مقالات

الحفاظ على “الأونروا”/ محمد سويدان

تواجه وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغیل اللاجئین الفلسطینیین (الأونروا) استحقاقات وتحدیات مھمة وخطیرة في الثلث الأخیر من العام الحالي. فبعد أن نجحت الجھود الأردنیة والفلسطینیة بالدرجة الأولى، في تخطي الأزمة الخطیرة التي عانتھا المنظمة الأممیة، بعد وقف الإدارة الأمیركیة لمساعدتھا المالیة للمنظمة، تواجھ ھذه المنظمة تحدیات مالیة جدیدة، منھا توفیر الأموال اللازمة والتي تقدر بملیار ومائتي ملیون دولار لتقدیم خدماتھا للعام المقبل.

وتواجھ تحدیات سیاسیة، من أبرزھا بعد عدم الاعتراف الأمیركي بشرعیتھا، التجدید لولایتھا لمدة 3 سنوات جدیدة، فمن المعروف أن ”الأونروا“ وكالة مؤقتة تجدد ولایتھا كل 3 سنوات حتى یتم ایجاد حل عادل للقضیة الفلسطینیة. لذلك، فان الجمعیة العامة للأمم المتحدة ستصوت في شھر أیلول (سبتمبر) المقبل على تجدید الولایة. وكان ھذا الأمر تلقائیا، ولكن بعد الموقف الأمیركي المعادي بشكل غیر مسبوق للقضیة الفلسطینیة، ورفض الرئیس ترامب تقدیم المساعدات المالیة السنویة للوكالة الأممیة، والتشكیك بشرعیتھا، فان التجدید سیواجه برفض وتجییش أمیركي ضده. ومع أنه من المستبعد، جراء الجھود الأردنیة والفلسطینیة والدول المؤیدة لایجاد حل عادل للقضیة الفلسطینیة، وقف ومنع التجدید، إلا أنھ من المؤكد أن تكون ھناك معركة حامیة لتحقیق تجدید الولایة لـ“الأونروا“.

الأردن وفلسطین والمنظمة الأممیة والعدید من الدول، تفھم خطورة ھذه التحدیات، ولذلك تبذل الجھود من أجل مواجھتھا، من خلال عقد مؤتمر للمانحین في شھر أیلول (سبتمبر) المقبل، لبحث الأزمة المالیة للوكالة الأممیة، وكیفیة الخروج منھا، ومن خلال حث الدول على تقدیم المزید من المساعدات المالیة للوكالة لابقائھا في دائرة الفعل، وتقدیم الخدمات.

أما على الصعید السیاسي، فان المعركة قادمة في خصوص التجدید لولایة الوكالة الأممیة، فواشنطن التي تشكك بشرعیتھا، ستفعل كل ما یمكن لمنع الدول للتصویت على تجدید الولایة، بھدف إزالة الغطاء الشرعي الدولي عنھا.

وتعتبر، واشنطن، الغاء الوكالة وخدماتھا، ضربة قاصمة للقضیة الفلسطینیة. وھذا الھدف كما ھو معروف، جزء اساسي من ”صفقة القرن“ التي تھدف لتصفیة القضیة الفلسطینیة، لذلك، ستمارس واشنطن كل أشكال الضغط لإلغاء عمل الوكالة، وبالتالي، إلغاء حق عودة اللاجئین، وعدم الاعتراف بھم كلاجئین فلسطینیین لھم الحق لوطنھم السلیب.

إن معركة التصدي لـ“صفقة القرن“ لایمكن أن تكون وتحقق اھدافھ، دون التصدي لمحاولات إلغاء الوكالة الأممیة. وأعتقد أن الأردن وفلسطین والدول المؤیدة للحق الفلسطیني، تعي تماما ھذا الأمر، وعلیھا، أن تخوض معركة شرسة، بكل ما في الكلمة من معنى مع الإدارة الأمیركیة التي لاتھتم إلا بمصلحة الاحتلال.

الإدارة الأمیركیة، ماضیة في خطتھا بتصفیة القضیة الفلسطینیة بالرغم من كل الاعتراضات والرفض، فھي ترى في تصفیة القضیة الفلسطینیة ھدفا استراتیجیا لا یمكن التنازل عنھ ھكذا، ولذلك، لم تلتفت ابدا لكل الاعتراضات على مواقفھا السابقة، وخصوصا اعترافھا بالقدس المحتلة عاصمة للكیان الإسرائیلي، والاعتراف بشرعیة المستوطنات.

اعتقد أن افشال مخططات الإدارة الأمیركیة بالنسبة للقضیة الفلسطینیة، ممكن، ولكن من خلال توحید الجھود، واتخاذ القرارات والخطوات العملیة، وتعزیز مقاومة وصمود الشعب الفلسطیني، ودعم خیاراته وقراراتھ لمواجھة الاحتلال والإدارة الأمیركیة.

لا یمكن تمریر ”صفقة القرن“ التصفویة، دون موافقة فلسطینیة وأردنیة علیھا، وھذه الموافقة غیر موجودة. فالموجود ھو الرفض الكلي لھذه الخطة التصفویة. والمفروض تعزیز ذلك، وعدم الانصیاع لكل الضغوط، من خلال ایجاد تحالف عربي وإسلامي ودولي یرفض ”الحل التصفوي الأمیركي“ للقضیة الفلسطینة. ومن خلال تعزیز الموقف الشعبي الفلسطیني الرافض والمقاوم لـ“الحل الأمیركي“ وكذلك، تعزیز الموقف الشعبي الأردني الذي یرفض كلیا ”صفقة القرن“.

بواسطة
محمد سويدان
المصدر
الغد
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى