الدعم النقدي ماله وما عليه
عندما قررت الحكومة رفع الدعم عن مادة الخبز تحت ذرائع متعددة مثل الهدر وتدني سعر الخبز قياساً بأسعاره في دول مجاورة، ولأن الحكومة بحاجة إلى (540) مليون دينار في إطار برنامج الإصلاح الإقتصادي، وضعت نفسها في مأزق بدلاً من البحث عن حلول أخرى لمعالجة التشوهات الإقتصادية، ذلك انها كانت مضطرة إما إلى رفع معدلات الأجور أو اللجوء إلى البديل النقدي.
في الحالة الأولى كان عليها أن تزيد النفقات الجارية التشغيلية في الموازنة العامة بما يعني زيادة العجز في الموازنة أي العودة إلى نفس المشكلة التي اتخذت ذريعة لرفع الدعم عن هذه المادة.
لذلك لجأت إلى البديل النقدي، وهذه نظرية متفق على أنها نظرية فاشلة، وتنطوي على عيوب كثيرة خاصة إذا كانت الحكومة تتبنى سياسة الاقتصاد الحر واقتصاد السوق، ولا تمتلك القدرة على التدخل في ارتفاع أسعار السلع والخدمات في ظل تغول قوى السوق الاحتكارية.
لكنها مع الأسف لم تأبه لتداعيات رفع الدعم من الأساس الذي يعني تسليم رقبة المواطن إلى جشع التجار المحليين وكذلك جشع الشركات الأجنبية، إلى جانب رفع مستوى التضخم المالي وآثاره السلبية على الإقتصاد والإستثمارات.
المهم عند الحكومة هو الحصول على (540) مليون دينار، ولم تفكر الحكومة بأموال الدعم النقدي (البديل النقدي) لرفع الدعم، من أين توفرها وما تأثير ذلك.
فالمستفيدون من الدعم النقدي حسب تقديرات الحكومة يبلغ عددهم حوالي (6.2) مليون نسمة من أصل (7.8) مليون مواطن. وقررت تخفيف الدخل المستفيد من الدعم للأسر إلى (17) ألف دولار وللأفراد الذين لا يزيد دخلهم السنوي عن (8500) دولار.
وهنا من الطبيعي أن يؤدي دفع الملايين من الدنانير وضخها في السوق المحلية إلى ارتفاع كبير في نسبة التضخم، وإلى تراجع مستوى المعيشة، وهذا يؤثر سلباً على النشاط الاقتصادي.
إن ارتفاع مستوى التضخم يعني تراجع مستويات المعيشة، وبالتالي انخفاض الطلب على السلع والخدمات نتيجة تآكل الدخول بسبب ارتفاع الأسعار التي يقابلها ثبات الأجور والدخول قد تجمع الحكومة مبلغ الـــ(540) مليون دينار أو جزء كبير من هذا المبلغ، لكن الثمن سيكون باهظاً على الشرائح الفقيرة، وعلى الاقتصاد الكلي.