العنف الجامعي.. لماذا وإلى أين؟
لا تزال أصداء أحداث العنف التي جرت مؤخراً في جامعة مؤتة والتي أدت إلى وفاة الطالب أسامة دهيسات تثير العديد من الأسئلة التي راحت تفرض نفسها بقوة، لماذا تفشت هذه الظاهرة؟ ومن المسؤول عن امتدادها واتساعها لتشمل الجامعات كافة؟
إن القراءة الحصيفة للعنف الجامعي يجب أن تتم من خلال فهم الواقع المجتمعي وما يعيشه كذلك من عنف تفشى في السنوات الأخيرة.
إننا نرى في تعثر عملية الإصلاح السياسي والاقتصادي وبناء دولة المواطنة والقانون وعرقلتها من قبل قوى الشد العكسي، سبباً رئيساً في تكريس العصبيات والولاءات الفرعية على حساب الولاء للوطن والدولة.
فالعنف يحدث عندما يتعطل الحوار، ويعجز العقل عن القيام بدوره في عملية الإقناع والترويج للفكرة، عندها يتم اللجوء إلى وسائل وأدوات العنف. وتزداد المسألة خطورة عندما نرى العقل والحوار راحت تتقلص مساحته إن لم نقل اختفائها في مراكز العلم والمعرفة (الجامعات).
إن هذا بلا شك يدق ناقوس الخطر من أن الجامعات راحت تبتعد تدريجياً عن دورها الحقيقي التنويري والمعرفي والحامل للإصلاح، بل والمحارب ضد كل مظاهر التعصب والقيم السلبية في المجتمع.
ونحن الآن وجهاً لوجه أمام هذه الآفة الخطيرة وهذا التراجع في دور الجامعات نتساءل ألا يشعر أولئك الذين عملوا ولا يزالون يعملون على تجريف الحياة الحزبية والنشاط السياسي وإبعاد الجامعات عن المساهمة في عملية بناء الأجيال الشابة وحرفها عن دورها، ألا يشعرون من أنهم يتحملون مسؤولية هذه الظاهرة وتبعاتها؟
إن التعامل بخفة مع هذه الظاهرة وعدم البحث في جذورها، من شأنه أن يقود إلى تعميقها ومفاقمة نتائجها.
لقد بات ضرورياً البحث الجدي في الأسس لعملية القبول الجامعي ومراجعة الاستثناءات التي تتم وما يمكن أن يقود ذلك إلى خلخلة في أسس العدالة داخل الجامعة.
إن المعالجة الجدية والشاملة لا بد وأن تطال كذلك كل السياسات التعليمية ودفع الطلاب نحو البحث العلمي والابتعاد عن سياسة التلقي وتعزيز روحية الحوار والتسامح. عندئذٍ نكون قد وضعنا الجامعات على السكة الصحيحة ووفرنا لها الظروف للعب دورها المأمول.