الاستثمار الخارجي والاستثمار العربي في الاردن
أولى الأردن الاستثمارات الخارجية أهمية قصوى في سعيه لمحاولة رفع نسبة النمو التي تباطأت كثيراً خلال السنوات الماضية من عمر الممكلة , حيث كانت العوامل التي ساهمت في استقطاب الكثير من رؤوس الاموال كثيرة بالاضافة الى ان هناك عوامل كانت سبباً في هروب الكثير ايضاً من رؤوس الاموال الاردنية الى دول عربية واجنبية بالاضافة الى هروب بعض رؤوس الاموال الاجنبية من مشاريع استثمارية استراتيجية.
لقد كثر الحديث عن الاستثمارات الاجنبية مع بداية تسعينات القرن الماضي, بعد ان انتصر رأس المال عالمياً انعكاساً لتفكك الاتحاد السوفيتي ونجاح الجولة الثالثة عشر لمنظمة التجارة العالمية التي انعقدت في الاوروغواي حيث اكتمل النظام العالمي الجديد الذي قام منذ سنة 1945 على اركان ثلاث (البنك الدولي, صندوق النقد الدولي, ومنظمة التجارة العالمية) ودخل الاردن الى حلبة الحوار مع المنظمة وتعامل خلال السنوات الماضية مع الصندوقين لتتوج حواراته للانضمام للمنظمة في نهاية تسعينات القرن الماضي, حيث خفف من قيود كثيرة على التشريعات الاقتصادية المختلفة التي كان ابرزها تخفيض الرسوم الجمركية على السلع والخدمات الواردة بالاضافة الى اقرار قانون الضريبة العامة على المبيعات والتخفيض من النسب الضريبية على دخول الافراد والمنشآت بشكل متناسب عكسياً مع رفع النسب الضريبية على المبيعات, كما قام بتحديث قوانين الحزمة الاقتصادية المتعلقة بالشركات والبورصة, البنوك وتشجيع الاستثمار وغيرها من القوانين ذات الصلة بالاضافة الي اقرار قانون التخاصية, تشجيعاً لرأس المال الذي عمل الاردن قيادة وحكومة على استقطابه عبر جولات متعددة ومتنوعة كان ابرزها الدول الاوروبية وامريكا على وجه الخصوص ودول شرق اسيا وفي مقدمتها روسيا الاتحادية على وجه العموم.
لا شك ان الحديث في هذا المؤتمر عن العوامل الجاذبة للاستثمارات كان كثيراً ومباشراً من ممثلي الهيئات المعنية في الاستثمار في الاردن سواء كانت جهات حكومية او مؤسسات عامة فالامن والامان, والموقع الاستراتيجي, الاستقرار السياسي, اقتصاد السوق, الاعفاءات الضريبية, سهولة الدخول للاسواق, المناطق الحرة, المدن الصناعية, الموارد البشرية, البنية التحتيه, نظام الاتصالات وقاعدة البيانات الواسعة والشاملة, حرية صرافة وتحويلات مالية, تعليم عالي بالاضافة الى توفير بيئة سياحية وفندقية مناسبة واماكن اثرية متنوعة, لكن هناك عوامل محبطة للاستثمار ايضاً لا بد من الاشارة اليها يعاني منها الاردن كباقي دول العالم على وجه العموم ودول العالم الثالث على وجه الخصوص, بهدف العمل على فهمها والمساعدة في تجاوزها, حيث ساهمت هذه العوامل في هروب الكثير من رؤوس الاموال المحلية والاجنبية على حدٍ سواء, سواء من حيث عدم استقرار التشريعات الاقتصادية والضرائب نموذجاً, او كان بسبب انتشار معدلات الفساد حيث اخذت شكلاً افقياَ بعد ان تعمقت فجوة الدخول بين المواطنين بالاضافة الى اتباع سياسات ضريبية ساهمت في مزيد من الاعباء التي تنوء تحتها دخول الاسر بشكل عام و او امكانيات الطبقة الوسطى التي تعتبر حاملة الطبقات وخالقة التوازن في المجتمع التي تأثرت كثير بتراجع نسبة النمو وارتفاع معدلات البطالة!؟
رغم كل ما سبق الا ان حصة الاردن من الاستثمارات العربية والاجنبية كانت تؤكد دائماً للمستثمرين على اهمية الاستثمار في الاردن حيث بلغت اجمالي الاستثمارات الاجنبية في الاردن للسنوات 2003-2016 بحدود (47) مليار و (359) مليون دولار وبواقع (335) مشروع خلقت (70515) فرصة عمل وشاركت بانجازها (265) شركة حيث احتل الاردن المرتبة التاسعة من حيث كلفة هذه المشاريع واحتلت مصر المرتبة الاولى بواقع (186) مليار دولار تقريباً تلتها السعودية بمبلغ (164) مليار دولار وتأتي الامارات العربية بالمرتبة الثالثة بمبلغ (152) مليار دولار.
لقد زاد الاستثمار الاجنبي للاردن في عام 2016 عن العام 2015 بنسبة (5%) حيث بلغت الزيادة مبلغ (32) مليون دولار حسب تقرير الاستثمار في العالم لعام 2017 الصادر عن الاونكتاد.
خلال السنوات الخمس الماضية بلغت كلفة اجمالي الاستثمارات الاجنبية في الاردن مبلغ قريب من ال (18) مليار دولار حيث احتلت روسيا المرتبة الأولى باستثمارات بلغت (10,032) مليون دولار، تليها ماليزيا (1,600) مليون دولار، فكوريا الجنوبية ثم الإمارات فأستونيا وإيطاليا .. الخ، وبلغت قيمة هذه الاستثمارات (17,963) مليون دولار أمريكي.
وكانت اهم الشركات الكبرى المستثمرة في الاردن خلال السنوات 2012 حتى 2016 شركة (Rosatom) الروسية, (YTL) الماليزية, مجموعة عامر المصرية, (KEPCO) الكورية الجنوبية واستونيا للطاقة الاستونية.
اما اهم القطاعات التي شملها هذا الاستثمار فكان قطاع الفحم والنفط والغاز الطبيعي بقيمة بلغت (13,195) مليون دولار، يليه قطاع قطاع الطاقة البديلة بقيمة (1,675) مليون دولار، ثم قطاع العقارات فقطاع الخدمات المالية فالتغذية .. الخ، وبمجموع استثمارات بلغت (17,753) مليون دولار أمريكي.
في العام 2016 احتل الاردن الدولة التاسعة في استقطاب الاستثمارات العربية والاجنبية حيث احتلت ماليزيا المرتبة الاولى بمبلغ (1600) مليون دولار تلتها دولة الامارات العربية بمبلغ (529) مليون دولار ومن ثم البرتغال بمبلغ (439) مليون دولار تلا ذلك ايطاليا بمبلغ (223) مليون دولار فالسعودية بمبلغ (220) مليون دولار اما امريكا فبلغ استثمارها (103) مليون وفرنسا بمبلغ (134) مليون دولار وكندا بمبلغ (48) مليون دولار.
من هنا نجد ان مجالات الاستثمار في السوق الاردني ما زالت واسعة, حيث يمنحها موقعها الجغرافي قدرتها على خدمة العراق وسوريا بعد ان ازدادت مؤشرات التسوية السياسية بعد الحرب الطاحنة التي اجتاحتهما خلال السنوات الماضية, حيث يحتاج هذان البلدان العربيان الى اعادة بناء البنية التحتية في كافة المجالات خاصة المتعلقة منها بشبكة المواصلات او الاتصالات او الاعمار او الاستثمار في قطاع الصناعة او الطاقة او تجديد البنية التحتية للزراعة, فالاردن وما يملكه من ثروة علمية وبشرية مدربة يستطيع ان ينتزع مكانه في الفريق الذي قد يخدم العراق وسوريا, اذا ما احسنت الحكومة ومؤسسات القطاع الخاص اتصالاتها وحوارها مع حكومتي الدولتين الشقيقتين وخاصة ان الاردن حاول ان يناور سياسياً في ان لا يحسب على طرف من اطراف الصراع بشكل صريح وواضح باستثناء انحيازه الى جانب الدول المحاربة للارهاب المسلح او غير المسلح.