الأمين العام د. سعيد ذياب لـِ “الغد”: لن نكون خارج إطار العملية الانتخابية
الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية يشخص موقف ورؤية الحزب للمرحلة القادمة
- هناك أحزاب مفتعلة تكاد تكون معلبة وجاهزة
- مقولة “أحزاب تدار من الخارج” تعبر عن عجز حكومي
- دخولنا بائتلافات حزبية مطروح على طاولة الحزب
- النظام الجديد لدعم الأحزاب ماليا “سيئ”
- الأردن مهدد بقدر ما هي فلسطين مهددة
كشف الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني، د. سعيد ذياب عن ملامح المرحلة القادمة للحزب، وفيما إذا كان يفكر بالدخول في تحالفات مع أحزاب أخرى لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، مؤكدا أنه “حتى اللحظة فإن الموضوع مطروح على جدول أعمال المكتب السياسي للحزب ولم نناقشه بعد بسبب انهماك الحزب في المعركة التي تجري على المستوى الإقليمي في فلسطين لما لها من تداعيات خطيرة جدا لا تقف حدودها عند فلسطين”.
وقال في حوار مع “الغد” إنه “بدون شك لن نكون خارج إطار العملية الانتخابية وهذا تقديري الأولي، وسنبحث موضوع الائتلافات، فنحن كحزب قد لا نكون قادرين منفردين على تجاوز العتبة الانتخابية، وقد ندخل مع الأحزاب أو القوى القريبة منا برامجيا، فنحن نطرح شعارا أساسيا هو (أردن وطني ديمقراطي) يرفض المساس بالسيادة الوطنية الأردنية، ويتبنى المعالجة الديمقراطية وخلق المرتكزات الأساسية بشكل فعلي لنظام مجتمع ديمقراطي، والدخول جديا في مواجهة مشكلات البلد مثل الفقر والبطالة”.
وحول الحرب على غزة، قال ذياب إن الحزب “يعتقد أن الأردن مهدد بقدر ما هي فلسطين مهددة، ونؤكد في طرحنا السياسي أنه يجب تعزيز قدرة الأردن على الصمود في مواجهة التحديات القائمة”، مبينا أن “هذه الحكومة الصهيونية اليمينية الفاشية التي تقود الكيان الصهيوني، لها وبشكل واضح جدا خططها التي لا تستثني الضفة الغربية من التهجير، ولا تستثني المسجد الأقصى من الاستهداف المتواصل، مثلما لا تستثني الأردن”.
وحول عملية الاصلاح، قال إنه “لا اتفاق حتى اللحظة على توصيف دقيق لمفهوم الإصلاح في الأردن”، معتبرا “أننا بحاجة إلى بيئة سياسية توفر حرية كاملة للعمل الحزبي والعمل السياسي، وإلا يبقى الحديث عن الإصلاح مجرد كلام يفتقد إلى المضمون.. فنحن علينا أن نحسم أمرنا ونرسي دعائم ديمقراطية حقيقية يتم حمايتها من خلال منظومة قوانين تنسجم وروحية الدستور”.
وأضاف، “لو تحدثنا عن قانون الأحزاب، وسألنا أنفسنا إلى أي مدى القانون ينسجم وروحية الدستور؟، فإن الإجابة بتقديري هي أن” أساس العمل الحزبي هو التعددية الحزبية، وفلسفة التعددية تنطلق من أن الناس أفرادا وجماعات يتباين وعيها وقدرتها على معرفة الواقع وتلمّس الحقيقة، وهذا التباين هو الذي يدفعها إلى تشكيل قناعات مختلفة للتعامل مع الواقع”، مبينا أنه “عندما يأتي قانون (قانون الاحزاب) ويقول إنه لا يريد أحزابا أيديولوجية أو عقائدية، وفقط يريد أحزابا برامجية، فهذا بالتأكيد يضرب صلب فلسفة التعددية الحزبية ويفرغ الأحزاب من امتلاكها لرؤى وقضايا صلبة يمكن أن تناضل لأجل تحقيقها”.
وبشأن الحديث عن أن هناك أحزابا تدار من الخارج، قال ذياب، “هذه معزوفة تظهر كلما عجزت الحكومة عن مواجهة الأحزاب ووجودها واستمرارها، فالواقع يرفض هذه المقولة والسلوك الحزبي يؤكد عدم مصداقيتها، وأنا لا أستطيع فهم الحديث الرسمي عن تعددية حزبية وبدء عملية الإصلاح بعملية تشويه”.
وواصل حديثه بهذا الخصوص قائلا، “ثمة تركيز على أن الأحزاب غير فاعلة وأن لها أجندات خارجية، بالإضافة لاستهداف كل مؤسسات المجتمع وليس فقط الأحزاب، حيث تم كذلك استهداف النقابات المهنية التي فُرّغت من مضمونها، وجرى عملية تجريف للحياة السياسية، الأمر الذي يطرح علامة استفهام عن مدى جدية الحكومة ورغبتها الشديدة في إجراء عملية إصلاح في ظل حديث بحق الأحزاب يفتقر للموضوعية، ثم إن العمل السياسي والعمل الحزبي اليوم لم يعد مفصولا عن الواقع العربي أو حتى عن العالم”.
