الجريمة في الأردن
الجريمة ظاهرة اجتماعية وسياسية واقتصادية ونفسية قبل أن تكون مسالة قانونية، الأمر الذي يعني لأن التفسير الأحادي لها ليس دقيقاً وناقصاً لن يقودنا إلى فهمها وبالتالي معالجتها.
من المؤكد أن الفقر والبطالة من الظواهر التي تقود إلى انتعاش العنف والجريمة في المجتمع لكن السؤال الأهم كيف تفعل تلك الظواهر فعلها في تأجيج الجريمة.
يعرف الجميع أن تلك الظواهر وتحديداً البطالة تقود إلى حالة من الإحباط لدى الشباب ولا تقف الأمور عند العجز في الوصول إلى وظيفة بل إن الكثير من الدراسات تقول إن ما يعرف (بمتلازمة اللامبالاة الاجتماعية) نتاج حالة الإحباط الذي يتشكل نتاج العجز عن أحداث التغيير على المستوى الخاص والمستوى العام.
الاحباط لدى المجتمع إزاء تغيير الواقع السياسي بل واليأس من أن التغيير لن يكون للأفضل بسبب حجم الممانعة لقوى الشد العكسي كل ذلك.
هذا الشعور مترافقاً مع العوامل المعيشية وما يواجه الشباب من بؤس وحرمان يجعل من العنف سيد الموقف.
لقد حدث تحول كبير في المجتمع الأردني. ارتفعت نسبة التعليم وازداد الوعي السياسي وزادت المطالب بالحقوق والمشاركة بالقرار السياسي مقابل ذلك كان الحكم يزداد عجزاً ويزداد (استئثارا بالقرار). كل ذلك انعكس احباطا وميلا للعنف في ظل عدم فعالية الضبط الاجتماعي. أي عدم التزام الافراد بالقيم المجتمعية. فاقم هذا الحال ازديادا ملحوظا في عدد السكان. ومتطلباتهم. مقابل العجز الحكومي في تلبية تلك المتطلبات.
ما اود الوصول اليه ان ما يحدث من جرائم ليس نتاج خلافات شخصية فحسب بل ان جذورها تعود الى ازمة مجتمع. بتجلياتها غياب الثقة بين الافراد وبين الدولة ومؤسساتها من جهة وبين المجتمع من جهة اخرى.
هذا يعنى ان التشخيص الصحيح هو الذي يقود الى العلاج الصحيح. إذا افترضنا توفر النية والارادة للمعالجة. والا سنبقى نتحدث عن ارقام بشكل مجرد دون تلمس دلالتها وانعكاساتها.