التحرش الصمت المؤدي للكارثة/ بقلم: عائشة بلعاوي
يعرف التحرش بأنه أي صيغة من الكلمات غير المرحب بها و/أو الأفعال ذات الطابع الجنسي والتي تنتهك جسد أو خصوصية أو مشاعر شخص ما وتجعله يشعر بعدم الارتياح أو التهديد أو عدم الأمان أو الخوف أو عدم الاحترام أو الترويع أو الإهانة أو الإساءة أو الترهيب أو الانتهاك أو أنه مجرد جسد.
يرجع استخدام مصطلح التحرش الى عام 1973, وتعد أشكال التحرش عديدة فمنها النظر المتفحّص والتعبيرات الوجهية والنداءات والتعليقات والملاحقة أو التتبع والاهتمام غير المرغوب به والتحرّش عبر الإنترنت واللمس والاعتداء الجنسي والاغتصابوالاعتداءات الجماعية.
وبغض النظر عن الاختلاف بتحديد حجم المشكلة بتوصيفها بأنها حالات أو ربما تصل لتكون ظاهرة, تبقى الحقيقة البارزة أنها تفت عضد المجتمع بسكون, ويبقى التحرش مفهوما يحرم ذكره ويعتبر الخوض بالحديث عنه عيبا وكأن عدم ذكره ينفي كونه واقعا يدمر كل من تتعرض له, ينتج عن أمراض نفسية يعاني منها كل متحرش تؤدي بالضرورة لمشاكل نفسية تعبر للضحية في سلسلة لن يقطعها الا الوقوف الجريء الصارم بوجه هذا الفعل المسيء لكل مكونات المجتمع.
ويعزو العديد من الباحثين في هذا المجال أسباب انتشار حالات التحرش الجنسي بالمراة الي الواقع الاجتماعي والاقتصادي والثقافي السئ الذي تعيشه جميع مكونات المجتمع فسياسية الافقار التي تمارسها الأنظمة تجاه الشعوب ومحاولات التجهيل وصرف نظر الشباب عن القضايا الجوهرية ومحاولة اغراقهم بكل ما هو سطحي وعدم قدرهم على تنمية ميولاتهم الفنية والثقافية والأدبية أو في أي مجال كان تضع العصي في دواليب التحجيم والقضاء على هذه الظاهرة بالاضافة الى اظهار المراة كسلعة والترويج لها كجسد يستخدم للعرض, الى جانب سلبية المراة وتجنبها الحديث أو الابلاغ عن تعرضها للتحرش والذي قد يعتبره البعض موافقة ضمنية منها , وهذا من شأنه تضييق الخناق عليها وتفاقم مشكلاتها ويعزز انتشارها كما أن هناك ما ارتبط بعوامل وظروف اجتماعية تجعلها تغض البصر لما يحدث لها وخاصة ما تتعرض له في سوق العمل والخشية من فقدان عملها.
لكل ما تقدم يجب أن نولى اهتماما خاصا بقضية التحرش من قبل الدول والحكومات والقضاء ومؤسسات المجتمع المدني ويجب العمل على ايجاد حلول جذرية من شأنها أن تحمي المراة وتعزز ثقتها بنفسها وتشجعها على الابلاغ عن أفعال التحرش ورفع مستوى الوعي لديها بأشكال التحرش وأنواعه لتنتهي ثقافة الصمت, فالخروج من حالات الخوف والصمت والتردد ومناقشة موضوع التحرش الجنسي, واظهاره على السطح كي لا يبقى وزرا تتحمله المراة بصمت خوفا من الفضيحة والسمعة, فالظلم الاجتماعي والتحرش بكل أشكاله من أبشع صور الانتهاك لحقوق المراة فالمطلوب هو الخروج من ثقافة الصمت المؤدي الي الكارثة.