مقالات

الاستقرار المالي ام الاستعباد المالي

“الإدخار يؤدي إلى الاستثمار” هذه هي أولى القواعد الاقتصادية التي تربط وتعالج فكرة أن النهج الاقتصادي الذي يسلكه الفرد ما هو إلا جزء أساسي من مكونات الاقتصاد الوطني, فعندما يفوق دخل الفرد مصروفاته سيتولد فائض نقدي والذي بتراكميته تتحرك أولى عجلات الاستثمار ألا وهي الإدخار.


سيقوم البنك المركزي في منتصف الشهر المقبل بإصدار تقرير الاستقرار المالي للأردن لعام 2015. ومن أهم المؤشرات القياسية الذي يقدمها هذا التقرير “نسبة مديونية الأفراد إلى دخولهم”. وأظهر تقرير البنك المركزي للعام 2014، ارتفاع نسبة مديونية الأفراد إلى دخولهم من حوالي 40% في نهاية عام 2008، إلى حوالي 63% في نهاية عام 2014، ومن المتوقع أن تصل إلى 70% في نهاية عام 2015، وذلك كنتيجة طبيعية للسياسة المالية المتبعة من قبل الحكومة بخصخصة جميع مقدرات الوطن والخدمات الأساسية وما يصاحبها من ارتفاع للأسعار والسياسة الضريبية باعتمادها الضرائب غير المباشرة والتي مصدرها الوحيد دخل المواطن والأفراد وجميع ما تم ذكره يعمل على تآكل الدخول وانخفاضها اقتصادياً بقوتها الشرائية نتيجة التضخم وارتفاع الأسعار بنسب لا يقابلها ولا يعادلها زيادة حقيقية في الأجور.
كل هذه العوامل أدت إلى ضعف الحركة الاقتصادية على فترات متعاقبة ما أدى إلى نمو نسب مديونية الأفراد بنسب تفوق نمو دخولهم، والخطير أن هذا النمو سيفاقم ويضاعف من نسب التضخم وسيعمل على ازديادها بشكل سريع وتشكل فقاعة اقتصادية أساسها تضخم مالي لن تطول حتى تنفجر. فعند قراءة إحدى النسب الواردة بالتقرير والتي تشير إلى أن ما نسبته 35% من التسهيلات والقروض الممنوحة للأفراد ما هي إلا تسهيلات عقارية وأن نسبة التسهيلات المرفوضة من قبل البنوك قد انخفضت من 26.8 % لعام 2012، إلى ما نسبته 15.8% لعام 2014, عند قراءة هذه النسب بطريقة علمية، نجد أحد أسباب التضخم الرئيسية وارتفاع هذه النسب بهذه الطريقة يخبرنا ما هو الآتي.
أحد أهم مخاطر ارتفاع مديونية الأفراد هو تشكل حركة اقتصادية وهمية لا تعتمد إلا على حركة تبادلية غير حقيقية للأصول والخدمات تعمل على ارتفاع أسعارها من على قاعدة حركة السوق وطرفي معادلة العرض والطلب، وبالتالي رفع نسب التضخم بمعدلات عالية لا يعتمد على مقومات اقتصادية حقيقية بل حركة وهمية للسيولة النقدية دون مقابلتها بغطاء اقتصادي ومالي.
ولعل خير دليل على ذلك أزمة الرهن العقاري لعام 2008، التي هزّت العالم وأطاحت بأقوى اقتصاديات العالم.
السؤال الأهم: هل هناك توجه لإغراق الأفراد بالمديونية في الأردن؟ أم هي إحدى وصفات صندوق النقد والبنك الدوليين لنبقى في قفص التبعية والاحتلال الاقتصادي والمالي؟ إن هذه النسب تدعم وتؤكد أن ما نسبته 92% من ثروات الأردن ومجموع الدخول يملكها ما نسبته 3% من المواطنين، بينما السواد الأعظم من المواطنين (97%) لا يملكون إلا ما نسبته 8% من الدخول.. إلى أين نحن ذاهبون وما هو شكل الأردن الاقتصادي القادم؟!.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى