التوجهات الاقتصادية للحكومة.. لماذا؟
فور تكليفه بتشكيل الحكومة، أطلّ علينا الدكتور فايز الطراونة ليعلن نيّته رفع الدعم عن بعض السلع، تحت ذريعة تصحيح الوضع الاقتصادي، وهو على كل حال تعبير مهذب وبديل عن الرضوخ لشروط المؤسسات الدولية التي تحكّمت برقابنا على امتداد عقدين من الزمن. والذريعة الأخرى التي تحدث عنها الرئيس، أن الدين العام والعجز في الموازنة بلغ سقوفاً قياسية.
طبعاً وكالعادة، لم يخبرنا دولته لماذا هذه السقوف غير المسبوقة، ومن المسؤول عن هذا الوضع؟ وأين ذهبت هذه المديونية؟
والمسألة الثانية، لم يتحدث دولته عن بدائل أخرى يمكن اللجوء إليها بحيث تكون أكثر يسراً على الناس وفائدةً لهم، بعيداً عن سياسات إنعكاسات التضخم التي أثقلت كاهل المواطنين.
ولا نعرف لماذا تحجم الحكومة عن وقف الهدر في الإنفاق العام والذي يساوي (10-15%) من الإنفاق، أي ما قيمته مليار دينار، حسب تقدير وزير المالية الأسبق.
ونتساءل لماذا تحجم الحكومة عن الإجابة عن جدوى استمرار المؤسسات المستقلة التي يبلغ عجزها 450 مليون دينار، وتكلف الخزينة سنوياً 1850 مليون دينار. هذه المؤسسات التي تم تفصيلها واستحداثها خصيصاً لتخدم أبناء الأثرياء.
ولعل السؤال الأكثر إلحاحاً هو لماذا التستر على الفساد، ومن نهبوا المال العام؟ لماذا لا يتم فتح هذا الملف ومحاسبة كل من قارب خطيئة النيل من ثروة البلاد؟
إننا نعتقد أن الحكومة وهي تقلّب خياراتها في التعامل مع العجز في الموازنة، تجد أن الأيسر لها هو تحميل فقراء الأردن عبء هذه القرارات، بدل أن تعيد النظر في النظام الضريبي المعمول به حالياً الذي لا يخدم إلا الفئة الثرية خلافاً لمنطوق الدستور الأردني.
إننا نعتقد أن هذه التوجهات لن تقود إلا إلى مزيد من المعاناة والفقر للناس، الأمر الذي يفاقم من الحالة المجتمعية المحتقنة أصلاً، حكم الإخفاق الرسمي الحكومي وبفعل حالة النكوص عن الإصلاح السياسي.
إن المدخل الجدي والحقيقي لمواجهة هذا الواقع، يتأتى من خلال حكومة توافق وطني تعيد النظر بالكامل بالنهج الاقتصادي والسياسي وتمهد الطريق لدخول البلاد في سكة الإصلاح، وبغير ذلك فإن المسائل ستبقى في دائرة المراوحة وفي عين الاحتقان.