ورأى أن قانون الأحزاب الجديد “أحدث انقساما بين كل الأحزاب واختلف بعضها في كيفية التعامل معه، فجزء من الأحزاب في البداية شارك في الحوارات بشأنه وأخرى رفضت المشاركة واعتبرت حتى أنه حتى الكلام بالمعنى العام في القانون هو غير دستوري لأنه لا توجد هناك دولة تقر كل أربع أو خمس سنوات قانونا جديدا”.
وقال ذياب إن الأحزاب عندما كان عدد المؤسسين 50 شخصا، كانت أنشط وأكثر فاعلية رغم أن عددها أقل، كما أن التواصل بين الحكومة والأحزاب كان نشطا وفاعلا أيضا، لكن هناك من ضاق ذرعا بالأحزاب وأراد تبهيت دورها، فتم رفع عدد المؤسسين تباعا، والمفارقة أن عدد الأحزاب زاد بدلا من أن يقل، فنحن أمام ظاهرة مفتعلة فيما يتعلق بأعداد الأحزاب”.
وأضاف، “نحن كحزب الوحدة الشعبية اعترضنا مبكرا وطالبنا أحزابا أخرى شاركت أيضا بالحوار حول القانون الجديد، بأن نخرج ونعلن جميعنا في مؤتمر صحفي أن هذا الحوار ليس قانونيا ونرفضه، بل طرحنا أكثر من ذلك وهو الدعوة إلى رفع قضية دستورية إلى أي مدى هذا القانون دستوري، لكن للأسف لم نتوافق على هذا الموضوع”.
وفي رده على سؤال حول اتهامات يتم توجيهها لبعض الأحزاب بأنها صاحبة “خطاب عدمي ومعارض لأجل المعارضة فقط”، قال ذياب “إن الخطابات المقصودة ليست عدمية خصوصا عندما تتناول مأزق البطالة في الدولة الأردنية، وارتفاع نسب الفقر بشكل مذهل، والازدياد الكبير بأعداد المتسولين في الشوارع، وتراجع قطاعي التعليم والصحة، بالإضافة إلى المشكلات الاجتماعية والعنف الأسري وآفة المخدرات، فهل هنا يكون الخطاب عدميا؟”.
وتابع، “عندما نطالب بإعادة النظر في رؤيتنا الاقتصادية والبدء في التأسيس لاقتصاد يعتمد على ذاته، هل هذا خطاب عدمي؟، فهذه الاتهامات ليست صحيحة، لكن الحكومة تريد أن تفرض رؤيتها وترى أن أي رأي معارض هو موقف عدمي وهذا ليس صحيحا، وبالتالي بالتأكيد أنه من حقنا أن نعبر عن رأينا وأن نقول الرأي البديل لما يُطرح ولما يجري”.
وفيما يتعلق بموقف الحزب من نظام الأنشطة الحزبية الطلابية في الجامعات، أكد ذياب أن “النظام هو إطار مغلف لإعطاء صلاحيات استثنائية لعمداء شؤون الطلبة، وبالتالي كله مقيد، وشاهدنا خضوع العديد من الطلبة لتحقيق ومجالس تأديب بسبب نشاطات طلابية لا تروق لهؤلاء العمداء رغم عدم مخالفتها للأنظمة والقوانين، فالواضح أن فلسفة التعامل ما تزال تراوح مكانها لعدم وجود إرادة حقيقية لوضع أسس ديمقراطية صحيحة”.
وبشأن قانون الانتخاب و”العتبة”، اعتبر أن ” نسبة العتبة تخدم أحزابا معينة، في وقت لا توجد فيه رغبة حقيقية في التمثيل النسبي، ذلك أن فلسفة التمثيل النسبي هي أن تشارك القوى السياسية بأغلبيتها بالحياة البرلمانية…”.
وحول توقعاته لحجم الإقبال على المشاركة في الانتخاب النيابية المقبلة، قال إن “مؤشرات الحاضر والماضي لا تشجع، لأن المواطن يشعر أنها نفس التجربة ونتائج الانتخابات ومنها الماضية على سبيل المثال لا تدعو إلى الثقة، فالمواطن لا يشعر بطمأنينة إلى مخرجات الانتخابات، وبالتالي يقول لنفسه إنه إذا كانت الأمور مرتبة سابقا فلا يوجد داع للمشاركة، والأهم هو أننا نقطف ثمن تدخل أفرَغَ البرلمانات من دورها وبات لا دور لها في القضايا الحساسة المصيرية التي تهم المواطن”.
أما فيما يتعلق بالنظام الجديد لدعم الأحزاب ماليا، فقد وصفه ذياب بـ”السيئ، لأنه من المفترض أن يتم الدفع للأحزاب ولو بالحد الأدنى كلف حاجاتها التشغيلية”، مضيفا أن “النظام سيخدم أحزابا بعينها، بينما الأحزاب التي تشكل زبدة العمل الحزبي لن تستفيد منه وهذا هو المطلوب بالنسبة لهم، لذلك أعتقد أن هذا النظام غير سليم ويجب أن يعاد النظر فيه”.
إلى ذلك، شدد ذياب على أهمية “إعادة الاعتبار لدور الدولة في الاقتصاد والتنمية ليكون دورا أساسيا، فهذه قضية مركزية بالنسبة لنا وللمواطن، وهنا نتذكر دور وزارة التموين والرقابة على جشع بعض التجار، فضلا عن ضرورة إعادة النظر ببرنامجنا التعليمي في الأردن بوصف ذلك مفتاحا لمواجهة العديد من المشكلات والتحديات على أكثر من صعيد”.