لآخر المستجدات تابعنا على قناة تلغرام

تابعنا
أخبار محلية

الدكتور رياض النوايسة لـ نداء الوطن: من يضع التشريع هو السلطة الحاكمة وغالبية النواب يعبرون عن إرادة السلطة وليس إرادة المواطنين

نلتقي في هذا العدد مع الدكتور رياض النوايسة عضو البرلمان الأردني السابق ومنسصق حملة مئوية وعد بلفور، وحديث عن المجالس النيابية وصورتها أمام الرأي العام الأردني. كما نتطرق إلى ضعف الحراك وعجزه عن تحقيق مطالبه، إضافة إلى الحديث حول آخر الخطوات العملية لحملة مئوية وعد بلفور.
انقسام المجتمع سهّل على السلطة فرض إرادته

نداء الوطن: أنت من النواب القلائل الذين تركوا بصمة واضحة في الحياة البرلمانية، كيف تقرأ مشهد الحياة البرلمانية اليوم، ولماذا هذا الضعف في البرلمان؟ أي تكمن المشكلة؟

د. النوايسة: المشكلة مزدوجة، أنا أذهب أبعد من ذلك، منذ زمن بعيد المجالس النيابية وبمحصلتها النهائية، وليس كأشخاص، هي لا تعبر فعلاً عن مجالس نيابية حقيقية ترتقي لمستوى أن تكون سلطة تشريعية لوطن ولشعب.

السبب أولاً لا يوجد إرادة سياسية للإقرار بأن المواطنين هم أصحاب الحقوق السياسية ولهم الحق في تولي المناصب العامة وفي إدارة شؤون البلاد وتحديد مصيرها لدى السلطة الحاكمة، حتى لو افترضنا وهذا افتراض غير واقعي أن السلطة الحاكمة تريد أن تسير في هذا الاتجاه، فأعتقد بأنه ليس لديها القدرة وهي مغلوب على أمرها، لأنها مرتبطة في المشاريع الإقليمية داخل المنطقة. فالحلف الطبقي الحاكم ليس لديه الإرادة ولا يملك القدرة ولا يمكن أن يقوم بهذا السيناريو، وهذا يمثل القوة والقدرة داخل المجتمع، هذا الجزء الأول المتعلق بهذا الموضوع.

الجانب الثاني يتعلق بالمجموع الشعبي وما أراه أن هذا المجتمع أصبح مقسماً، وهذا التقسيم قائم على أساس مصالح آنية ضيقة، مصالح معاشية، ومحكومة بحالة العجز الذاتي. وحقيقة الأمر أن هذا المجتمع المنقسم على نفسه يهرب من مواجهة المسؤولية والاستحقاق الوطني الواجبة عليه والاستحقاق القومي المتوجب عليه، باتجاه الحفاظ على مكاسب خاصة به، وليذهب مصير الوطن بأي اتجاه، لا يعنيه هذا الأمر.

قانون الانتخاب ودوره في إضعاف البرلمان

نداء الوطن: هل قانون الانتخاب لعب دوراً في التمزيق؟

د. النوايسة: القانون منتَج، القانون ليس هو الفاعل هو نتاج، وأنا أتحدث عن الفاعل، الفاعل جهتان: السلطة الحاكمة ومجموعة الناس الشعب. القانون وضعته السلطة الحاكمة ولا أستطيع أن أقول بأن الشعب من وضع هذا القانون. ولأن مجلس النواب الذي يشرّع يتكون من جهتين، الأعيان وهم سلطة، ومجلس النواب، ومن البساطة بمكان، القول في مجلس النواب أن السلطة الحاكمة تترك الناس تنتخب نوابها كما تريد. لا هذا غير صحيح، السلطة الحاكمة تتدخل في هذا المجلس وتجبر أو تغري المواطنين أن ينتخبوا نواباً يعبرون عن إرادة السلطة الحاكمة ولذلك تلاحظ بأن غالبية النواب يعبرون عن إرادة السلطة الحاكمة وليس عن إرادة المواطنين.

إذن بالنتيجة من يضع التشريع هي السلطة الحاكمة، يتدخلون بطريقة مباشرة وغير مباشرة، وهم يتحملون كل هذه النتائج وهم الذين يخربون وعي المواطنين وهم الذين يحرفون المواطنين ويقسمونهم على أسس عرقية وعشائرية ومذهبية وطائفية.

نداء الوطن: ما تقيمك لأداء المجلس الحالي على الصعيد السياسي والاقتصادي والتطبيع واتفاقية الغاز؟ هل تعتقد بأن هذا المجلس قادر على مواجهة التحديات القادمة سواء على صعيد التسارع في عملية التطبيع وتصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن أو مصر، الخنوع الرسمي لإملاءات صندوق النقد؟

د. النوايسة: أنا أعتقد أن الدولة الأردنية بكل مكوناتها غير قادرة على مواجهة هذه التحديات بالوضع القائم، هذه التحديات كبيرة وهي أكبر من مستوى الأردن. هل هذا المجلس يعبر عن إرادة الشعب الحقيقية؟ باعتقادي أن هذا المجلس لا يعبر عن هذه الإرادة. هذا المجلس يعبر عن إرادة الشعب في حالة واحدة؛ لو قلنا أن هذا المجلس قام على أساس قانون انتخاب وطني حقيقي، بمعنى آخر، أن يكون لدينا قانون انتخاب يجعل الأردن دائرة واحدة ويبقي على أعداد النواب في المناطق المحددة كاملة العدد، نائب وطن وعلى برامج وطنية، عندها سيصبح لدينا مجلس نواب من نوع آخر مختلف وسيعبر عن إرادة الشعب، لذلك أعود وأقول أن المسؤول الأول هي السلطة الحاكمة هي التي تشرع قوانين منتجة، وبالتالي هذا المجلس هو منتج من السلطة.

نداء الوطن: كيف ترى الحركة الوطنية الأردنية؟

د. النوايسة: أراهن على أخطاء السلطة الحاكمة وتماديها، الحالة الموجودة القائمة أسوأ مما كانت عليه في 2010 و 2009 وحتى لـ 2005، وخاصة أن هذا السلطة الحاكمة لا تقدم شيئاً لمواجهة الأزمات المتفاقمة، وهذا سيتولد عنه شيء ستصب في صالح المواطن.

وللأسف لا يوجد لدينا حركة وطنية موحدة، هنالك مجموعة أحزاب لها امتداد وعمق تاريخي، ولكنها غير متفقة على الناحية العملية وحتى غير متفقة على برنامج وطني محدد، وحتى داخل هذه الأحزاب الموجودة أنا أعتقد أنه حتى هذه اللحظة لا يوجد لديها إمكانية لمراجعة المسيرة الذاتية، فضلاً عن أن هذه الأحزاب كل الظروف تعاندها ولا تستطيع أن تتقدم كثيراً لإنجاز شيء ملموس على الأرض. المراهنة الرئيسية على الأخطاء التي تقع فيها السلطة، وعلى الاستحقاقات الكبيرة التي سيواجهها الناس. هذه ستبقى محكومة للمستقبل، كم هناك من فئة أو مجموعة تستطيع أن تلتقط هذا الفعل؟!

مواجهة الكيان الصهيوني مهمة شعبية بالأساس

نداء الوطن: تم اختيارك بالإجماع بأن تكون منسق حملة مئوية وعد بلفور، كيف تقيم هذه الحملة وما هي الرهانات عليها، وأن هذه الحملة في بداية انطلاقها كانت منطلقة بقوة، إلا أن هذا النشاط تراجع بعد الاعتصام وتلمسنا فتوراً بالنشاط؟ هل سنشهد انطلاق لها في المحافظات، هل هذه الحملة ستكون فقط مئوية وعد بلفور أم أن تتحول إلى مؤسسة لمواجهة المشاريع الصهيونية في المنطقة؟

د. النوايسة: أتمنى أن تنتقل لدور مؤسسة، لكن التوجه العام للفكرة وأصحاب الفكرة هم في اخواننا في بريطانيا بأن تكون الحركة باتجاه توجيه الخطاب إلى العالم الغربي، وبالتحديد بريطانيا باعتبار أن بلفور وزير خارجية بريطانيا ومن ثم مجلس النواب والعموم والحكومة البريطانية وخلق رأي عام عالمي حول هذه الجريمة والآثار التي ترتبت عليها من خلال مثلاً جمع التواقيع.

نحن دورنا دور مساند لهذه الحملة وأعتقد أن سقف هذه الحملة هو سقف متواضع جداً، لأننا لا نتوقع من البرلمان والحكومة البريطانية أن تتبنى بمطالب هذه الحملة التي تتمثل بالاعتراف بالخطأ بوعد بلفور وتتحمل المسؤولية الأخلاقية بالتعويض والإقرار بحق العودة … إلخ، فلا نعتقد بأن هذا الأمر سيكون قائماً، لكننا نخوض معاركنا مع العدو بأكثر من اتجاه، وهذا يخدم قضية فلسطين والأمة العربية باعتبار أن القضية الفلسطينية هي القضية الجامعة التي لا يختلف عليها أحد، هذا الهدف المركزي.

السيرة الذاتية: – مواليد المزار، الكرك عام 1946 – أنهى دراسته الابتدائية والإعدادية في مدرسة المزار – أنهى دراسته الثانوية في مدرسة الكرك الثانوية حيث انتسب حينها لحزب البعث العربي الاشتراكي – حصل على بكالوريوس في الطب والجراحة من جامعة بغداد عام 1975 – شارك في الانتخابات التكميلية لمجلس النواب في عام 1983، واستطاع الحصول على مقعد في البرلمان عن الكرك. – حصل على بكالوريوس حقوق من جامعة بيروت العربية. – منسق الللجنة الوطنية الأردنية لحملة مئوية وعد بلفور

نحن داخل الأردن وفلسطين معنيون في هذا الأمر لأكثر من سبب أولاً لأننا نشعر ونلمس ونرى رأي العين بأن القضية الفلسطينية قد تراجعت من الاهتمامات العربية وبالتحديد من الاهتمامات العربية الشعبية ولدى المواطن العربي نفسه أمام احتياجاته اليومية المعيشية، بعيداً عن الأنظمة العربية، فنحن معنيون بإعادة تسليط الضوء على هذه القضية الجوهرية، ولذلك إذا كانت حتى التواقيع غير مؤثرة بشكل مباشر على الصعيد العالمي، فهي مؤثرة بشكل غير مباشر وبشكل كبير جداً، فالمفروض السبعة مليون يوقعوا على الورقة حتى الطفل الصغير يجب أن يوقع، وبخلاف ذلك لن نكون قد قمنا بالواجب.

نحن نتأمل أن يكون هناك لجان في المحافظات وهناك عدد من اللجان مشكلة في إربد والزرقاء والبلقاء ولاحقاً سيكون في الكرك بالإضافة إلى لجان أخرى مثل اللجنة الثقافية والإعلامية والاتصالات والتعبئة ولجنة الشباب وأعتقد بأنها كافية للعمل وبدأت بالعمل وتم تسمية مقررين لها والأخريات على الطريق إن شاء الله.

