مقالات

العلاقة الجدلية بين العجز والمديونية /بقلم: عبدالمجيد الخندقجي

العلاقة بين العجز المالي والمديونية العامة، علاقة قوية جداً ، ذلك أن العجز المالي يقود إلى الإقتراض لتغطيته، والمديونية بما تفرضه من ضغوط على الموازنه (أقساط + فوائد) تعمل على نمو العجز في الموازنة.

والعجز نوعان، كما تشير النظريات الاقتصادية، النوع الأول يسمى العجز الحسابي وهو الفرق بين النفقات العامة والإيرادات العامة، فقد بلغت قيمة النفقات العامة في موازنة 2016 ما مقداره (8496) مليون دينار بينما يبلغ اجمالي الإيرادات العامة (7589) مليون دينار وهنا تكون قيمة العجز (907) مليون دينار يضاف إليه العجز في موازنات الوحدات الحكومية المستقلة ومقداره (376) مليون دينار وعجز سلطة المياه (302) مليون دينار يصبح مجموع العجوزات (1585) مليون دينار للعام القادم 2016.

أما النوع الثاني، والأهم فهو العجز الاقتصادي، ويمثل الفرق بين الأهداف الاقتصادية والاجتماعية التي يفترض أن تتضمنها الموازنة العامة وبين الأهداف الفعلية الممكنة التحقيق مترجمة بتخصيصات الموازنة.

ومن الطبيعي أن يكون هناك عجز اقتصادي لأن الأهداف الاقتصادية والاجتماعية التي يفترض تحقيقها تكون دائماً غير ممكنة التحقيق بحكم محدودية الموارد أو الايرادات العامة.

إن التمويل بالعجز، هو زيادة متعمدة في الإنفاق على الواردات، وهي سياسة عندما تتبعها الحكومة تأخذ شكل اعداد موازنة بها عجز ممول بالاقتراض بهدف تنشيط الاقتصاد الوطني.

في هذه الحالة يصبح الدين ليس مشكلة، لو ارتبط بتمويل المشاريع الإستثمارية التي تخلق أنشطة اقتصادية وطاقات إنتاجية إضافية تساعد في خلق آليات لمصادر إيرادات جديدة تضمن عملية خدمة الدين، ولا تدخل الموازنة في حلقة مفرغة تؤدي إلى مزيد من العجز ثم المزيد من المديونية وما يترتب عليها من آثار مدمرة للاقتصاد كما هو الحال في تمويل العجز المالي في الأردن، حيث يتم الاقتراض لتمويل النفقات الجارية التشغيلية التي تزداد سنوياً، وزيادتها على حساب الإنفاق الإستثماري. وفي حالة الأردن تتضخم النفقات الجارية التشغيلية فتكون النتيجة ارتفاع معدلات التضخم.

في الأردن، هناك تنامي مفرط في الاقتراض، حيث وصل اجمالي الدين العام إلى أرقام مخيفة (24.5) مليار دينار بفوائد تزيد على (1.1) مليار دينار (طبعاً لم نلحظ في قانون الموازنة كم تبلغ قيمة الاقساط) لأن ما ذكر هو الفوائد، والمشكلة التي لا تجد الحكومة أو لا تريد أن تجد لها حلاً، لأن القرار الاقتصادي في يد الصناديق المالية العالمية (صندوق النقد، والبنك الدوليين) وهذه الديون التي تنمو بدون توقف، تستخدم إما للإنفاق الجاري، وإما لسد جزء من العجز في الموازنة، وإما لسداد أعباء الدين العام. وهذا ما لاحظناه في بيان وزارة المالية حول الموازنة، وكما نلاحظه في كل موازنة سنوية، لم نلاحظ أن القروض توجه للإستثمار في مشاريع انتاجية (صناعة + زراعة) بحيث تغطي إيراداتها جزءاً من المديونية.

لقد ارتفعت قيمة النفقات الجارية (539) مليون دينار، بينما ارتفعت النفقات الرأسمالية إلى (1311) مليون دينار وبنسبة (19.6%) وما مقداره (215) مليون دينار مع الإشارة إلى أن هذا الارتفاع لم يتم توجيهه إلى مشاريع ذات قيمة مضافة، ما يعني أن الحكومة ستظل تدور في حلقة مفرغة، اقتراض يؤدي إلى عجز ثم اقتراض من جديد. 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى