العالم أكثر تطرفا وعنصرية.. الجولان بعد القدس / جهاد المنسي
واضح تماما أن الرئیس الأمیركي دونالد ترامب یواصل سیاسة الامر الواقع والتفرد وضرب عرض الحائط بكل القرارات الدولیة، ولا یرى فیھا أي قیمة مضافة. فلو تتبعنا مواقفھ خلال فترة حكمه التي ناھزت عامین ونیف سنجد أن الرجل داس على قرارات الامم المتحدة، ومزق میثاقھا عندما قرر نقل سفارة بلاده الى القدس المحتلة، والاعتراف بھا عاصمة للكیان الصھیوني، رغم أن القرارات الدولیة تقول أن القدس محتلة، والكیان احتلال یجب أن یرحل.
الیوم، یعید ترامب الذي بات رمزا للعنصریین في العالم، ما سبق أن اقدم علیھ بشأن القدس، فیمھد للاعتراف بالسیادة الصھیونیة على الجولان السوري المحتل، ویمھد لنزع كلمة الاحتلال عن الأراضي الفلسطینیة والسوریة التي احتلت العام 1967 ،ما یعني الاعتراف بالاحتلال، والقاء القرارات الأممیة التي تحدثت ووثقت للاحتلال الصھیوني وادانتھ وطالبت بانھائھ في سلة المھملات.
الرئیس الأمیركي ما یزال یمارس سیاسة شوفینیة بغیضة ضد الحقوق الانسانیة، والشرعیة الدولیة، ویرید أن یمنح الكیان الصھیوني أكبر قدر ممكن من التنازلات قبل انتھاء ولایته التي لا یعرف إن كان سینتخب بعدھا لولایة ثانیة أم لا، وھو أیضا مارس سیاسة بغیضة ضد المكسیكیین والأمیركیین الجنوبیین، عندما قرر بناء جدار عازل بین بلاده وأمیركا الوسطى والجنوبیة.
الكلمات التي یستخدمھا ترامب في خطاباته باتت تقنع عنصریین غربیین یرون أن ما یجود به الرئیس الامیركي من كلام خارج سیاق الفكر الانساني ایقونة یتوجب التمسك بھا، ولعل ما صرح به سفاح نیوزلندا حول عدم ندمھهورفضھ للمھاجرین لأسترالیا ونیوزولندا، وتوعده لبعض القادة في العالم بالمحاسبة یصب في ذات الاتجاه الشوفیني الذي تم التعبیر عنه من قبل ترامب تجاه المكسیكیین.
ارھابي نیوزلندا انطلق من قناعة تحدث عنھا الرئیس ترامب حول المھاجرین المكسیكیین لبلاده في فترة ترشحه، ووصفھم آنذاك بأنھم مجموعة من (المغتصبین)، وھو ما تم التعبیر عنه بقوة في الفیلم الھولیودي (دیزیرتو)، الذي جاء لتعریة سیاسة ترامب، حیث یقتل بطل الفلم جیفري مورغان المھاجرین المكسیكیین للولایات المتحدة من خلال قنصھم، واطلاق كلبھ المتوحش علیھم لنھش اجسادھم.
الفیلم یتحدث عن مجموعة مھاجرین للولایات المتحدة تعطلت بھم شاحنتھم القدیمة، فاضطروا إلى إكمال الرحلة مشیاً على الأقدام، على الجھة الأخرى ھناك سام (جیفري دین مورغان) یركب سیارتھ المعلق علیھا علم الولایات الكونفدرالیة الأمیركیة زمن الحرب الأھلیة، ویحمل بندقیة صید، سام یصطحب كلبھ الوفي المرعب ”تراكر“، ویتجول عند الحدود مشحوناً بكراھیة مقیتة ویقول: (إنھم یتدفقون)، فلا یتردد في رفع بندقیتھ وقتلھم واحداً تلو الآخر.
من یشاھد الفیلم، ومن ثم یفكر فیما جرى بمسجد النور بنیوزلندا وتصریحات القاتل، یعرف تماما أن الكراھیة التي زرعھا ترامب عبر سني حكمھ بدأت تؤتي أكلھا، وإن العالم بات اكثر عنصریة وتطرفا من ذي قبل، وإن الارھاب الذي مورس من قبل سفاح نیوزلندا ومن قبل سفاحین صھاینة سبق لھم أن فعلوا الامور عینھا، سواء في مسجد دعمش في اللد الذي ذھب ضحیتھ 160 شھیدا من اطفال وشیوخ ورجال كانوا یؤدون صلاتھم بھدوء وسكینة، العام 1948 ،وارھابھم في الحرم الابراھیمي بالخلیل عندما قتل وحش بشري 35 شخصا وھم راكعون في صلواتھم.
ما یجري في العالم وضرب بعرض الحائط بحق الشعوب بالعیش بإنسانیة وكرامة، وإشاعة سیاسة البغض والعنصریة والتطرف بدل سیاسة السلام والسكینة والوئام، كلھا تؤسس لمرحلة من مراحل العنف العالمي الذي سیقبل علیھ العالم في حال بقیت السیاسة الأمیركیة الحالیة تصب في صالح الكیان الصھیوني، وطالما بقي الرئیس دونالد ترامب یمارس سیاسة رفض الاعتراف بحقوق الاخرین والانحیاز بالكامل للفكر الصھیوني المتطرف.
لا یكفي القول إن القدس عربیة فلسطینیة، وإن الجولان سوریة، وانما یتطلب الامر إعادة الاعتبار للمقاومة فعلا وقولا، ودعمھا، فالشرائح الدولیة كفلت الدفاع عن الارض ومقاومة الاحتلال، فھذا حق للشعوب والدول معا.