الحكومة تتجه نحو رفع الكهرباء والمياه ومختصون يشككون في “الذرائع” الحكومية
تعتزم الحكومة رفع أسعار المياه بشكل “تدريجي” على مختلف شرائح الاستهلاك، اعتباراً من الأول من كانون الثاني (يناير) المقبل، وفق ما ذكرت صحيفة الغد.
وكشفت المصادر، عن أن مجلس الوزراء أقر رفع أسعار المياه بما قيمته 65 قرشاً شهرياً على شرائح الاستهلاك الدنيا، وذلك بما يعادل دينارين في الدورة الواحدة (كل ثلاثة أشهر).
وأوضحت “أنه سيتم رفع أسعار المياه على شرائح الاستهلاك العليا بما تتراوح قيمته بين 3 إلى 4 دنانير في الدورة الواحدة”.
وتذرعت الحكومة في اتخاذ هذا القرار بأنه اضطراري ونتيجة الحاجة لتحسين تحصيلات المياه، وعكس ذلك على جودة الخدمة المقدمة للمواطن، وإمكانية تغطية جزء من نفقات التشغيل والصيانة المتعلقة بالمياه التي تعاني عجزا ماليا متزايدا”.
وعلى صعيد متصل، ذكر موقع economy.jo أن الحكومة ماضية في تطبيق خطتها القاضية برفع أسعار الكهرباء للعام المقبل، والتي أقرتها بهدف وقف خسائر شركة الكهرباء الوطنية.
وأضاف الموقع الإلكتروني نقلاً عن مصدر حكومي مطلع أن “الخطة الحكومية تقضي برفع أسعار الكهرباء بنسبة 15%، إلا أن انخفاض أسعار النفط إلى أكثر من 50% وتشغيل ميناء الغاز المسال خفض هذه النسبة إلى 7.5%”.
وأكد أن الحكومة ستمضي برفع التعرفة الكهربائية، بهدف تحقيق التزاماتها مع الجهات الدولية والمانحة، وعلى رأسها صندوق النقد الدولي.
رفع غير مبرر
المحلل الاقتصادي والكاتب في صحيفة الدستور الدكتور خالد الزبيدي، أشار إلى أن وجود خطة تدريجية لرفع أسعار المياه يعني أن الحكومة لا تريد أن تقدم الدعم للمواطن، وإذا كانت الحكومة لا تريد أن تدعم في مجال المياه ففي أي مجال سيكون دعمها؟
وتساءل الزبيدي عن الحكمة من تحصيل الضرائب والرسوم وكل المستحقات التي تفرضها الحكومة في مقابل رفع الدعم كاملاً عن أي سلعة أو خدمة تقدمها الحكومة!! لافتاً إلى أن دول العالم تضطر أحياناً إلى رفع الأسعار مقابل تحسين للخدمات، أما في الأردن فإن رفع الأسعار يرافقه ضعف في الخدمات!!
الدكتور عصام الخواجا مقرر حملة الخبز والديمقراطية ونائب الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية، أكد أن توجه الحكومة لرفع أسعار الكهرباء مع بداية 2016 هو جزء من مسلسل الرفع السنوي الذي تعهدت به الحكومة ضمن ما أطلق عليه برنامج “إصلاح قطاع الطاقة”، وهذا البرنامج هو نتيجة التزام الحكومة بتنفيذ توصيات صندوق النقد الدولي وجهات دولية أخرى، وهو تكريس لتبعية القرار السياسي والاقتصادي لمركز الرأسمال العالمي.
ولفت الخواجا إلى أن الظروف والذرائع التي كانت تسوقها الحكومة للمواطنين لتبرير عملية الرفع، قد تغيرت، فقد انخفضت أسعار النفط إلى ما دون الخمسين دولار للبرميل الواحد، كما تم البدء باستيراد الغاز المسال عبر ميناء الغاز المسال في العقبة منذ أيار الماضي، وهناك عامل ثالث قد لا يكون ذا وزن كبير الآن، لكنه مرشح للنمو وهو بدء بعض المنشآت المستهلكة للطاقة باللجوء لمصادر الطاقة المتجددة لتوليد الكهرباء. كل هذه العوامل يجب أن تحمل الحكومة على إعادة النظر بسياسة وقرارات رفع أسعار الكهرباء.
واعتبر الرفيق الخواجا أن عدم أخذ الحكومة بهذه العوامل ومراجعة توجهاتها برفع أسعار الكهرباء، يدلل على أن الأمر ليس بيدها، وإنما هو تنفيذ أعمى لإملاءات صندوق النقد الدولي، وإصرار حكومي على سد عجز الموازنة من جيب المواطن تحت عنوان الرفع التدريجي لأسعار الكهرباء، ورفع تدريجي لأسعار المياه.
وأشار الخواجا إلى أن رفع أسعار الكهرباء سيؤدي إلى رفع كلفة إنتاج المياه، ويساق كأحد المبررات لرفع سعر المياه على المواطنين ضمن ما أعلن عنه من رفع تدريجي على الفاتورة الشهرية للمياه والتي ستتراوح ما بين دينارين إلى أربعة دنانير في الدورة الواحدة حسب الشريحة المستهلكة.
ارتفاع الكهرباء يعني ارتفاع أسعار الخدمات
ويرى الخبير الاقتصادي الدكتور خالد الزبيدي أن رفع السلع مثل المياه تحديداً وكذلك الطاقة باعتبارها سلع مهمة تؤثر على قوائم طويلة من الخدمات، وهو ما يتفق معه الدكتور عصام الخواجا الذي يؤكد على أن ارتفاع فاتورة الكهرباء سيؤدي إلى ارتفاع كلفة السلع الأخرى وكلفة إنتاجها وتسويقها، أي أنه سيؤدي إلى مزيد من العبء المالي على جيب المواطن المتعب أيضاً من تراجع القدرة الشرائية لراتبه المحدود أصلاً.
مشيراً إلى أن هذا الرفع التدريجي سيؤثر على قدرة المواطنين على شراء احتياجاتهم الأساسية ورفع الأسعار سيؤثر على تنافسية الاقتصاد الأردني أمام الدول الأخرى، برفع أسعار الكهرباء سترتفع أسعار السلع وتصبح غير منافسة في الأسواق العالمية.
وعلى الرغم من حديث الحكومة وتذرعها بأن الهدف من رفع أسعار المحروقات والكهرباء كان يهدف لخفض المديونية، إلا أن الأرقام الرسمية تثبت عكس ذلك، فقد ارتفعت مديونية الأردن بمقدار 3.54 مليار دولار منذ عام 2012 وحتى بداية هذا العام. أي أن كافة الإجراءات برفع أسعار الكهرباء والمحروقات وغيرها وتطبيق إملاءات صندوق النقد الدولي لم تؤدي إلى خفض الدين العام!!
ويبقى الأهم، هل سنشهد موجة تحركات شعبية لمواجهة هذا القرار الحكومي؟!، وكيف سيتصرف مجلس النواب في دورته الأخيرة أمام هذا الإجراء الحكومي، خاصة مع اقتراب موعد انتخابات مجلس النواب؟! وهل سيُغلّب أعضاء البرلمان إرضاء الحكومة على حساب مصالحهم الانتخابية؟!