الشعب الفلسطيني ينتفض..
تشهد الأرض المحتلة منذ بداية تشرين الأول هبّةً جماهيرية شملت عموم الأرض المحتلة، هذه الهبّة أخذت تتسع وتزداد زخماً يوماً بعد يوم، وإذا كان استشهاد مهند الحلبي وفعله البطولي، الشرارة التي أشعلت النار في جسد العدو الصهيوني، فإن هذه الهبّة لا يمكن عزلها عن مسلسل الأحداث وردود الفعل التي رافقت جريمة حرق عائلة الدوابشة، والتي أودت بحياة العائلة بأكملها، على أيدي قطعان المستوطنين الإرهابيين.
إلا أن الاعتداءات الصهيونية المتكررة على المسجد الأقصى ومساعي العدو لتقسيمه زمانياً ومكانياً، والاعتداءات على المرابطين والمرابطات في المسجد، كل هذا كان رافداً لرفع مستوى الاشتباك والتصدي للعدو الصهيوني.
هذا وليس غريباً أن تنطلق الهبّة من القدس، فالقدس وما تمثله من مكانة دينية ووطنية بالنسبة للشعب الفلسطيني، ويدلل على ذلك أن شرارات الهبّات الأولى انطلقت من القدس عام 1919 و 1920. فالسياسات الصهيونية لتهويد القدس وتكثيف الاستيطان ومصادرة الأراضي، كلها كانت عوامل لانطلاق هذه الهبّة.
لقد نجحت هذه الهبّة حتى الآن من توحيد فلسطين على مستوى الجغرافيا وعلى مستوى الديموغرافيا، ووقف الشعب الفلسطيني في أماكن وجوده كافة، في الضفة وغزة وفي المحتل من أرضنا عام 48 ليقول للجميع: كفى، كفى تكبيلاً لإرادة الشعب الفلسطيني، وكفى عزلاً لهذا الشعب وإبعاده عن قضيته الوطنية. فها هو الشعب يعلن عن استعادته لدوره المقاوم وهزيمة مسعى السلطة في حصر مظاهر المقاومة بسلوكيات لا عنفية، حتى لا تستفز العدو الصهيوني.
وإذا كانت الهبّة قد حققت في هذه الأيام القليلة هذا الإنجاز، فإن مخاطر عدة تواجه هذه الهبّة، هو الانقسام الفلسطيني الفلسطيني الذي شكّل جرحاً غائراً ونزفاً مستمراً في جسم الشعب الفلسطيني ولا يزال يفعل فعله السلبي حتى الآن، فالمطلوب الآن، تجاوز هذا الانقسام، وتشكيل قيادة وطنية موحدة لقيادة هذه الهبّة ودفعها نحو الأمام وصولاً إلى الانتفاضة الشاملة.
وفي الآن ذاته، فإننا نحذّر من محاولات السلطة سعيها للاستفادة من هذه الهبّة لتحسين ظروفها في عملية التفاوض مع العدو الصهيوني، الأمر الذي تسعى من أجله سواء كان من خلال محاولتها للاحتواء، أو قمعها من خلال أجهزتها الأمنية.
لقد دلل الشباب الفلسطيني على عظمة هذا الشعب، وعظمة الروح الثورية التي يمتلكونها، ولعل الحضور الفاعل للفتاة الفلسطينية في هذه الهبّة ووقوفها جنباً إلى جنب مع الشاب دفاعاً عن الوطن، يدلل على درجة انتشار هذه الهبّة وامتلاكها لكل عناصر نجاحها.
فتحيةً لهم والمجد للشهداء..