التهميش المجتمعي

تتلازم عملية، وخاصية التهميش المجتمعي مع الأنظمة المستبدة، بل تعتبر ركنًا أساسيًا في تعاملها مع شعوبها بقصد تطويعها، لأن هذه الأنظمة لا تقوى على سماع أو تقبل رأي الجماهير، لذلك تلجأ إلى ممارسة سياسة إقصاء المجتمع، وحرمانه من حقه في المشاركة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
لا تقف حدود عملية التهميش عند تفرد الأنظمة في الحكم وتحكم الأقلية في إدارة البلاد، بما يعني هذا تحكم الفساد واستحكامه وتحويل دولنا إلى دول هشّة، بل إن الانعكاسات تطال الأخلاق المجتمعية، بحيث تقود عملية التهميش المجتمعات، لتحويلها إلى مجرد كائنات لا يهمها سوى الأكل والشرب والغرائز.. تمامًا كما عبّر عن ذلك ابن خلدون، في مقدمته الشهيرة، الذي أوضح كذلك أن الأخلاق ليست معطًى ثابتًا، بل إن الظلم والتهميش الطويل يقود إلى إعادة ترتيب سُلَّم القيم عند هذه الجماعات، فما كان في قمة الأولويات يتراجع إلى القاع، وما هو في القاع يرتفع نحو القمة.
أي إن عملية التهميش لا تقود إلى التحكم في القرار فحسب، بل إلى تشويه المجتمع وتدميره، قيميًا وأخلاقيًا.
نحن أمام عملية تهميش مستمرة تحول دون مشاركة الجموع في التعبير عن رأيها وإحداث تغييرات في مواقف الأنظمة العربية من المذبحة التي تقوم بها إسرائيل ضد الفلسطينيين.
هناك ما يشبه القناعة التامة أن استبداد الأنظمة هو المسؤول أولًا وأخيرًا عن حالة الخذلان العامة تجاه فلسطين،
لذلك أعتقد أن كسر حاجز العزلة والانكفاء لدى الجماهير سيقود إلى تحريرها من الاستبداد بنفس الدرجة التي تمكنها من الانتصار لفلسطين.