نداؤنا

الحراك الشعبي ومسؤوليتنا ..

طرح الحراك الشعبي الأردني أسئلة هامة ومفصلية، تتطلب منا الإجابة عليها وبشكل خاص أنه بعد ستة أشهر من المسيرات والاعتصامات لم يتم التجاوب مع المطلب الشعبي بالإصلاح ولو بخطوة واحدة، بل أن المحاولات الحكومية جارية لاحتواء الحراك وحصار القوى المطالبة بالإصلاح.
إن ما يفاقم هذه المسألة حالة القوى الأساسية السياسية التي قادت الحراك مع (كل الفعاليات الوطنية) المنقسمة على ذاتها في رؤيتها وبرامجها، وبالرغم من كل المحاولات التوحيدية لهذا الجهد الشعبي، والأطر التي تشكلت، إلا أنها لم تصل بعد إلى خلق الإطار الوطني الجامع والفاعل والملتزم ببرنامج الإصلاح القادر على قيادة الحراك الشعبي إلى بر الأمان.
إن أولى المشكلات التي يواجهها الحراك الشعبي هو تجلي حالة من الانفراد الذي بدأ يمارسه الأخوة في الحركة الإسلامية، سواء لجهة الشعار أو توقيت القيام بالفعاليات أو بتشكيل أطر محددة وخاصة بعد الخامس والعشرين من آذار، الأمر الذي يصعّد العمل المشترك وفق هذه الآلية، ويجعل من ممارساتهم أقرب ما تكون إلى إسقاط هذا التصرف وفرضه على القوى والأحزاب الأخرى.
وإذا كان هذا هو حال الحركة الإسلامية، فإن الأحزاب القومية واليسارية بالإضافة إلى التباينات التي استحكمت بينها فإنها خفضت من سقفها الكفاحي كثيراً بحيث تحول مستوى السقف إلى عامل إعاقة للحراك الشعبي وعنصراً طارداً للفئات الشبابية الطامحة لانتهاز اللحظة السياسية التي أصبحت مواتية لإنجاز الإصلاح الوطني الشامل خاصة في ظل استمرار ما بات يعرف بالربيع العربي في عموم الأقطار العربية، مضافاً إلى ذلك عامل ذاتي يتسم بالاحتقان جراء الأزمة العامة التي تعيشها البلاد وعلى كل الصعد الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
وبناءً عليه، فإن حالة المراوحة التي تعيشها الحركة الشعبية بل والنجاح الحكومي بتضييق الخناق على القوى المطالبة بالإصلاح يضع على القوى القومية واليسارية مسؤولية كبيرة في إعادة النظر بآليات العمل ومناقشة نقاط التباين بقصد الوصول إلى المشترك بينها الذي يمهد لاستنهاض الحالة الشعبية من جهة والتقاط الطموحات الشبابية والأصوات التي تلهج بالهتاف للإصلاح من جهةٍ أخرى.
إن الأحزاب القومية واليسارية مدعوة أكثر من أي وقت إلى قراءة اللحظة الراهنة وبمسؤولية عالية تجاه الوطن والشعب، والانخراط مع الجماهير بما يخدم عملية التغيير الوطني الديمقراطي.
إن تاريخ الشعوب دلل على أن واجب الحركات والأحزاب التقدمية في المحطات الفاصلة لا يقتصر على نقد دور القوى الشعبية والبحث عن سبب إخفاقها بل يتجاوز ذلك إلى الانخراط الجدي والفاعل لهذه الأحزاب مع كل القوى الشعبية ودفعها لتجاوز أخطائها من خلال العمل الكفاحي المشترك.
والشيء ذاته بالنسبة للحركة الإسلامية، فإننا نذكرها فقط في الأشهر الثلاثة الأولى من الحراك الشعبي عندما كان التوافق في لجنة التنسيق متحققاً كان نجاحنا كبيراً وفاعلاً في فرض متطلبات الإصلاح على جدول البحث.
ومن أجل ألا تفوتنا اللحظة السياسية الراهنة والعناصر الدافعة وللاستفادة من هذه العناصر بشقيها الداخلي والخارجي، كل هذا يجعل من متطلب وحدة القوى السياسية مسألة ضرورية وهامة، وبدونها يصبح إنجاز المهمة الوطنية للإصلاح متعذراً.
وبناءً عليه، فإننا نوجه ندائنا إلى رفاقنا في الأحزاب القومية واليسارية وكل الحريصين على إنجاز التغيير الوطني الديمقراطي إلى الشروع الجدي بالتوافق في هذه اللحظة الهامة لإنجاز هذا الهدف.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى