أخبار محلية

البطالة المقنعة مشكلة اقتصادية سببها سياسات حكومية

 البطالة المقنعة مشكلة اقتصادية سببها سياسات حكومية لم يفكر خالد ولو للحظة واحدة أن الأقدار سترمي به ليعمل بائعاً في محل لألعاب الأطفال، بعد أربع سنوات من دراسة البرمجة (علم الحاسوب).

ولم يتصور ابن الاثنين وثلاثين عاماً أن جهاز الكومبيوتر المحمول الذي ظل ملازماً له طيلة فترة دراسته سيقتصر استخدامه له لاحقاً على الألعاب والدردشة مع أصدقائه.وحال سوسن لا يختلف كثيراً عن خالد، فقد أجبرتها ظروفها الإقتصادية الصعبة إلى العمل في محل لملابس السيدات، بعد أن تخرجت بتقدير جيد جداً في تخصص العلوم السياسية من جامعة اليرموك، حيث لم يسعفها هذا التميز في توفير فرصة عمل لها في مجال دراستها ولم تلعب معرفتها بالنظريات السياسية أي دور في إيجاد فرصة عمل حقيقية.البطالة الشغل الشاغل للأردنيين وتعتبر البطالة إحدى أكبر المشاكل التي يعاني منها الأردن، والتي يوعزها البعض لسوء السياسات الاقتصادية وغياب التخطيط الحكومي من جهة، وسوء التنسيق بين القطاع الحكومي والخاص من جهة أخرى، ذلك ما يؤدي إلى ارتفاع مستمر بمعدلات البطالة، بدلاً من خفضها أو حلها جذرياً.ونتيجة للركود الإقتصادي الذي يمر به الأردن منذ فترة ليست بالقصيرة والتي أدت إلى التراجع الكبير في خلق فرص عمل كافية، إضافة إلى غياب التوجيه الصحيح لطلبة التوجيهي لحاجات سوق العمل، وعدم وجود التخطيط بين الجامعات وبين الجهات المسؤولة عن احتياجات السوق، وتخريج الجامعات لأفواج هائلة من تخصصات باتت راكدة، وانتشار الواسطة والمحسوبية في التعيينات. كل هذه العوامل لعبت دوراً كبيراً في انتشار ظاهرة البطالة المقنعة. حيث يعمل الأشخاص في مهن مختلفة جذرياً عن مجال عملهم.ويرى محللون أن البطالة المقنعة تؤدي حتماً لكفاءة أقل، وذلك بتوظيف الأفراد في تخصصات تختلف كلياً عن تخصص دراستهم. وتعرف منظمة العمل الدولية العاطل على أنه كل من هو قادر على العمل وراغب فيه، ويبحث عنه، ويقبله عند مستوى الأجر السائد، ولكن دونى جدوى، فيما تعبر البطالة المقنعة عن كل شخص لا يجد عمل يتناسب مع مؤهلاته وتخصصه.آراء رئيس السابق للمجلس الاقتصادي والاجتماعي د. جواد العناني، حاول أن يأخذ الجانب الممتلئ من الكأس، ليعتبر أن عمل الأفراد في مجالات تختلف عن تخصصاتهم قد يفتح المجال لخبرة جديدة ومحاولة للإبداع في مجال آخر. لكن الدكتور عناني لم ينكر في تصريحه لـ “نداء الوطن” أن البطالة والبطالة المقنعة تعتبر هدر للموارد البشرية في الأردن، ولا بد من وجود حلول جذرية لهذه المشكلة. كما واعتبر أن غياب المهنية في التوظيف والاعتماد على ما يسمى بالواسطة جزء أساسي يقع وراء ارتفاع معدلات البطالة المقنعة، بالإضافة لجملة الإجراءات التي تقوم بتعقيد سير المعاملات الرسمية، وذلك بتوظف عدد أكثر من اللازم لسير معاملة واحدة.

