التطبيع والطريق المسدود!
الصراع العربي / الصهيوني كاشتقاق من صراعالأمة مع الاستعمار الذي كانتأبرز نتائجه تجلتبالتجزئة التي نعيش، وأداتها الدولة القُطرية التي دعمها الغرب لتعزيز هذهالتجزئةالتي لعبت دورًا هامًا في نشأة الكيان الصهيوني الذي بوجوده تحققت أهداف الغرب في تحويل وطننا الكبير إلى سوق مفتوحة للأسلحة، الملابس، الأغذية والمستشارين العسكريين والأمنيين وفي نفس الوقت لنهب ثرواته العديدة والأهم منها النفط والغاز الذي شكّلا الهدف الأهم من هذا الصراع.
منذ عهد الاستقلالات، خاصة بعد تفكك الدولة العثمانية وتبلور زعماء واحزاب عربية، لم ينقطع المسؤولون العرب عن التواصل مع الغرب بزعاماته المختلفة على وجه العموم والأكثر اهتمامًا بوطننا وخاصة فلسطين، يهود أوروبا (الصهاينة) أصحاب المشروع (الكيان) على وجه الخصوص، حيث كان لهذه الاتصالات ما توّجبالتبعية السياسية والاقتصادية التي كانت سببًا رئيسيًا في إحباط أي محاولة وطنية في التصدي لتحديات مرحلة ما بعد الدولة العثمانية، سياسيًاببناء نموذج دولة الوحدة، واقتصاديًا ببناء نموذج التنمية المستقلة التي تشكل البنية التحتية لمشروع الوحدة، الحلم الذي آمنت به جماهير أمتنا العربية على مساحة الوطن العربي، خلافًا للسياسات المالية والاقتصادية التي انتهجتها أنظمة الحكم حتى تلك التي ولدت بعد انتصارات شعبنافي أكثر من قطر عربي.
ضمن السياق أعلاه وبعد تحقيق مكاسب صهيونية في أكثر من معركة أدت إلى خروج دول هأمة من المواجهة كمصر، العراق وبعد إخراج المقاومة الفلسطينية من لبنان، فإن تسريب لقاءات القادة العرب مع الصهاينة أصبحت أكثر من طبيعية! حيث لعب الموساد والمخابرات الأمريكية دورًا هامًا في إنجاح هذه اللقاءات وفي تحقيق أهداف الطرفين في مزيد من استقرار الحكملهذه الأقطار، وخدمة المشروع الصهيوني في تحجيم قوى مقاومة الكيان فلسطينيًا وعربيًا على حدٍ سواء.
الاتفاقيات الرسمية الصهيونية مصريًا، أردنيًا وفلسطينيًا لم تحقق لهذه الدول أي من المكاسب التي وُعدت بها هذه الدول،والتي وعدت شعوبها على وقع موادها المتعددة بالشيء الكثير كثمرات وهم السلام!ثبت حسب المؤشرات الاقتصادية المختلفةأن المديونية في ارتفاع، ومؤشر النمو في تراجع، ونسبة البطالة في ازدياد، وكان غياب الاستقرار السياسي سيد المشهد.
إذًا لماذا تُقدم الإمارات رغم كل الدروس السالبة التي رشحت عن اتفاقيات”السلام” على الذهابإلىالمجهول لإقامة هذه العلاقة!؟
تكمنالإجابة على هذا السؤال بوجودأزمات متعددة يعاني منها الزعماء الموقعين على الإعلان، ترمب ومصائبه المتعددة وأهدافه الواضحة في محاولةالعودةإلى رئاسة الولايات المتحدة التي يشكل اللوبي الصهيوني أداة هامة في حسم نتائجها، نتنياهو الذي يعاني من فشل متواصل على نيل ثقة الكتل البرلمانية في تشكيل حكومة للمرة الثالثة خاصة بعد كشفت جائحة كورونا هشاشة النظام الصحي بالإضافةإلى ملاحقته بملفات فساد متعددة، أما بن زايد فمشاكله متعددة ومعقدة، سواء على الصعيد الخليجي أو الإقليميأو العالمي، فالفشل في اليمن، وليبيا وسابقًا سوريا وتراجع مؤشرات النمو وارتفاع معدلات الإصابةبكورونا وغيرها من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بالبلاد، جميعها تشكل تحديات للزعماء الثلاثةدفعتهم للإعلان عن هذا الاتفاق واهمين أنها قد تساعد في خروجهم من هذه الأزمات.
في المقابل كشف هذا الاتفاق مرة أخرى عن هشاشة النظام الرسمي العربي الذي فشل عبر جامعته العربية في تقديم أي مسوغ أو مشروعية لوجوده،إذ كشفت ردود الفعل العربية حسب دوائر الرصد العالمية أو مراكز الدراسات أو ردود فعل القوى السياسية العربية المقاومة للتطبيع مع الكيان الصهيوني حجم فشل وبؤسهذه الخطوة التي وصفها الجميع بأنها طعنة في خاصرة الأمة العربية والشعب الفلسطيني على وجه الخصوص.
انعكاسًا لذلك فقد التقى الخصمان الشقيقان فتح وحماس على رفض هذه الخطوة انسجامًا مع لقاء تم بينهما ضد الضم وصفقة القرن بحيث أن الطرفين أصبحاأكثر قربًا لبعضهما اليوم، خلافًالتوقعات المراقبين ورهان الأعداء وبذات السياق فقد أصبح من تراهن عليهم الإمارات، السعودية والكيان الصهيوني على حدٍ سواء، من زعماء جدد لفلسطين لقيادة مرحلة ما بعد الاتفاقيات التي تمت أو التي ستتم، غير مقبولين أبدًاحيث نعتهم الفلسطينيون أولًا والعرب دائمًا بالخونة، حيث أحرقت صورهم إلى جانب صور نتنياهو والرئيس ترمب.
محور المقاومة في الساحة السورية، واللبنانية والشعب الفلسطيني سواء في فلسطين المحتلة أو في الشتات ما زال يثبت مرة تلو المرة، أنه قائد حقيقي لمعركة أمتنا وكبش الفداء في مواجهة مؤامرة الغرب التي تستهدف حاضره ومستقبله وعدالة قضيته.