آراء ومقالات

السراب في تفكيرنا | د. سعيد ذياب

تبلغ مساحة الصحراء حوالي ١٢ مليون كلم مربع من مساحة الوطن العربي اي مانسبته حوالي ٨٨%من المساحة الكلية، والصحراء بما تمتلكه من الظواهر الفيزيائية المتعددة، فإنها تنعكس على فكر الناس القاطنين فيها وفي تفكيرهم بل وحتى معتقداتهم.

من بين هذه الظواهر السراب باعتباره ظاهرة بصرية وهمية تنتج عن انكسار الضوء بسبب اختلاف درجات الحرارة، تبدو الاشياء البعيدة وكأنها قريبة وكان بحيرة ماء تطفو على السطح، وكلما اقترب سرعان ما يتبدد الوهم لتعود وتظهر في اماكن اخرى.

يبدو لي ان ظاهرة الوهم انعكست على مجمل تفكيرنا وبشكل خاص في المحطات الصعبة كالتي نعيشها هذة الايام، حيث يمارس الكيان الصهيوني ابشع صور الاجرام والابادة بحق اهل غزة، هذة الصورة دفعت العديد منا الى الخضوع للوهم والسراب والاعتقاد بان ٥٧ حاكما عربيا ومسلما يمكن ان تشدهم النخوة القومية او الانتماء والحس الانساني كي يستجيبوا لاستغاثة اخوتهم في غزة، لكن هذا السراب سرعان ما تبدد لتكتشف جموع شعوبنا ان كل ما رأته كان سرابا، وهي وان ظنت لبرهة من الزمن خيرا فيهم سرعان ما عادت الى وعيها السابق بأنهم حكام تابعون تحركهم ارادة ومشيئة الامريكي والصهيوني، بل ان هذا الكيان بات يفرض مفاهيمه وتوصيفاته على هؤلاء الحكام، باتوا ملتزمين بأن المقاومة ارهاب.

اصبح ما كان صعبا ان لم يكن مستحيلا اصبح ممكنا ان يقف البعض من هؤلاء الحكام بجانب العدو بل والتشارك معه في ضرب الشقيق، واصبح الحياد ودور الوسيط قمة الإنجاز، اسقطوا من حساباتهم ان اسرائيل خطرا على الامن القومي، استمرأو الذل والخضوع ، وشعوبنا وان أبدت درجة من التمرد على هذا الواقع، الا ان هذا التمرد لا يزال غير كافيا لتجاوز حالة التخاذل الرسمي، من كان يصدق ان الدعاء لاهل غزة ممنوع يحاسب علية الائمة في بعض الدول العربية؟

لقد وضعتنا غزة امام تحدي جدي وحقيقي تحدي التمسك بكرامتنا بشرفنا، تحدي الوجود الحر، بتنا نترقب كل ما يحرك هذا الركود، لأن بات فاسدا وكريها بكل المقاييس، بتنا نكيف سياساتنا بما يتلائم مع رغباتنا، اما ان الاوان لنعيش حياتنا بحرية؟

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى