الإسلاميون والحلفاء والمعارضة النيابية في مجلس 18..
لا تبدو حظوظ المعارضة النيابية في مجلس النواب الثامن عشر بذات الصورة والمضامين التي كانت عليها في المجلس السابق، ففي المجلس الحالي ثمة معارضة واضحة المعالم برأس تمثله كتلة الإصلاح النيابية ذات الهوية الإسلامية التنظيمية، ومعارضة أخرى غير واضحة المعالم لكنها ستتشكل وفقاً لظروف المجلس ومعطياته الرقابية والتشريعية، وهي ذات المعارضة التي كانت تفرض إيقاعها المتواضع في المجلس السابق دون أن تتشكل في إطار هوياتي تنظيمي واضح المعالم والتفاصيل. وإذا كانت كتلة نواب الإصلاح الائتلافية التي تضم نواب حزب جبهة العمل الإسلامي ومن نجح معهم مؤتلفاً في كتلة الإصلاح الانتخابية يشكلون ما نسبته (10,8%) يمثلون 14 نائباً، فإن الصورة البرلمانية من الداخل لا تسمح بوضع أرقام ثابتة وواضحة لعدد النواب الذين سيحسبون على المعارضة البرلمانية، فمثل هذا السم البرلماني المعارض سيفصح عن نفسه بالتعامل مع الجانبين التشريعي والرقابي بالقطعة ووفقاً لما يتم طرحه من تشريعات وقضايا، ومن يمكن أن يكون في خط المعارضة في قضية ما قد لا يكون في ذات التصنيف في قضية أخرى.
ومن هنا تبدو إشكالية تعريف المعارضة البرلمانية وتأطيرها ضمن خط سياسي وبرامجي واضح المعالم والخطوط، وهو ما لم يتم في السابق، فلا يزال مفهوم المعارضة البرلمانية مفهوماً شائكاً ومتداخلاً وغير مؤطر، وهو ما يستدعي وبالضرورة تحديد مفهومه وما تعنيه.
إن المعارضة البرلمانية تنتج وبالضرورة عن التمثيل النيابي الحزبي الذي يصل للبرلمان عن طريق الانتخاب على أسس حزبية، والحزب الذي ينجح بالأغلبية يشكل الحكومة منفرداً أو ضمن ائتلاف حزبي قد يكون من أحزاب صغيرة أو أحزاب أكبر، والحزب أو الأحزاب الأخرى تقوم بدور المعارضة البرلمانية.
في الحالة الأردنية فإن التجربة مختلفة بكاملها، ولا يمكن القياس عليها، وهذا أمر بدأ منذ المجلس الحادي عشر سنة 1989 وحتى اليوم، وبالرغم من أن وجود النواب الإسلاميين في مجلس (11 و12 و14 و15 ) إلى جانب نواب آخرين يمثلون تيارات سياسية مختلفة منحوا المعارضة البرلمانية كيانية واضحة، إلا أن المعارضة البرلمانية ظلت مرتبطة بوجود الإسلاميين، بالرغم من أن نواباً كثيرون قاموا بدور معارض جيد، إلا أن المعارضة البرلمانية ظلت دون تأثير حقيقي في توجهات التصويت للمجالس النيابية السابقة.
في المجلس الثامن عشر الحالي الذي سيبدأ أعمال دورته العادية الأولى بعد ظهر السابع من تشرين الثاني الجاري، ثمة سيناريوهات جيدة لتشكيل لوبي نيابي معارض لا يكفي للتأثير على خارطة اتجاهات التصويت داخل المجلس، لكنه بالمقابل سيمنح المجلس تكتلاً برلمانياً معارضاً يسمح لكل المراقبين بتلمّس خطوط تلك المعارضة وخطابها السياسي والبرامجي والخدماتي، في مواجهاتها مع خطوط التماس والخطوط المتداخلة مع اللوبي النيابي الحكومي الذي سيجد نفسه مدفوعاً لمواجهة التيار المعارض بقوة وبحدة قد تؤدي بالنتيجة لمنح الحكومة الحالية ممرات عبور آمنة ومجانية. المعارضة البرلمانية في المجلس الحالي لا تزال في إطار التبلور وإن كان نواب الائتلاف الإسلامي (كتلة الإصلاح) تشكل الإطار البرلماني له، إلا أن معارضين آخرين سيعملون خارج الهوية البرلمانية الإسلامية إلا أنهم وبالنتيجة سيضطرون للتنسيق مع الإسلاميين وهو ما سيمنح الإسلاميين قوة خطاب وحضور جيدين سيعمل على تذويب خطاب التكتلات البرلمانية المعارضة الأخرى.