الحكومة ومجلس النواب يتّحدان ضد الشعب!!
الاستعجال الذي مورس على مجلس النواب من قبل الحكومة وأدواتها الظاهرة والخفية حسم الموقف وانتصر التحالف الذي مر عليه اكثر من عقدين من الزمن في قهر الشعب وقواه المختلفة. حيث صدقت الإشاعات حول حسم التصويت على اهم قانون في الدولة قانون الموازنة في غصون جلسة واحدة, استناداً الى العبر المأخوذة من دورات سابقة حيث يتحدث النواب كثيراً ناقدين الموازنة وعند التصويت, يصوتون كما تملي عليهم القوى الخفية التي ساهمت في تحقيق أحلامهم في مقعد من مقاعد نواب الشعب, الذي اصبح الاستثمار فيه اكثر عائداً في الاستثمار في اي قطاع من القطاعات الاقتصادية باستثناء (البتكوين), الذي لا يجاريه أي استثمار!؟.
أُقرت الموازنة وهي تحمل في ثناياها الكثير من الضغوط على ميزانية الأسرة من جهة وعلى الاقتصاد الوطني من جهة أخرى. فالزيادة في النفقات بحدود (727) مليون دينار عن نفقات سنة 2017 المعاد تقديرها يعني ان الحكومة ليس امامها الا رفع الضرائب من جهة او اللجوء الى الاستدانة من جهة اخرى .
فاللجوء للضرائب يعيدنا الى الحديث عن هذا الركن, من أركان المالية العامة الذي عبثت به السلطة الأولى (التنفيذية) تدريجياً, حيث اصبحت الضرائب أداة لتحقيق مصالح قوى رأس المال التي تدير الخدمات في سياستها المالية وخاصة القطاع المالي وعلى حساب قوى الصناعة والزراعة اللذان انحسرت حصتهما بنسبة لا تزيد عن (30%) من الناتج المحلي الاجمالي, هذا العبث الذي نتج عن احلال ضريبة المبيعات كأداة من ادوات تحقيق ايرادات الخزينة على حساب ضريبة الدخل التي كانت الممول الاكبر للخزينة بعد الجمارك قبل عقدين من الزمن. حيث تم استيراد قانون ضريبة المبيعات الذي أصبح ساري المفعول اعتباراً من منتصف التسعينات من القرن الماضي وبنسب ضريبية بدأت ب (7%, 10%, 13%) حتى وصلت الى (16%) وبعد ان كانت على سلع معينة لتصبح شاملة لما يزيد عن (90%) من السلع ذات المساس الواسع بغالبية شعبنا.
ان الحكومة وقواها المختلفة سواء كان مجلس النواب او قوى الخدمات سيعملون على اقرار قانون تجميلي لضريبة الدخل مستهدفاً طبقة المهنيين على وجه الخصوص وقطاع الصناعة والتصنيع الزراعي على وجه العموم مع بعض التعديلات المتواضعة على القطاع الخدمي دون ان يرافق ذلك تعديلات جوهرية على قانون ضريبة المبيعات لتشمل تعديل في نسبة الضريبة العامة على مبيعات السلع ذات المساس الواسع بفئات الشعب المختلفة، و أو إجراء تعديل على نسبة الضريبة على السلع ذات المساس الأوسع بطبقة المقتدرين, برفع نسبتها على السلع ذات الأسعار المرتفعة وتخفيضها على السلع ذات الأسعار المنخفضة, مما سيساهم في رفع القدرة الشرائية لمختلف فئات الشعب, الذي بدوره سيرفع الطلب على كميات السلع والخدمات والذي سيؤدي إلى تشغيل أغلب خطوط الإنتاج الذي سيرفع من حاجة المنتجين ألى عمالة اكبر من جهة والى تحقيق عوائد (ارباح) بشكل افضل بالاضافة الى قدرة هذه السلع على منافسة السلع المستوردة من ناحية والسلع في الاسواق التي احتلت السلع الاردنية مكانة فيها من ناحية ثانية.
ان السنة 2018 ستكون سنة صعبة بكل المقاييس, فالمؤشرات الاقتصادية بعد ان تراجعت تحصيلات ضريبة الدخل والمبيعات لسنة 2017 بمبلغ يزيد عن (500) مليون, وتراجعت نسبة النمو الى (2.1%) وارتفعت نسبة البطالة حسب الارقام الرسمية الى (18.1%) وارتفع العجز في الميزان التجاري الى مبلغ (7551) مليون دينار وبذلك يكون العجز قد ارتفع بنسبة (11.1%) مقارنة مع العشرة الاشهر الاولى عن سنة 2016, كما ان عجز الموازنة بلغ (2.8%) من الناتج المحلي الاجمالي وبمبلغ (1371) مليون دينار قبل المساعدات, مما ينذر ان خطة الحكومة لسنة 2018 ستكون محفوفة بالاخفاقات وعدم اليقين!؟! بعد ان ادّعت الحكومة انها تهدف الى ان تغطي الايردات المحلية المقدرة لسنة 2018 بما نسبته (86.2%) من النفقات المقدرة لنفس السنة, تنفيذاً لطموحات حكومية عاطفية لتحقيق مبدأ الاعتماد على الذات, الذي أُشكك فيه نظراً لغياب معالجة جذرية للاختلالات المالية في الاقتصاد الجزئي الذي يتأثر كثيراً بالاقتصاد الكلي (المالية العامة) الذي تديره الحكومة منذ قرون عديدة.