التعديلات الدستورية بين الرفض والقبول
تشكل التعديلات الدستورية ركناً أساسياً في عملية الإصلاح السياسي وبدونها يصعب الحديث عن وجود إصلاح حقيقي.
لقد جاء الإعلان عن مخرجات اللجنة التي أنيط بها مهمة مراجعة الدستور وإجراء التعديلات اللازمة، جاء الإعلان عنها مفاجئاً للقوى الشعبية، بل أن حالة من عدم الرضا تسود الشارع الأردني وقواه السياسية، وهذا ما يفسر استمرار الحراك الشعبي ومطالبته بإصلاح سياسي حقيقي. الأمر الذي يقودنا إلى تحديد ما أغفلته التعديلات الدستورية، حينما تجاوزت المبدأ الدستوري ( الشعب مصدر السلطات )، هذه السلطات التي تتجسد في مجلس النواب، ولعل استمرار مجلس الأعيان ودوره التشريعي يشكل انتقاصاً لدور الشعب وحقه.
والمسألة الأخرى التي أغفلتها التعديلات الدستورية توفير نصوص تؤدي إلى فصل حقيقي بين السلطات وتداول للسلطة والارتقاء بآلية تشكيل الحكومات لتصبح حكومات منتخبة، حكومات تعكس الأغلبية البرلمانية، وما يفاقم من المشكلة ويضعف مجلس الأمة ودوره واستقراره، استمرار النص بحل مجلس النواب دون تقييد عملية الحل بالتعليل للحل.
ونحن نسجل اعتراضنا على التعديلات الدستورية، فإننا لا ننكر ما احتوته من نصوص عززت الحقوق للمواطن الأردني، وأسهمت كذلك بتعزيز سلطات القضاء من خلال المحكمة الدستورية، كل هذه التعديلات وإن سجلنا اعترافنا بأنها شكلت خطوة إيجابية وفي الاتجاه الصحيح.
ولكن السؤال المنطقي، هل حققت التعديلات الدستورية ولجان الحوار الأهداف المتوخاة منها شعبياً؟
إننا نعتقد أن مخرجات لجان الحوار في إطارها العام، أخفقت في التأسيس لإصلاح راسخ يمكن البناء عليه، وصولاً إلى دولة المواطنة ودولة القانون والدولة الديمقراطية.
إننا نرى أن جذر المشكلة يكمن في أن السلطة والحلف الطبقي الحاكم، لا يمتلك الإرادة السياسية للإصلاح، وأنهم يتعاملون مع مستحقات الحراك الشعبي الأردني من زاوية احتواء هذا الحراك وتبريد مطالبه من خلال مبادرات لا ترقى بأي حال من الأحوال لطموحات جماهير الشعب الأردني ولا تتوازى مع مقتضيات اللحظة السياسية محلياً وإقليمياً.
إزاء هذه الصورة، فإننا نعتقد أن الشباب الأردني سيستمر في حراكه حتى يحقق أهدافه بوضع الأسس العملية لبناء أردن وطني ديمقراطي ولن تنطلي عليه كل محاولات الخداع.
لقد شب الشباب عن الطوق وأمسكوا بأهدافهم جيداً، وهم ماضون بكل عزيمة وإصرار.