الشرفة / إبراهيم منيب المومني
كان موعداً تزهر فيه الشرفة ، و يوخز فيه القلب ..
في الخميس الفائت حين صارح زميل سكنه بحبه لجارته طرية العُمر ، توجس و قال : لا يغرك المكياج يا محمود ، خابرك عاقل
ثم مضغ رأس لفافته واضاف : بعدين انت خاطب ، ولا نسيت ..
هذه الحقائق الصغيرة التي تتقافز كالأرانب ، تسلب الأمر ورديته و تتركه كقمامة في ليل المدينة .
خرج عند السادسة ، أعد القهوة و انتظر شروقها ، كانت تحمل كتاب ” الثقافة العامة ” في يدٍ، و توقد الحرائق في هشيم القروي اليابس.
ابتسمت له ، وحيته تحية الجارة اللعوب، فرفع يده كشاهدة القبر أمام غيوم خديها، جامدة ظلت يده، عالقة لدقيقة ربما، تذكر خطيبته التي قد تكون تحت ضرع بقرة أو فوق درّاسة القمح.
” أتاري الحب بوجع “
ضحك زميل غرفته حتى غص و قال : الله يعوض ع امك ، انت بيش و اني بيش
– انت بيش ؟
– بدي مصاري ، عشان هيك اجيت ع عمان
– المصاري مش كل اشي
يقهقه بدرامية ، ويترك له الاشياء الأخرى حسب تعبيره.
في اليوم التالي أعد الشاي و انتظر، سمع أصوات زغاريدٍ لها وقع بربري في النفس ، نزل الى قاع الحي وسأل أول طفل شاهده
( ياسمين خطبت يا عمو )
تذكر مأساته ، و تذكر زميل سكنه، غرس الفأس في الأرض، واطئا كبد الذكرى البعيدة و التي تشوب وقاره بوقاحة وصلف ، ثم نهش الضحك صدره .