السلطة ما بين المطرقة “الإسرائيلية” والسندان الفلسطيني المقاوم
ما تشهده فلسطين المحتلة من مقاومة تتعدد أشكالها بين الكلمة والرصاصة والحجر، في مشهد يومي خلال الثلاث سنوات السابقة، هذا المشهد الذي يواجه فيه الفلسطيني الاحتلال الاستيطاني المستعمر لوحده.
نعم لوحده، إن المجابهة الفردية في شوارع القدس، ومدن فلسطين كافة تعبر عن أن الفلسطيني يئس من كل الوعود التي أطلقت.
هذا الوضع يفرض على الجميع إعادة قراءة المشهد والتدقيق باتفاقية اوسلو وملحقاتها وما نتج عنها. اتفاقية اوسلو غير أخواتها من وادي عربة أو كامب ديفيد. حيث وقعت الأخوات من على قاعدة دول معترف بها، أما أوسلو فقد وقعت على أساس وعود فهمها بعض الفلسطينيون( بحسن نية) بالرغم من التحذيرات التي رافقت التوقيع. وعلى مدار أكثر من 20 عاما، كل يوم تثبت الأحداث أن أوسلو أراد منها الفلسطيني إطارا وطنيا في حين ارادها «الإسرائيلي» إطارا أمنيا يحمي من خلاله مستعمرته التي أقامها على الأرض الفلسطينية.
السلطة الفلسطينية اليوم أصبحت في مازق بين السندان الفلسطيني المقاوم والمطرقة «الإسرائيلية».
«الإسرائيلي» وحلفاؤه من عرب وغرب يرون السلطة مؤسسة أمنية عليها ضبط الغوغائيين والإرهابيين حسب تصنيفاتهم المدرجة في لوائح إرهابهم، وتطالب السلطة وبشكل دائم محاربتها والتضييق عليها.
السلطة تطلب وقتا لكي تقوم بتجريد المقاومين من أسلحتهم السياسية والعسكرية. فقد نجحت على مدار السنين السابقة من تفريغ فتح من محتواها الوطني التحرري واستخدمت تاريخها كسلاح في وجه المقاومين. في البداية نجحت في التضليل ولكنها الآن لم تعد تستطيع استخدام هذه الخديعة فقد قام الاحتلال «الإسرائيلي» بكشف زيفها، وأكد كل يوم على أن السلاح بيد اجهزة السلطة وظيفته باتجاه واحد هو ترهيب الفلسطيني وإن تطلب الأمر مواجهته وقتله كما حدث قبل سنوات في قلقيلية عندما صفت أجهزة السلطة بقيادة (الضميري) المقاومين.
الفلسطيني أصبح في وضع عبثي بين نفاق السلطة وقمع الاحتلال. فاختار الخيار الفردي في المواجهة، هذا الخيار الذي يعني أن يقوم الفلسطينيون بإعادة بنائهم الذاتي على قاعدة خيار الفكرة التحررية التي تعني الترابط بين القلم والرصاصة والحجر. إن عودة الفدائي الفلسطيني بأسلوب اضرب واهرب هو تذكير لفكرة بداية النضال الوطني التي تعني أن حياة المقاوم هي أولوية لأننا فدائيون نتطلع لحرية الإنسان من أجل حياة وطنية كريمة. هذه الحياة التي افتقدها الفلسطيني على مر عشرات السنين بين اللجوء والهروب والملاحقة والاغتراب.
عودة الفدائي هي مؤشر لأهمية إعادة البناء الفلسطيني على أساس فكرة الفدائي الوطني التحرري المقاوم مسلحا بالفكرة والرصاصة والحجر.
الصراع الآن أصبح في أوضح صوره، وانكشفت المنطقة الرمادية بين فكرة الفدائي بما تعنيه من قلم ورصاصة وحجر وبين فكرة المستعمر الاستيطاني وأجهزته الأمنية بغض النظر عن مسمياتها أو أجناسها.
“إسرائيل” كانت في السنوات السابقة تنشد الحماية من محيطها لكن المعادلة الآن اختلفت فمحيطها أصبح يطلب منها الحماية إن كانت سياسية أو اقتصادية أو أمنية أو عسكرية.
أجهزة السلطة لا يمكن أن تستمر بدون التمويل المدعوم «إسرائيلياً» وغربيا وهي تعي أن استمرار الدعم مرتبط باستمرار القمع للمقاومين، التي تطلب السلطة أن يكون متدرجاً كي لا تسقط أخلاقياً. لكن التغول «الإسرائيلي» يضعها في مأزق، خاصة عندما يقتحم ويهدم ويقتل تحت شرفات منازل قادة السلطة وأجهزتها.
فعلى ضوء هذه المعادلة الجديدة يجب على الفلسطينيين وقواهم أن يعيدوا بناء استراتيجية المقاومة على قاعدة رمزية مخيم الأمعري، بما يعنيه من جمعية الوطني التحرري لفلسطين أن المهمة الفلسطينية تتطلب حل المهمات الوطنية التحررية، لا ان نبحث عن مخارج لعدوانية واستعمارية «“إسرائيل”».
وعلى البعض الذي يرى أن هنالك ما زالت إمكانية للمشروع الوطني من خلال السلطة، فصفقة القرن وشروطها أسقطت هذا الوهم، وعليهم أن يراجعوا مواقفهم للعودة للخيار الوطني التحرري.