لآخر المستجدات تابعنا على قناة تلغرام

تابعنا
أخبار عربية

الأردن وصفقة القرن:ضغوط على الأردن الرسمي والشعبي عبر بوابة الاقتصاد لتمريرها

لا جديد يُذكر، أو يُكشف، في الاجتماع السري، الذي كُشف عنه عقب انتهائه، يوم الاثنين 18 حزيران 2018، الذي جمع بين الملك عبد الله الثاني ورئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو في العاصمة الأردنية عمّان، والذي جاء – بحسب مصادر صحافية – بعد انقطاع لقاءات من هذا النوع بين الطرفين منذ العام 2014، وبعد توتّر شديد في العلاقات الأردنية – الاسرائيلية عقب حادثة السفارة الاسرائيلية في عمّان في 23 تموز 2017.

بعد أقل من 24 ساعة على هذا اللقاء الذي تقول تسريبات صحفية إنه كان بحضور رئيس الموساد الاسرائيلي يوسي كوهين، التقى الملك عبد الله الثاني مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصهره جاريد كوشنر، الذي من المفترض أن جولته ستشمل الكيان الصهيوني، ومصر والسعودية.

الجدير بالذكر، أن هذه اللقاءات عقبت أيامًا من الغضب في الشارع الأردني، فجّرها قرار الإضراب الذي أعلنت عنه النقابات المهنية الأردنية في 30 أيار 2018، احتجاجًا على مشروع قانون الضريبة وقانون الخدمة المدنية الذي قدمته الحكومة الأردنية. تصاعدت حدّة التحرّكات الشعبية واستمرت حوالي أسبوع نتج عنها الإطاحة بحكومة رئيس الوزراء الأردني الأسبق هاني الملقي.

يُرجّح محللون سياسيون أن جملة الأحداث المتتالية – السابق ذكرها -، كانت ترمي إلى الضغط على الجانب الرسمي الأردني للقبول بما يُعرف بصفقة القرن التي طرحتها الإدارة الأمريكية، ولاقت قبولًا سعوديًا ومصريًا، بمباركة «اسرائيلية» طبعًا.

ضغط على الأردن الرسمي أم الشعبي؟!

حول الضغوطات والأزمات التي يمر بها الأردن، وفيما إذا كانت مُفتعلة للضغطإما على الجانب الرسمي الأردني للقبول بصفقة القرن، أو الضغط على الشعب الأردني للقبول عليها، يرى الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني، الدكتور سعيد ذياب أن «الأزمة التي عاشها الأردن ولا تزال تداعياتها مستمرة، والتي تمثلت بهبة شعبية انطلقت في الحادي والثلاثين من أيار لا يمكن أن تكون مفتعلة.بل هيأزمة حقيقية لها أسبابها الداخلية بالدرجة الأولى؛ تمثّلت بالانسياق الرسمي وراء طلبات صندوق النقد الدولي، التي تمحورت حول انسحاب الدولة من دورها التنموي. لقد تمثل هذا الانسحاب بداية العام من خلال رفع الدعم عن الخبز، وفرض ضرائب على أكثر من641 سلعة. هذا القرار فاقم الحالة المعيشية للناس وزاد من حرمانهم، ولم تقف الأمور عند تلك القرارات حتى تبعها مشروع ضريبة الدخل الذي يدلل على أن فلسفته تقوم على أساس الجباية مع الضريبة».

ويتابع ذياب، «هذه القرارات توالت تحت ذريعة سد العجز في الموازنة وخدمة المديونية. إلا أن الجماهير الأردنية تحركت معبرة عن غضبها من هذه السياسات، التي لا يمكن وصفها إلابسياسه الإذعان والتبعية للمؤسسات الدولية.لكن بالرغم من قناعتنا بأن أسباب الأزمة داخلية،إلا أن العامل الخارجي كان حاضرًا وبقوة؛ فالأردن المعروف باعتماده على المساعدات الخارجية شهد نضوبًا في مساعدات الخليج هذا العام، وإدارة الظهر له. وعلى الرغم من وضوح الأزمة، إلا أن المحور السعودي الإماراتي، الذي أخذ على عاتقه تسويق صفقه ترامب، لم يعجبه تحفظ الأردن على بعض نصوص تلك الصفقة، الأمر الذى دفعهما إلى توقيف الدعم للانخراط الكامل بتلك الصفقة، بما تعنيه من تصفيةللقضية الفلسطينية، والمساس بالسيادة الوطنية الأردنية.»

الأستاذ عامر سبايلة، يوافق الدكتور سعيد ذياب، ويؤكد أن هذه الأزمة غير مفتعلة قائلًا: «الأزمة الاقتصادية ليست مفتعلة بلاشك، بل هي نتاج لسنوات طويلة من الأداء الاقتصادي السلبي، وتحطيم الاقتصاد الإنتاجي الواقعي والارتهان إلى نماذج غير واقعية أدت في النهاية إلى تعمق حالة الاعتماد على القروض والمنح وانتهى بها المطاف اليوم إلى هذه النقطة من الارتهان».

أما في سياق صفقة القرن، فيقول سبايلة،»لا أعتقد أن هناك من منع الحكومات السابقة من تبني نهج تنموي حقيقي،أو تطبيق ما كان يطبق من نماذج تنموية سابقة. لهذا فإن ربط ما يجري الآن فيما يسمى صفقة القرن أعتقد أنه يجعلنا نتجاوز النظر إلى مشاكلنا الداخلية الحقيقية، باعتبار أن هناك فزاعة تمنعنا من العمل و التغيير. وهنا لابد من تفسير ما هي صفقة القرن قبل استعمالها كشماعة لتبرير حالات الفشل في الانجاز و التنمية».

الأردن وصفقة القرن

حول جدية الأردن الرسمي برفض صفقة القرن، يرى الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية أن «القراءة الحصيفه للموقف الأردني يجب أن تنطلق من طبيعة الدور الوظيفى للأردن منذ النشأة حتى يومنا هذا. وإذا كان الحكم قد بنى تحالفاته على أساس التحالف مع إسرائيل وأمريكا، واستطاع فرض هذه الرؤية من خلال القمع للشعب الأردني الذى يرى في إسرائيل وأمريكيا أعداءً له»، ويتابع قائلًا: «أعتقد أن ما هو مطلوب الآن من الأردن أكثر بكثير من أي مرحلة سابقة، الأمر الذى يضع الحكم أمام مرحلة مفصلية، إما التساوق مع الخطةالأمريكية والصهيونية، مع ما تعنيه من مخاطر جدية على الأردن وفلسطين،أو الانتقال إلى موقف يستند إلى الحالة الشعبيةالأردنية الجاهزة للتصدى لذل المشروع وحماية الأردن وفلسطين».

ويضيف ذياب، «صفقة القرن تستهدف فلسطين بالدرجة الأولى، وكل الأطراف الرسمية العربية من أجل تسهيل تلك العملية. وبالتالي فإن التصدي الأول يجب أن يبدأ من فلسطين برفض تلك الصفقة وعدم التعامل معها بأنها تحصيل حاصل. ولعل ما يجرى في فلسطين وبشكل خاص في غزة والتصدي البطولي لأهلها يمثل الجبهة الأمامية في مواجهة ذلك المشروع. وعند الحديث عن الصمود في مواجهة تلك الصفقه علينا أن نأخذ في الحسبان ما تحققه سوريا من إنجازات ميدانية في مواجهة المحور المعادي».

يُعيد الأستاذ عامر سبايلة طرح تساؤله مجددًا، ما هي صفقة القرن؟ ويسأل أيضًا، هل هي إسقاط حق العودة؟ ثم يجيب، «هنا يجب السؤال ومقارنة الأردن بلبنان، والسؤال حول ثلاثة ملفات يتم التعاطي معها اليوم بصورة طبيعية، وهي فعليًا يفترض أن تكون من المسائل التي تؤرق الاسرائيليين، لكن الأمور انتهت لتصب في خانة الحل العملي اليومي، وهي: (الحدود، والأمن واللاجئين)، وهذه الأخيرة مرتبطة بمسألة حق العودة، لكننا نلاحظ في النهاية أن مسألة حق العودة قد تم اسقاطها ضمنًا من كافة مبادرات السلام و لم يعترض أحد، كذلك في الأردن معظم اللاجئين باتوا يحملون الجنسية الأردنية. بنفس الوقت تمارس ضغوط كبيرة على لبنان من أجل التعاطي بطريقة مختلفة مع اللاجئين الفلسطينيين تحت عنوان تحسين معيشية الفلسطينيين في أماكنهم. لهذا إذا لم يتم تفسير ما هي صفقة القرن فعليًا، فإننا نتحدث عن ملفات كانت تشكل مشكلة للاسرائيل، لكن يتم التعاطي معها الآن كواقع، لهذا ما الذي يمكن رفضه من صفقة القرن بعد كل هذا؟ الأردن بحاجة لنهج سياسي واقتصادي مختلف، وخطاب داخلي يتجاوز التقليدية السائدة، على الأقل حتى بجد لنفسه مساحة للمناورة ويمنع صياغة حلول سياسية على حسابه».

حول الموقف الأمريكي يقول سبايلة: «لا أعتقد أن هناك ضغوط أمريكية حقيقية، لكن هناك تبدل في طبيعة التعاطي الأمريكي مع الأردن، وانتقال مركزية الاهتمام الأمريكي إلى دول أخرى، وهذا قد لا يكون ناتج عن ضغوط بل عن تبدل الاولويات والمصالح وعدم قدرة الطرف الآخر على مواكبة هذا التغير وإيجاد موطئ قدم جديد لنفسه عبر إيجاد أرضية مصالح مشتركة. طبعًا هناك عمليات تطويع عبر البوابة الاقتصادية مورست على الضفة الغربية وقطاع غزة، من هنا جاء عنوان التغيير القادم من بوابة الاقتصاد، تنفيذًا لمشروع السلام الاقتصادي والذي يراد له أن يكون أداة جاذبة قادرة على توجيه الاهتمام نحو تحسن الواقع الاقتصادي والانشغال به».

خيارات الأردن للحفاظ على الدولة الأردنية

يرى ادكتور سعيد ذياب أن الأردن اختار مبكرًا السير في ركب الليبرالية الجديدة، وسار في ركب تحرير التجارة والخصخصة، الأمر الذي جعله لقمة سائغة في أفواه المؤسسات الدولية، التي راحت تفرض شروطها دون أي اعتبار للانعكاسات لتلك الشروط على الأردنيين. وبدلًا من الوصول إلى حل راحت المشكلات تتنامى من فقر إلى بطالة، إلى عجز مستمر في الموازنة، إلى فساد مستشرٍ في كافة مفاصل الدولة. ويتابع قائلًا: «أعتقد أنه بعد أكثر من ربع قرن بات علينا الوقوف ومراجعة تلك المرحلة. كم كلفتنا ولماذا تعمقت أزمتنا.لماذا لا نفتح وبشكل جدي وجريء ملفات الفساد؟لماذا لانوقف الهدر المالي الذي يعيشه الدولة؟لماذا يغيب الإصلاح السياسي الذي يشكل المدخل للإصلاح الاقتصادي؟كيف لنا أن نواجه ثقافة الاستهلاك المظهري، ونؤسس لثقافة انتاجية.كيف لنا أن نعيد النظر بنظامنا التعليمي بما يمكننا من الاعتماد عليه كرافع حقيقي للعملية التنموية؟ أعتقد أن الإجابة على تلك الأسئلة، وإعادة النظر في تحالفاتنا وسياستنا على مستوى الإقليم، من شأنه أن يضع الأردن على طريق الحل”.

من جهته يرى الأستاذ عامر سبايلة أن الأدوات أمام الأردن قليلة، لكن التفكير الجدي يجب أن يكون داخلياً اولًا، والعودة إلى الاقتصاد الانتاجي الواقعي، والعمل على إحياء برامج تنموية تبدأ في ملف الأمن الغذائي. ثانيًا، العمل على تفعيل الجغرافية، حيث لا يمكن التفكير في تحسين الوضع الأردني دون تفعيل الحدود الأردنية العراقية والأردنية السورية. ثالثًا، علي الأردن تقييم ملف العلاقات الخارجية وطريقة إدارته على مدى السنوات الثمانية الماضية، والتي أدت إلى خلق حالة من العزلة السياسية، فعلى الأردن انتهاج تفكير جديد، والبحث عن أرضيات مشتركة مستغلًا موقعه الجغرافي وقربه من ملفات مهمة مثل ملف إعادة إعمار سوريا.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى