العدالة المفقودة لفلسطين…عبد المجيد دنديس
على أثر الحرب العدوانية الصهيونية على قطاع غزة في صيف العام 2014 والتي أدت الى استشهاد 2140 مواطناً فلسطينياً غالبيتهم من المدنيين والأطفال والنساء، والآلاف من الجرحى، والتدمير الممنهج للبيوت والمؤسسات التعليمية والخدمية والصحية، تم تشكيل لجنة من مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، للتحقيق في جرائم حرب محتملة ارتكبت خلال الهجوم الصهيوني على قطاع غزة الصيف الماضي.
وعين مجلس حقوق الإنسان في آب الماضي القاضي الكندي وليام شاباس رئيسا للجنة التحقيق المؤلفة من ثلاثة خبراء والتي من المفترض أن تنشر تقريرها في شهر آذار القادم.
وقد تعرض القاضي منذ لحظة تعيينه لهجوم صهيوني على شخصه، وعلى قرار تشكيل لجنة التحقيق، واعتبر الكيان المجرم أن تعيين القاضي غير ملائم على الإطلاق ويؤكد على الطابع المنحاز والمسيس لهذه اللجنة ولتفويضها.
ونتيجة للضغوط الأمريكية والصهيونية قرر القاضي الكندي وليام شاباس تقديم استقالته من رئاسة لجنة التحقيق، والجريمة التي ارتكبها هذا القاضي بنظر العدو الصهيوني أنه لم يشر عند تعيينه رئيسا للجنة أنه قدم استشارات قانونية لصالح منظمة التحرير الفلسطينية عام 2012.
ردود الفعل على قرار القاضي كانت الأسرع من الكيان الصهيوني الذي رحب باستقالة القاضي الكندي وليام شاباس، وندد بتشكيل هذه اللجنة “المنحازة” و”المناهضة للكيان الصهيوني”، ووصف القاضي بأنه عدو الدبلوماسيين الصهاينة، وتوقع أن لا يكون هناك أي تأثير على نتائج التحقيق المعدة مسبقا وهدفها الوحيد الإساءة للكيان الصهيوني.
قرار القاضي الكندي الاستقالة من رئاسة اللجنة شكل صفعة جديدة للمجتمع الدولي ولكل هيئاته وعلى رأسها الأمم المتحدة، ولكل الذين يتبجحون بالحديث عن حقوق الإنسان، ويعيدنا الى تجارب سابقة مرتبطة بالصراع العربي الصهيوني، وسلسلة المجازر التي ارتكبت بحق الشعب العربي الفلسطيني، وآخرها بالتاريخ القريب مجزرة صبرا وشاتيلا، مجزرة مخيم جنين، كلها تم الالتفاف عليها وتجاوز نتائجها، وتهرب الكيان الغاصب من المحاسبة، ويضع قادته أمام محاكم جرائم الحرب الدولية.
تقرير جولدستون حول العدوان على غزة عام 2008 لا زال ماثل للعيان كيف تم إجهاض نتائجه رغم الضغط الكبير من المؤسسات الحقوقية الدولية، والتي أدانت بوضوح العدوان الصهيوني على قطاع غزة، الا أن الضغط الأمريكي الصهيوني أفشل هذه المحاولة الجادة لوضع الكيان الصهيوني أمام المحاكم الدولية.
خلاصة القول رغم أهمية لجان التحقيق الدولية، وانضمام منظمة التحرير الفلسطينية لمعاهدة روما مؤخراً، الا أن الدرس المستخلص هو عدم المراهنة كثيراً على إحداث أي تغيير حقيقي في ظل الانحياز الأمريكي للكيان الصهيوني، والرهان الرئيسي هو بإعادة الاعتبار للمشروع الوطني الفلسطيني، ولخيار المقاومة بكل أشكالها.