التلاعب بالأرقام…سلامة الدرعاوي
نمو إيرادات الربع الأول بسبب عوائد الجيل الرابع من اورانج والبالغة 72 مليون دينار، إضافة الى ان غالبية الإفراد والشركات تدفع مستحقاتها الضريبية في الربع الأول تجنبا للغرامات، والموازنة توضح أن الحكومة فشلت في تنفيذ المشاريع الرأسمالية خلال الربع الأول.
آخر القراءات الاقتصادية للربع الأول في الموازنة العامة وصفت ما تحقق من إنجاز بأنه فاق أكثر التوقعات تفاؤلا، في إشارة الى نمو غير عادي للإيرادات وانخفاض النفقات، وهو ما جعل أحد الكتاب الاقتصاديين في احدى الصحف اليومية يصف ما تحقق بالانجاز الكبير غير التقليدي.
بالرجوع الى ارقام الموازنة والتوقف عند مؤشرات الربع الاول فإنه للوهلة الاولى تجد ان الحكومة حققت انجازا ماليا مثمرا يستحق الثناء، وهو ما فعله الكاتب، لكن التمعن بتلك الارقام وقليلا من التحليل نجد ان الحكومة حققت انجازا وهميا لا اكثر، وان ما يدور من حديث حول الانجازات هو تلاعب بالارقام لا اكثر.
الثناء الاقتصادي ينصب على اساس أن الايرادات المحلية ارتفعت في الربع الاول من هذا العام بنسبة 17 بالمائة وهي تفوق تقديرات الحكومة للسنة بكاملها، والتي قدرت على اساس زيادة بنسبة 12 بالمائة.
والنقطة الايجابية الاخرى التي ظهرت بها ارقام الربع الاول في الموزنة هو انخفاض النفقات بنسبة 4.4 بالمائة، وهو ما اعتبر انجاز نوعي غير مسبوق.
لكن القراءة التحليلية تفند هذا التفاؤل، فنمو الايرادات الضريبية بنسبة 17 بالمائة لا يعود الى ارتفاع معدلات التحصيل او توسيع القاعدة الضريبية، وانما ياتي لعوامل اساسية، وهو ان زيادة الايرادات يعود الى ظهور ايرادات غير متكررة للحكومة، وهذا الامر يتعلق بعوائد الحكومة من رحصة الجيل الرابع لشركة اورانج والبالغ قيمتها 72 مليون دينار.
كما ان الربع الاول من أي عام يشهد اقبالا كبيرا على السداد الضريبي من قبل الشركات والافراد حتى يتجنبوا الغرامات التي تفرض عليهم بعد نهاية شهر اذار من كل عام، لذلك فإن المستويات الضريبية تعود الى مستوياتها المنخفضة بعد الربع الاول من كل عام.
أما مسألة انخفاض النفقات العامة فالامر لا يتعلق بالنفقات التشغيلية للجهاز الحكومي الذي لم تنخفض مصاريفه ابدا، بل يتعلق بانخفاض تنفيذ بند النفقات الرأسمالية في الموازنة والتي لم تتجاوز قيمتها الاجمالية في الربع الاول80 مليون دينار من اصل 1.146 مليار دينار رصدت في موازنة 2015، بمعنى ان الحكومة عاجزة عن سحب الاموال المخصصة للمشاريع الرأسمالية غير قادرة على تنفيذها، وهو ما يدلل على ضعف جهازها الاداري في تنفيذ المشاريع، ما يساهم في تثبيط الاقتصاد وعدم الدفع بالنمو الى الامام كما هو مخطط.
يتضح ان الحكومة ومن خلال مؤشرات الربع الاول في الموازنة العام ما تزال غير قادرة على الخروج من النفق الاقتصادي المظلم الذي وضعت نفسها به بواسطة قراراتها واجراءاتها التي لم تساهم باي شكل من الاشكال بتحفيز الاقتصاد.
ارقام الموازنة العام في الربع الاول من هذا العام توضح عجز الحكومة الاداري في تنفيذ المشاريع الراسمالية، وهو يعيدنا الى السيناريوهات السابقة التي كانت تتحدث عن فشل حكومة النسور في سحب اموال المنحة الخليجية لتنفيذ المشاريع المتفق عليها، وهو ما يؤكد للسنة الثالثة على التوالي ضعف الحكومة الاداري وعدم وجود مخططات لمشاريع راسمالية حقيقية.