من جهة نظر أخرى، يرى عضو اتحاد نقابات العمال المستقلة عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة الشعبية الرفيق جميل الخطيب، أن مشكلة البطالة والبطالة المقنعة مشكلة مستعصية لها جذور طويلة، وأن السبب الرئيسي وراءها له علاقة مباشرة بالسياسات الاقتصادية.كما أشار الخطيب لـ “نداء الوطن” أن الأرقام التي تصدر عن دائرة الإحصاءات ما هي إلا أرقام بسيطة عن نسب البطالة بشكل عام موعزاً ذلك لأبعاد سياسية خاصة بالحكومة، فالأرقام الرسمية تشير إلى نسبة بطالة تبلغ 12,5 لعام 2014، بينما توصلت النقابات العمالية المستقلة لنسبة تقارب الـــ 28%. موضحاً الخطيب تلك الأرقام المضاعفة عن الأرقام الرسمية بمقارنته لنسبة العمالة الوافدة والبطالة في الأردن خلال السنوات الماضية القريبة، والتي وصلت إلى ما يقارب 650,000  وافد منهم 350,000 وافد يعملون من دون تصاريح، في الوقت الذي تشير فيه الأرقام الرسمية إلى 300,000 ألف أردني عاطل عن العمل وذلك أقل من نصف العمالة الوافدة. من جهة أخرى يؤكد الخطيب على إهمال الجامعات بأن توازي بين ما يطلبه سوق العمل والتخصصات التي يقدم لها الطلاب، وذلك لأنها تحولت من صروح تعليمية لشركات تجارية هدفها الأول والأخير الربح المادي، ذلك ما يؤدي بشكل كبير للبطالة المقنعة.


الناطق الإعلامي لوزارة العمل نبيل عمار، يؤكد أن مشكلة البطالة همّ كبير يقع على عاتق الوزارة والتي تحاول بشكل دائم إيجاد حلول لخفض مشكلة البطالة والبطالة المقنعة بما يتناسب مع الوضع الاقتصادي للدولة حلول تعددت أسباب البطالة واختلفت بين كل من د. العناني والخطيب، لكن كان هناك اتفاق على الطرق التي تؤدي لحل هذه المشكلة التي باتت تدمر بفرص نجاح الموظف الأردني، ليتفق كل منهم على ضرورة تغير الترتيبات الإدارية، والنظر إلي السياسات الاقتصادية للحكومة. ومن جهته شدد الخطيب على ضرورة وجود تنسيق مستمر بين الجامعات وبين الجهات المسؤولة عن سوق العمل، لتقوم تلك الجهات كوزارة العمل مثلاً على وضع توصيات للتخصصات الراكدة في الأسواق. لكن يعود الخطيب ويؤكد على أن الجامعات باتت شركات تجارية ليس من شأنها الاهتمام بمستقبل الطالب المهني، ولكن هدفها الأول الربح من جيوب هؤلاء الطالبة.من جهة متفاءلة أخرى، يؤكد عمار على المشاريع المستمرة التي تقوم بها وزارة العمل للسيطرة قدر الإمكان على كافة أشكال البطالة، وأنها تبحث الحلول مع كافة الجهات المعنية من مؤسسات حكومية وقطاع خاص ومؤسسات مجتمع مدني، مشيراً إلى أن معظم السياسات التي تقوم بها الوزارة تؤدي في محصلتها للحد من معدلات البطالة والبطالة المقنعة. ويبقى الأهم .. هل تستطيع حكومة تنفذ إملاءات صندوق النقد الدولي بما تحمله هذه الإملاءات من بيع لمقدرات الوطن، وبالتالي تقليص إمكانيات إيجاد فرص عمل؟؟!! وهل تستطيع حكومة رفعت يدها عن الجامعات أن تفرض على هذه الجامعات إلغاء مساقات معينة أو تدريس مساقات أخرى حسب حاجة سوق العمل؟؟!!  في انتظار الإجابة على هذه الأسئلة، سيستمر خالد في عمله بمحل ألعاب الأطفال ولن يعود لجهازه المحمول. أما سوسن فستتنقل في عملها من محل ملابس إلى آخر في انتظار تعيين ديوان الخدمة المدنية الذي يبدو أنه لن يأتي أبداً .

اظهر المزيد

نداء الوطن

محرر موقع حزب الوحدة الشعبية… المزيد »
زر الذهاب إلى الأعلى