نداؤنا

التطبيع الإماراتي “الإسرائيلي”

لا تزال مفاعيل وردود الفعل الرافضة للاتفاق الإماراتي “الإسرائيلي”،  في تصاعد وازدياد على المستوى الشعبي وبعض المستويات الرسمية.

هناك من ينظر لهذا الاتفاق على أنه خذلان وتنكر للشعب الفلسطيني، وحقوقه الوطنية، وآخرين من رأوا فيه خرقاً للأمن القومي العربي، وخروجاً عن الإجماع العربي، بعدم الالتزام بالمبادرة العربية للسلام، والقبول بالتطبيع دون الالتزام من قبل الكيان الصهيوني بالانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وبالتالي يفرض العدو مقولته القديمة الجديدة: “السلام مقابل السلام”، هذه المقولة أول من أسس لها “جابوتنسكي” بمقولته المعروفة (بالجدار الحديد)، والذي انطلق من خلالها أن العرب لن يقبلوا بالوجود الصهيوني إلا من خلال إمتلاك الكيان لقوة هائلة تفرض عليهم التسليم الكامل للمطالب الصهيونية.

ذلك أنه وعلى امتداد الصراع وسنين التفاوض العديدة، لم تسلّم “إسرائيل” بأية مطالب عرضية، بل على العكس من ذلك فإن حزب “الليكود” باعتباره وريث جابوتنسكي من ناحية، والاستدارة الكاملة للمجتمع “الإسرائيلي” نحو اليمين من ناحية أخرى، بالإضافة إلى اللحظة التاريخية المميزة بالنسبة للإدارة الأمريكية والمتمثلة بتبينها الكامل لرؤية “الإسرائيلية” وحالة التهلهل الرسمي العربي، كل ذلك جعل من مقولة سلام مقابل سلام هي سيدة التفكير الصهيوني.

وهذا ما يفسر الإصرار الأمريكي الصهيوني على استغلال هذه اللحظة لفرض التطبيع العربي الشامل مع الكيان الصهيوني، وما يشكله هذا التطبيع من عنصر مؤثر على الإنتخابات الأمريكية وما ينظر له “نيتناهو” كمخرج من أزماته المتعددة التي يواجهها.

لقد نجحت “إسرائيل” في تسويق (الوهم معنا كعرب) في تسويق السلام والاستقرار والإزدهار الإقتصادي مقابل التطبيع معها، ولكننا لم نحقق مقابل ذلك التطبيع إلا المزيد من الفقر والمزيد من التبعية والإرتهان لها.

“إسرائيل” نجحت في تسويق مفاهيمها، وفرض رؤيتها (للسلام)، وحولت الوطن العربي إلى مسرح لها تتحرك حيثما شاءت وأرادت.

إننا نرى في اتفاقية “الإمارات وإسرائيل” إضافة جديدة للخاسرين العرب، وإنجاز جديد يحققه الكيان من خلال زيادة عدد المطبعين.

لقد بات الحال مكشوفاً أكثر من ذي قبل، ولم يعد السؤال المناسب: هو كيف حالنا؟؟ بل إن السؤال الأكثر صحةً ودقة هو: لماذا أصبح حالنا هكذا؟؟ 

إن الإجابة على ذلك السؤال: تتمثل بأن حالنا بدأ يسوء عندما انحرفت رؤيتنا للتناقض الأساسي، وراح البعض ينفخ في التناقضات الثانوية لتحتل الصدارة.

إننا نرى أن إعادة الاعتبار للتناقض الأساسي مع العدو الصهيوني هو المدخل لتصويب الحال ووقف عملية التراجع أمام الهجمة الإمبريالية الصهيونية، وهو كذلك نقطة البداية لحشد الجهود كلها في عملية المواجهة للمشروع الإمبريالي الصهيوني، وصولاً إلى دحر العدو والانتصار عليه.

بواسطة
د. سعيد ذياب الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى