الخدام، قد أكد في حديث سابق مع نداء الوطن إلى أن الخسائر التي يتكبدها القطاع الزراعي هي بسبب فشل السياسات الزراعية، كاشفاً عن أن اتفاقية التجارة الحرة تنص على انسياب السلع بين الدول الموقعة على هذه الاتفاقية، إلا أنه في ظل الأحداث الجارية لا تلتزم كافة الأطراف، وبالتأكيد أضرّت إجراءات رفع الحماية الحكومية عن المستوردات الزراعية بالمزارع الأردني.
الإفقار الممنهج
من الواضح أن الأردن كغيره من دول العالم النامية، كانت العولمة وبالاً عليه، ولكن ما يتسم به الأردن الرسمي، هو انصياعه الكامل لصندوق النقد والبنك الدويين، ولمنظمة التجارة العالمية، وبالتالي تنفيذ هذا الأردن الرسمي لنهج الإفقار الذي تعمل القوى الغربية على فرضه علينا.
ويلفت الرفيق جميل الخطيب في حديثه لـ نداء الوطن إلى أن غياب الارداة السياسية للاصلاح الاقتصادي والسياسي وتراجع الحكومات المتعاقبة عما وعدت به من إصلاحات في إدارة البلاد، وتعثر عملية الإصلاح التي بدأت منذ عام (1989)، بسبب نهج الخضوع التام لشروط صندوق النقد الدولي سيء السيط والسمعة.
هذه الشروط –يضيف الرفيق الخطيب- التي دمرت اقتصاد البلاد وأفقرت الشعب، بل وزادت في افقاره بسبب تلبية الحكومات المتعاقبة لكل ما يطلبه صندوق النقد الدولي عن رفع الدعم الكامل عن غالبية السلع الاساسية والطلب برفع أسعار المحروقات وفرض المزيد من الضرائب على العديد من السلع والمواد خاصة التي كانت معفاة أو مثل الادوية التي كانت تخضع لضريبة (4%) وسيتم زيادة الضريبة عليها لتصل إلى (12%) وكذلك تخفيض الاعفاءات الضريبية عن المواطنين وزيادة نسبة الضريبة على الدخل لمعظم العاملين.
مجمل هذا النهج الاقتصادي والسياسي للحكومات والمتمثل بالتبعية للمركز الرأسمالي الامبريالي وتضييق الحريات على المواطنين واتباع سياسة أمنية في التعامل مع قضايا العمال واحتياجاتهم من أجل تحسين ظروف عملهم والتهديد بالفصل وتجريم حق الاضراب للعمال.. كل هذا النهج أدى إلى تعميق ظاهرة الفقر وشمول العديد من شرائح المجتمع بهذه الظاهرة التي أصبحت هي السمة السادة لطبيعة حياة الناس في البلاد يحكمها البؤس والحرمان والجوع.
ويبدو أن نسب الفقر في الأردن مرشحة للصعود بشكل كبير، في ظل تعنت الحكومة وإصرارها على سياسات سابقاتها التي ساهمت بمنهجة الإفقار وتعزيز الفقر. والحديث عن خفض نسبة الفقر في الأردن إلى 5% بحلول عام 2020، ليس سوى بروباغاندا حكومية لن تجد لها أية انعكاسات حقيقية على الأرض.
عام 2017 مرشح ليكون عاماً صعباً على الأردن والأردنيين على الصعيد الاقتصادي وفق تصريحات حكومية سابقة، ولكنها بالتأكيد ستكون أكثر صعوبة على الفقراء وذوي الدخل المتوسط المرشحين لدخول خط الفقر إذا ما استمرت الحكومة في سياساتها وخططها الاقتصادية.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى