العمالة الأردنية لدى الكيان الصهيوني.. تدمير لثقافة مقاومة التطبيع، من المسؤول؟!
بحسب تقرير نشرته صحيفة يديعوت أحرنوت العبرية وترجمه “صحح خبرك”، كشف التقرير عن أن العمال الأردنيين العاملين في الفنادق السياحية في (إيلات) يشكون من الرواتب التي تسلموها في عملهم الجديد داخل الكيان الصهيوني, والتي لا تقارن بما وعدوا به، وأنهم يفكرون بشكل جدي بترك عملهم, ولكن ما يمنعهم هو الشرط الجزائي والذي تبلغ قيمته حوالي 2000 دينار, حيث بيّن العاملون, أنهم قدموا للعمل بفنادق إيلات بحماس كبير ووعدوا براتب شهري مقداره 1150 دينارا, لكن الراتب الذي دفع لهم لم يتجاوز 350 ديناراً، بعد أن يتم خصم 9% من رواتبهم مقابل السكن والتأمين الصحي والتنقلات بين المعبر الحدودي ومساكنهم بحسب الاتفاق الموقع بينهم وبين الشركة التي أرسلتهم.
وأشار العمال إلى أنهم تركوا عائلاتهم, وذهبوا للعيش في العقبة لتسهيل تنقلهم إلى (إيلات)، وبعد نحو شهر من بداية عملهم بإيلات, اكتشفوا تعرضهم للخداع من قبل الشركة التي قامت بتوظيفهم.
وفي وقت لاحق، كشف مدير العمل والتأشيرات في سلطة العقبة الاقتصادية بأن هناك شركات تشغيل عمالة مسجلة في وزارة الصناعة والعمل وتمارس عملها في منطقة سلطة العقبة الاقتصادية في إيفاد عمالة إلى إيلات، منوهاً إلى وجود بروتوكول رسمي موقع بين العقبة وإيلات ينص على إيفاد عمال للعمل في مدينة إيلات في الأراضي المحتلة.
لجنة مقاومة التطبيع النقابية ومنذ أول يوم صرّحت فيه الصحف الصهيونية أن هناك خطة لاستقبال 1500 عامل أردني، بادرت اللجنة وبالتعاون مع وسائل الإعلام لعمل حملة للتحذير من خطورة هذا الموضوع.
ويؤكد الدكتور مناف مجلي رئيس لجنة مقاومة التطبيع النقابية في اتصال هاتفي أجرته معه نداء الوطن، أن هذه ليست عقود عمل بل هي عقود عمالة، وذلك بالمقارنة بالعمالة الفلسطينية، وكيف قام العدو الصهيوني باستغلال هذا الموضوع، أولاً لضرب الاقتصاد الفلسطيني إن كان في المجال الزراعي أو الصناعي عبر تفريغ القطاعين من الأيدي العاملة الفلسطينية. وثانياً عندما قام باستغلال العمال الفلسطينيين عبر استقطابهم لصنع عملاء له، منوهاً إلى أن هناك العديد من هذه الحالات التي تم القبض عليها من قبل المقاومة الفلسطينية. وبالعقيدة الصهيونية الاستخباراتية وكما هو معلن لديهم أنهم يعتمدون اعتماداً كبيراً على العنصر البشري، فإرسال الشباب الأردني إلى العمل لدى العدو الصهيوني هو في الحقيقة وضعهم في أيدي الشاباك والموساد الصهيوني.
فيما يؤكد الرفيق محفوظ جابر/ مقرر لجنة مقاومة التطبيع النقابية، إلى أن لجنة مقاومة التطبيع النقابية كانت قد حذّرت من خطورة الاتفاق الأردني – الصهيوني وتأثيره على الأردن وعلى العمالة الأردنية، وأن الشركات الأردنية التي تنشر الإعلانات لتوظيف العمال الأردرنيين هي تمارس عملية إتجار بالبشر، وأن المستفيد الوحيد من هذا الاتفاق هو العدو الصهيوني لأن مدينة “إيلات” هي المركز السياحي لشواطئ البحر الأحمر وأن توفير الراحة لهم ينعش السياحة التي تدر الدخل الأجنبي للكيان الصهيوني، إضافة إلى استغلال العمال الأردنيين برواتب أقل من رواتب العمال الإسرائيليين وعدم إعطائهم أي حقوق يحصل عليها العامل الإسرائيلي.
ويرى الرفيق جميل الخطيب عضو المكتب السياسي ومسؤول الدائرة العمالية للحزب أن الشباب والشابات تم إغراؤهم برواتب عالية وهم يفرون من غول البطالة في الأردن الذي وصل إلى مستويات عالية بحدود 30% من القوى العاملة، ويهربون من تعسف الكثير من أصحاب رأس المال والفصل التعسفي والتشريعات الظالمة لحقوق العمال. ولفت إلى أن السماسرة يساهمون بتوسيع مجالات التطبيع مع العدو وتوريط الشباب، نتيجة حاجتهم، في الخيانة والانخطاط الأخلاقي.
وأقر الرفيق الخطيب بأن دور الحركة العمالية تجاه سياسة التطبيع مع العدو الصهيوني ضعيفة جداً، فمنذ عقود تم القضاء على قوة العمال والحركة العمالية وذلك نتيجة إفراغ النقابات العمالية من العضوية للعمال وبناء جدار فصل تعسفي بين العمال ونقاباتهم، فأصبحت نقابات عمالية كرتونية وهمية لا تمثل سوى القائمين عليها من قيادات نقابية تم شراؤها وتشغيلها للدفاع عن أصحاب رأس المال وعن النهج الاقتصادي المنحاز بالمطلق لصالح رأس المال والمساسرة والوكلاء. هذه النقابات لا تقوم بأي دور يعبر عن مهمتها في الدفاع عن الطبقة العاملة، فحجم القوى العاملة في الأردن يصل إلى ما يقارب المليون ونصف عامل ومستخدم ولا يصل عدد المنتسبين منهم للنقابات العمالية (الكرتونية) إلى مائة ألف عامل.
العمالة الأردنية.. تطبيع جديد مع الكيان الصهيوني:
يؤكد د. مناف مجلي أن لجنة مقاومة التطبيع النقابية كانت قد حذرت الشباب وأهاليهم من الوقوع في هذا الفخ والشرك الصهيوني، وتم متابعة ورصد للشركات التي تتعامل بهذا الموضوع، ووضعت اللجنة ثلاث شركات في قائمة المطبعين (الشركة الأولى للتوظيف، شركة المهند، مركز ثقافي اسمه مركز فلوريدا) لثبوت تعاونهم مع سلطات الاحتلال الصهيوني لإرسال العمال الأردنيين.
فيما يرى الرفيق جميل الخطيب أن هذه الاتفاقية بين العدو الصهيوني والحكومة الأردنية ليست بالمفاجئة، فهي ترجمة وتطبيق (خلاّق) لاتفاقية العار والذل (اتفاقية وادي عربة)، وهي ضمن سلسلة من المشاريع المشتركة لخدمة اقتصاد العدو وفرض التعامل والتطبيع معه على المستوى الشعبي بعد أن يتم خنق العمال والشباب بظروف قاسية وبؤس وفقر، فهناك مشروع ناقل البحرين ومشروع معبر حدودي في البحر الميت، كل هذه المشاريع في خدمة العدو والسماسرة عندنا ولا يستفيد منها العمال، المطلوب تحويل الأردن كجسر عبور واسع للصناعات الصهيونية إلى كافة أنحاء العالم.
ويشير الرفيق محفوظ جابر إلى أن اتفاقيات التطبيع الرسمي بين الحكومة الأردنية وحكومات العدو الصهيوني لا يتم نشرها وتبقى سرية بسبب تخوف الحكومة من ردات الفعل الشعبية ضد التطبيع، وعندما يتسرب اتفاق ما تطبيعي، تلجأ الجهات الرسمية الأردنية إلى النفي وعدم علمها بالموضوع.
الوضع الاقتصادي.. هل هو مبرر؟
وحول أثر الأوضاع الاقتصادية الصعبة على المواطنين، يقول الخطيب أن هذه سياسة منظمة ونهج منظم تمارسه هذه الحكومة (حكومة عبدالله النسور) حكومة الجباية، وكل الحكومات التي سبقتها لتصل بالبلاد والعباد إلى ما نحن عليه من بؤس الحياة والفقر المدقع والظلم والاستغلال وتدمير كل مقدرات البلاد الحيوية (قطاع الزراعة والصناعة) لصالح قطاع الخدمات وفتح الأبواب على مصراعيها أمام العمالية الوافدة التي وصلت إلى 350 ألف عامل وافد بدون تصاريح عمل. هذا الوضع السيء أدى إلى دفع الشباب والشابات للاتجاه للعمل في الكيان الصهيوني للحصول على دخل يؤمن لهم حياة (كريمة) برغم عدم وجود كرامة لمن يعمل مع العدو الصهيوني.
ويشير الرفيق محفوظ جابر إلى أن الأوضاع الاقتصادية السيئة هي دافع أساسي للعامل الأردني أن يذهب إلى العمل في الكيان الصهيوني، ولكن عدم الوعي بخطورة عملهم هو الأهم، وعلينا الانتباه أن كل عامل أردني يحل مكان عامل إسرائيلي ليذهب العامل الإسرائيلي إلى موقعه العسكري ويشارك في قمع الانتفاضة الفلسطينية الحالية، ولا أعتقد أن عمالنا الأردنيين يرضون بذلك، إضافة إلى أن العمل في الكيان الصهيوني هو دعامة لاقتصاد العدو ويشجع على بقاء الاحتلال على أرض فلسطين.
ويشاركهم الرأي الدكتور مناف بأنه لا يجوز بأي شكل من الأشكال، العمل لدى العدو الصهيوني وتحت أي مبرر، فبالنهاية هذا هو العدو الرئيسي لنا، ولا يجوز أن نضيّع الوطن بحجة الحاجة المادية.
والأردن عموماً يحوي ملايين العمال الوافدين وهم يرسلون ملايين الدولارات كحوالات، فلو أراد ذلك الشباب العمل في الأردن، والعمل موجود، ولا ندري هل العمل في مهن بغض النظر عن المهنة فثقافة العمل يجب أن تكون مقدسة، والعديد من العمالة غير الأردنية تحقق أرقام ورواتب أكثر مما يأخذ العامل الأردني في الكيان الصهيوني. وبالنهاية من يريد العمل فالعمل موجود في الوطن.
لجوء شباب وصبايا الوطن للعمل لدى الكيان الصهيوني، يدق ناقوس الخطر من وصول التطبيع مع هذا الكيان إلى مستويات لم نكن نتوقعها سابقاً. والطريقة المهينة التي تم التعامل بها مع هؤلاء الشباب، تؤكد أن الحكومات الأردنية المتعاقبة معنية بشيء واحد فقط هو الحفاظ على معاهدة وادي عربة وتكريسها كأمر واقع، أما كرامة المواطن الأردني فهو “آخر همها”. وما قضية الشهيد رائد زعيتر، إلا دليل آخر على يأس المواطن الأردني من أن تحافظ هكذا حكومات على كرامته.
ويبقى الدور الأهم هو للقوى الوطنية والنقابية المطالبة بالعودة إلى تفعيل كافة لجان مجابهة التطبيع والوقوف بكل جدية وجرأة في مواجهة أي اختراق تطبيعي.