نداء الوطن: هذا التسارع نحو التطبيع سواء من منع المسيرات عند الكالوتي ومنع أي اعتصام ضد التطبيع واتفاقية ناقل البحرين واتفاقية الغاز والبوتاس مع الكيان الصهيوني وما تسرب الآن عن إقامة منطقة حرة مشتركة مع الكيان الصهيوني، كيف تقرأ هذا التسارع وهل سينجح بتسويق الكيان الصهيوني شعبياً؟

د. النوايسة: الكيان الصهيوني كان يدعو إلى اتفاقيات ثنائية مع الدول العربية منذ فترة طويلة وفشل في هذا، ولكن بعد 67 وبعد أن دخل السادات على الخط استطاع أن يحصل على هذا الاختراق، وحتى قبل السادات استطاع أن يحصل على الاختراق عن طريق منظمة فتح عندما بدأت الاتصالات بين المنظمة وبعض الجهات الصهيونية في نهاية الستينات وما تلاها وتحت شعارات متعددة، وصولاً إلى مسألة إقامة الدولة الوطنية المستقلة وإعلان الدولة الفلسطينية في الجزائر ومن ثم وصولاً إلى أوسلو وتوابعها.

والكيان الصهيوني كان يدرك بأنه قوة قادرة على هزيمة العرب مجتمعين، لكنه هو لا يحارب بقوته، لأنه مدرك بأنه هو عبارة عن مشروع وأداة للاستعمار العالمي، وليس كياناً دينياً كما يروج هو أو بعض الجهات، هو جزء من الحالة الاستعمارية، النتيجة التي وصل لها الكيان الصهيوني بأنه لا يستطيع البقاء إلا إذا استطاع أن يهزم ليس الأنظمة الرسمية العربية بل المواطن العربي في عقيدته ومعتقداته، والهزيمة تأتي عندما يستطيع أن يدخل إلى عقل ووجدان المواطن العربي أن هذا الكيان الصهيوني هو كيان طبيعي ومولود طبيعي لهذه المنطقة وأن علينا أن نتعايش معه باعتباره كياناً طبيعياً وصاحب حق ومشروع في هذا المكان.

هذا الأمر وبحكم التكوين التاريخي والتكوين الحقيقي والواقعي لأبناء الأمة العربية غير قائم على المستوى الشعبي، فهذا الكيان يريد من الأنظمة العربية وبخاصة التي وقعت معه اتفاقيات وفي المقدمة منها الأردن أوسلو ومجموعة أوسلو أن يقوموا بهذا الدور وهناك جملة من الاتفاقيات تم توقيعها على هامش اتفاقية وادي عربة كلها تصب في سياق عملية التطبيع، والمشاريع الاقتصادية تدخل التطبيع من الباب الأوسع وصولاً إلى هزيمة المواطن العربي في ذاته، بحيث يشعر بأن هذا الكيان كيان طبيعي، أنا قرأت في إحدى الأطالس ويتم توزيعه داخل المدارس في الضفة الغربية هذا الأطلس يشير إلى أن اليهود جاءوا وعبروا من سيناء ودخلوا إلى فلسطين وأقاموا دولة في كذا… إلخ، ويتحدث عن هذا الأمر وكأنما هذه وقائع تاريخية مستقرة وثابتة في التاريخ، هذا أمر مختلق وليس صحيح لأن الوثائق العلمية المقدمة من المؤرخين الجدد الذين راحوا نقبوا في الآثار ولم يجدوا لهم أثر في فلسطين، فما بالك أن تأتي السلطة وتخرج خرائط وبشكل جميل وتكرس نفس المقولات الصهيونية.

عندنا نفس الشيء في متحف القلعة، وفيه كثير من المعروضات غير الصحيحة، هذا العمل لا يمكن أن يكون إلا أسوأ من الصهيوني نفسه، وهذا هو التطبيع الحقيقي والتزوير، وهذا مقابله هناك سلطة حكم إلى أي مدى سينجحوا في ذلك؟ أنا أعتقد بأن التاريخ سيعاندهم في هذا السياق، وما الرفض الحالي من القلة القليلة التي تنزل للشارع وتقاوم اتفاقية الغاز وتوريد الخضروات …إلخ، إلا تعبيراً عن هذا الرفض، وفي العمق الغالبية الساحقة ترفض هذا التطبيع.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى