‘‘التنمية‘‘ تطلب من متضرري انهيارات الجوفة إخلاء الشقق
في وقت طلبت فيه وزارة التنمية الاجتماعية من متضرري انهيارات جبل الجوفة، الذين جرى إيواؤهم في شقق فندقية بعمان، إخلاء الشقق، والبحث عن منازل لاستئجارها، أعلن متضررون أن هذا القرار، يجلعهم قلقون وغير متيقنين من أن الحكومة جادة في حل مشكلتهم.
الناطق باسم وزارة التنمية الاجتماعية الدكتور فواز الرطروط قال لـ”الغد” أمس إن “الوزارة ستغطي قيمة إيجار أول ستة أشهر وتقديم مبلغ لا يتجاوز الالف دينار بدل اثاث للمنزل الواحد”.
وأضاف الرطروط إن “الوزارة طلبت من المتضررين البحث عن شقق للإيجار، كونه من غير المنطقي استمرارهم بالإقامة في شقق فندقية، علاوة على ان اصحاب تلك الشقق، يطالبون بإخلائها”، لافتا إلى أن “السكان المتضررين هم من المستأجرين”، من دون ان يقدم عددا محددا للمستأجرين والمالكين.
وأضاف أن “المساكن ستكون وفق معدلات استئجار المساكن في منطقة الجوفة، و(سيتم) تزويد تلك الأسر بأثاث مناسب، ومستلزمات ضرورية، لحين الانتهاء من وضع تصور كامل لمناطق الانهيار، وفق الدراسات الفنية التي تجري حاليا بالتعاون مع عدد من المؤسسات”.
وكان مدير تنمية شرق عمان سلامة الخلايلة، نقل طلب الوزارة للمتضررين لدى زيارته إحدى مواقع الشقق الفندقية أول من أمس.
في المقابل، لم يلق طرح الوزارة أي قبول من المتضررين، لافتين إلى أن “جوانب إنسانية عدة تغافلت الوزارة عنها في قضيتهم”، وقالوا لـ”الغد” ان “إخلاء الشقق الفندقية وفق طلب الوزارة خلال يومين، وتأمين انفسهم بمساكن لاستئجارها بقيمة لا تتجاوز الـ150 دينارا شهريا ولمدة 6 شهور، غير واقعي أبدا”.
وأكدوا أن “الوزارة تناست أن الحكومة معنية بقضيتهم وحلها، وأنهم مواطنون تعرضوا لكارثة، ليس لهم يد فيها، ما يعني أن على الحكومة تبني قضيتهم من ألفها إلى يائها حتى تحل”.
ولفتوا أن “تبليغ الوزارة لهم للبحث عن مساكن لاستئجارها وخلال مدة قصيرة جدا، امر مستحيل، إلى جانب أن ايجارات المساكن مرتفعة، وأقل مسكن يتعدى ايجاره 200 دينار”.
وبينوا أن “منطقة جبل الجوفة مكتظة، ومن الصعب الحصول فيها على مساكن للإيجار حاليا، فضلا عن استحالة العثور على سكن بإيجار 150 دينارا هذه الايام في ظل ارتفاع اسعار الإيجارات”.
ولفتوا إلى أن “التوجه إلى اطراف عمان، بغرض الحصول على مسكن بأجرة اقل، سيترتب عليه تعقيدات اكبر، كضرورة نقل الابناء من المدارس، والبعد عن مكان العمل”.
وكان ممثلون للمتضررين توجهوا صباح أمس إلى مبنى وزارة التنمية الاجتماعية للقاء وزير التنمية، وتبليغه باعتراضهم، لكنهم لم يتمكنوا من لقائه، ما دفعهم للتوجه إلى وزارة الداخلية، التي طلبت منهم كتابة استدعاء لدى محافظ العاصمة، يشرح مطالبهم.
واعتبرت العائلات المتضررة انهم لمسوا “تغييرا كبيرا” في الموقف الرسمي جهة قضيتهم، ففي حين حضر عدد كبير من الوزراء اليها عند حدوث الانهيارات، ووعدوا بايجاد حل لها، لكنهم اليوم يلمسون تنصلا من هؤلاء الوزراء، وعدم اهتمام بقضيتهم التي تعتبر قضية مواطنين، وذات بعد انساني”، مدللين على ذلك بـ”رفض المسؤولين المعنيين بقضيتهم الالتقاء بهم”.
وتساءلوا: “لمن نشكي امرنا؟ ولماذا يجري التعامل معنا على هذا النحو من عدم الانتباه والاهتمام؟ وهل هذه هي الطريقة المناسبة للتعامل مع مواطن تعرض لمصيبة؟”.
وقال متضررون إن ردم البيوت المنهارة ما يزال في مكانه، وما تزال البيوت المتصدعة بحاجة للفحص، للتأكد من مدى صلاحيتها للاقامة، وما يزال الردم يغلق بيوتا مجاورة للبيوت المنهارة، ما يمنع دخول اصحابها اليها.
كما أن هناك خوفا من أصحاب مبان لم تتضرر، ولكنها أخليت، بسبب إحساسهم بأن الحكومة لا تريد الكشف عن وضع المنطقة الجيولوجي، وما إذا كانت صالحة للسكن ام معرضة لانهيارات مستقبلا.
وكان جلالة الملك عبدالله الثاني وجه الحكومة إلى الاهتمام بقضية الانهيارات في جبل الجوفة في حينه، اذ انهارت ثلاث بنايات، واغلق ردمها عدة بيوت، وأصابت التصدعات بيوتا مجاورة، إلى جانب تهديد بقية بيوت المنطقة جراء تداعيات الانهيار والتصدع.
كما أفاد الوزراء الذين زاروا المنطقة يوم الانهيار، وبينهم وزيرا الداخلية غالب الزعبي، ووزير الاشغال العامة سامي هلسة، بأن الحكومة ستؤوي جميع الاسر المتضررة، سواء التي هدمت بيوتها أو التي أغلقت بسبب الردم او التي تصدعت، أو المعرضة للخطر، حتى حل المشكلة.
وكان هلسة إلى جانب مسؤولين زاروا المنطقة، أكدوا خطورة الوضع في المنطقة، بينما اشارت تقارير لجان شكلتها الحكومة وعدد من النقابات والجهات العلمية، إلى خطورة الوضع في منطقة الانهيارات.
وفي الوقت الذي لم تجر فيه إزالة الردم، وحل جزء من المشكلة الحالية للموقع، تساءل متضررون عن سبب إقدام وزارة التنمية على “تشريد نحو 80 عائلة متضررة، تبنت الحكومة أساسا إيواءهم وحل مشكلتهم منذ بدئها”.
أبو ثائر أحد المتضررين، أكد أن “من يقطنون الشقق الفندقية، يعيشون الآن لحظات لا تقل في قلقها وتوترها عن اللحظات التي وقعت فيها كارثة الانهيار، فإلى أين سنذهب، وما ذنبنا بما وقع؟”.
وقال “كان على الوزارة قبل طلبها منا إخلاء الشقق، النظر للوضع الإنساني الذي نعيشه جراء ما أصابنا، فهل يراد لنا أن نكون لاجئين في وطننا، أم أن الوزارة لا تريد تحمل مسؤولياتها تجاه مواطنين تعرضوا لنكبة حقيقية”.
أحمد علقم من لجنة شكلها الأهالي المتضررين، لمتابعة القضية دعا “كل من يحمل ضميرا حيا، لأن ينظر إلى وضع الأهالي في جبل الجوفة بعدالة ونزاهة، وبعيدا عن أي اعتبارات غير إنسانية”.
ولفت إلى أن “أصحاب الشقق الفندقية بدأوا يضغطون علينا منذ علموا بقرار وزارة التنمية، لإخلائها، وبعضهم يهدد بقطع التدفئة والكهرباء إن بقينا في تلك الشقق، وكان الكل متفقا على الاهالي بالضغط، وزيادة وضعهم المأساوي”.
وقال علقم “يريدون منا إخلاء الشقق الفندقية، نعم، ولكن بشرط إعادتنا إلى بيوتنا، وتحملهم مسؤولية ما قد تتسبب به أي مشاكل انهيارات في المنطقة”.
ودعا المسؤولين إلى “التعامل مع قضية الجوفة بعيدا عن الروتين، وضمن مسار إنساني، يحترم كرامتنا، ولا يجعلنا نبدو كمتسولين”.
وأكد أنه لن يعود إلى بيته “مهما كلف الأمر” لأن في ذلك خطورة على عائلته، ومثله بقية العائلات التي خرجت من المنطقة، بأمر من الدفاع المدني.
وقال متضررون آخرون، إذا كانت الوزارة تتحدث عن مستأجرين لبعض المساكن في البيوت المتهدمة، فإن عددهم بسيط جدا، مقارنة بعدد المتضررين من المالكين، الذين ليس لهم بيوت غير تلك التي وقع عليها الضرر.