الاعتصام المفتوح لطلبة “الأردنية” .. أنموذجاً لإرادة التغيير/ بقلم: *حاتم الشولي
يعد الحراك الطلابي داخل الجامعات الأردنية من أهم وأبرز صور النشاط المجتمعي والثقافي والشبابي في محاولة التصدي لضغوطات البرامج الرأسمالية التي تنتهجها بعض المؤسسات في الأردن لا سيما التعليمية منها، التي ترتبط ارتباطاً أساسياً بحياة الشعب الأردني الذي أصبح التعليم من أكبر إنجازاته وتطوراته في مسيرة الهوية الحضارية والثقافية عبر تاريخه.
لا يعد الاعتصام المفتوح الذي ينفذه طلبة الجامعة الأردنية منذ فترة الأول في تاريخ الجامعات الأردنية، فصوت الطالب الأردني الذي يحارب من أجل التعليم صرخ منذ عشرات السنين وهو ينادي بحق مجانية التعليم وتسهيل الطرق والسبل التي تؤدي إلى نجاح العملية التعليمية في الأردن والارتقاء بها لدخول خريطة الدول المتقدمة في العلم والمعرفة، الأردن البلد النامي الذي يجول اسمه العالم في خطوات الإصلاح والتقدم رغم شُح الإمكانيات والمصادر، إلا أنه استطاع فعلياً تقديم نماذج عديدة في التطور الإنساني المعرفي في حقل مليء بالحواجز والعقبات التي تحاول دوماً صد هذا التقدم النوعي.
من المؤسف جداً أن المؤسسات التعليمية، الجامعات والمدارس الخاصة تحديداً هي العقبة الأبرز في تطور الإنسان الأردني الذي يسعى لتطوير المسيرة التعلمية في البلد، هذه المؤسسات تُمارس دور التجارة بحق الطلاب، مع غياب كلي لدورها الأساسي في دعم الطالب وتوفير كل السبل لإنجاح التقدم التعليميي والفكري له لكي يصبح مستقبلاً رائداً في تطوير الأردن في شتى المجالات، الجامعة الأردنية التي يثار العديد من الأسئلةً حول طبيعة تعاطيها مع أزماتها المالية المتكررة، لم تنجح ولا مرة في تخطي أزماتها المالية دون العودة والارتكاز على الطلاب لسد فجواتها الفادحة لمحاولة التقليل مع عجزها المالي المتراكم منذ سنوات.
مطاعم، محال تجارية وغيرها العديد من الصور التجارية التي تشاهدها في حرم الجامعة الأردنية والتي مع الزمن تتحول إلى مجمع تجاري هدفه الأول والأخير جمع الأموال! لمصلحة من يتم تخريب تاريخ هذا الصرح التعليمي الكبير الذي يعد الصورة الأكبر والأقدم لتاريخ الأردن التعليمي المتطور؟ ثم إن إدارة الجامعة كيف لها أن تتجرأ على رفع رسوم برنامجي الموازي والماجستير على الطلبة الذين يأتون بنسبة كبيرة من المحافظات والعائلات متوسطة الدخل في المجتمع الأردني؟ هل أصبح التعلم في هذا الوطن للأغنياء فقط!
الجامعة الأردنية التي خرّجت أفواجاً ممن قادوا هذا الوطن في مختلف مؤسساته، وشرّفوا اسم البلاد في المحافل الدولية الثقافية، العلمية والمعرفية ونالوا على جوائز بيّنت حجم احترام العالم لإبداع وطاقات الشباب الأردني، لا بد من مظلة تحتوي إبداع هذا الشباب ومن قبل ذلك كله توفير أبسط حقوق الإنسان وهو حقه في التعليم، والذي كان من المفترض أن يكون مجانياً، ولكن حالت ظروف البلد الاقتصادية إلى أن يكون التعليم بالمال، فليكن كذلك؛ ولكن ليكن على بساط ما تقدمه الحكومة أيضاً من مستحقات مالية لموظفيها، فلا يوجد أي معادلة رياضية في التاريخ البشري تقول أن أسرة من أربعة أفراد مثلاً دخلها السنوي لا يتعدى أربعة آلاف دينار يكلفها تعليم ابناً واحداً من أبنائها أكثر من ثلثي الدخل!
طلاب الأردنية ما زالوا مستمرين في إضرابهم، ليشكلوا في ذلك صورة رائعة وجميلة على أن الطالب يستطيع التغيير داخل جامعته وله الحق في تنفيذ كل صور التعبير السلمي لكسب حقوقه، لأن المجتمع الأردني يسعى دوماً لتطوير نفسه من خلال تسلحه بسلاح العلم والمعرفة، وإن أبت الجامعات نفسها على هذا التغيير، فالطالب الأردني قادر على أن يحارب من أجل رفع اسم الوطن عالياً في العلم والتعليم أمام العالم أجمع.
*صحفي أردني