“الأونروا”.. و”الأجندة الخفية”
ما تواجهه وكالة الغوث الدولية لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، هذه الأيام، ليس مشكلة مالية عابرة، تسببت بها دول لم تدفع ما يترتب عليها لهذه المنظمة الدولية من أموال، وإنما هي مشكلة خطيرة وخطيرة جدا، تهدد مصير هذه المنظمة التي أنشئت لخدمة اللاجئين الفلسطينيين لحين عودتهم إلى وطنهم.
العجز المالي الذي يبلغ 101 مليون دولار يمكنه، إذا ما توفرت النية لتوفيره، معالجة أزمة العجز المالي للمنظمة، لكن كما يبدو وكما عبر الأردن عنه في الاجتماع الطارئ الذي عقد أول من أمس للجنة الاستشارية لـ”الأونروا”، أن هناك “أجندة خفية” لتصفية المنظمة الدولية، وبالتالي تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين وحقهم في العودة إلى وطنهم السليب. فـ”الأونروا” ليست منظمة يمكن بسهولة قبول تصفيتها، فقد ارتبطت تاريخيا بالقضية الفلسطينية، وخصوصا باللاجئين الفلسطينيين الذين هجروا بالقوة من وطنهم.
إن الذي دفع الأردن إلى الحديث في الاجتماع عن “أجندة خفية” هو، كما يبدو، عدم رغبة دول مؤثرة في حل مشكلة العجز المالي، ما يعني وجود رغبة لدى دول كبيرة ومؤثرة في تصفية المنظمة الدولية وبالتالي تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين. ففي الكثير من الأوقات، عانت “الأونروا” من مشاكل مالية كانت تجد حلولا بعد تدخل دول وتوفير الأموال اللازمة. لكن مؤخرا، أصبح الحديث عن أزمة مالية مستمرة. ما يؤشر على أن هناك دولا كبيرة ومؤثرة تعمل فعلا لتعطيل عمل المنظمة الدولية وتقليص الخدمات التي توفرها للاجئين الفلسطينيين، تمهيدا لتصفيتها والقضاء عليها.
إن تصفية “الأونروا” يتماشى تماما مع رغبات وأهداف الاحتلال الإسرائيلي الذي يسعى دائما إلى تصفية القضية الفلسطينية. ولذلك، فإن مفاقمة أزمة العجز المالي للمنظمة الدولية يصب في خدمات الاحتلال، ويمكن تصنيفه ضمن الأعمال العدائية ضد القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني. إن المخطط العدائي واضح، والهدف من خلال تصفية “الأونروا” هو تصفية القضية الفلسطينية، ما يستدعي من الشعب الفلسطيني والدول العربية جميعها وخصوصا المستضيفة للاجئين الفلسطينيين العمل لإجهاض هذا المخطط. إن التحركات الاحتجاجية التي ينظمها العاملون في “الأونروا” يجب أن تجد التأييد والدعم من الدول المستضيفة للاجئين والشعب الفلسطيني والمؤسسات والمنظمات الفلسطينية والعربية. كما يجب رفض أي تقليص للخدمات التي تقدمها “الأونروا” للاجئين الفلسطينيين، مهما كان حجم التقليص. فكما أصبح واضحا، فإن التقليص لن يتوقف عند حد ما، بل سيتواصل وسيشمل الخدمات كافة، وليس التعليمية كما هي الحال الآن.
إن الحفاظ على “الأونروا” يجب أن يكون شعارا لحملات شعبية ورسمية ضاغطة لوقف عملية تصفية “الأونروا”. يجب حماية “الأونروا”؛ فما دامت القضية الفلسطينية من دون حل، فإن وجود هذه المنظمة ضروري جدا.