أخبار محلية

اتفاقية الغاز مع “إسرائيل” بين حكومة “وادي عربة” ومجلس “الصوت الواحد”

  • البستاني: الاتفاقية ستجعل للكيان “اليد العليا” على بلدان المنطقة، فإضافة إلى تفوّقه العسكري والعلمي، فسيتحكم بالطاقة والموارد المائية والاقتصاد
  • الشريف: إمعان حكومي في دورها الوظيفي، بحيث رضخت لمحددات الرغبة الإسرائيلية في الهيمنة والسيطرة الإقليمية على المنطقة

كلاكيت رابع مرة أو خامس مرة، لم يعد يهم العدد، فالحكومة ماضية باتفاقية الغاز مع الكيان الصهيوني، وأعضاء مجلس النواب يحققون الرقم القياسي في عدد مرات خذلان ناخبيهم.

فبعد جلسة عرمرمية تم فيها استخدام كل كلمات الوطنية والقومية والمبادىء، قام مجلس النواب بتأجيل النقاش في قضية اتفاقية الغاز مع الكيان الصهيوني لل”أسبوع القادم” بسبب ضرب النصاب!!، ومضى أسبوعان ولم يقم المجلس بطرح الملف مرة أخرى!!

مجلس النواب رهينة الصوت الواحد

الرفيق فايز الشريف عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة الشعبية في حديث خاص لنداء، يرى أنه لا يمكن فصل طبيعة تشكيل مجلس النواب الحالي عن حقيقة أدائه تجاه هذه القضية، فمجلس النواب الحالي أفرزه قانون الصوت الواحد وهو قانون يستبعد الولاءات الحزبية والشعبية ويعزز الولاءات المناطقية والعشائرية. مما يتيح للحلف الطبقي الحاكم أغلبية كبيرة ومريحة فيه.

ويضيف الرفيق الشريف “ورغم احترامنا وتقديرنا لعدد من الأسماء في هذا المجلس، إلا أن أداءه بالمجمل وفي كل القضايا التي تناولها كان ضعيفاً إن لم نقل ضعيف جداً، حتى في قضية اتفاقية الغاز، ورغم التوصية غير الملزمة التي أقرها بعد تأجيل جلسة مناقشة الموضوع بسبب تسيّب النصاب، إلا أن هذه التوصية غير كافية لإلغاء الاتفاقية، فهل باستطاعة مجلس النواب أن يسحب الثقة من الحكومة إذا لم تستجب للتوصية، أنا لا أعتقد أن باستطاعة هذا المجلس القيام بهذا الإجراء ولنا في قضية الشهيد وائل زعيتر خير شاهد وبرهان”.

ويختلف الدكتور هشام البستاني منسق حملة مناهضة اتفاقية الغاز مع ما ذهب إليه الرفيق الشريف، فيشيد بأداء النواب الذي كان ممتازاً برأيه باستثناء قلة محدودة جداً. ويضيف البستاني أن مجلس النواب رفض بأغلبية كاسحة رسالة النوايا الموقعة بين شركة الكهرباء الوطنية المملوكة بالكامل من قبل الحكومة الأردنية لاستيراد الغاز من العدو الصهيوني. كما يشارك عدد من النواب كأعضاء مؤسسين في الحملة الوطنية الأردنية لإسقاط اتفاقية الغاز مع الكيان الصهيوني (غاز العدو احتلال)، ويشارك عدد منهم بشكل مستمر في أنشطة الحملة ومسيراتها وندواتها، وآمل أن يستمر عمل النواب الفاعل في مواجهة هذه الصفقة.

ارتهان حكومي لمعاهدة وادي عربة

ويرى الدكتور البستاني في حديث خاص لنداء الوطن، أن الإصرار الحكومي على الاستمرار باتفاقية الغاز رغم وجود البدائل وانخفاض أسعار الغاز والنفط يعود لأسباب سياسية بالكامل، وتتعلق بالارتباط الإستراتيجي والتحالف المعلن بين الحكومة الأردنية والولايات المتحدة والكيان الصهيوني، واتفاقية السلام الموقعة بين الحكومة الأردنية والكيان، والمتطلبات المتعلقة بهذه المعاهدة والتي توجب دمج الكيان الصهيوني بالمنطقة من خلال التجارة والعلاقات الاقتصادية، والمشاريع الإقليمية الكبرى في مجالات المياه (ناقل البحرين)، والطاقة (الغاز).

 هذا الإدماج –وفق الدكتور البستاني- وعلى هذه المستويات الإستراتيجية والعميقة، سيحوّل الكيان الصهيوني لا إلى جزء عضوي وأساسي من بنية المنطقة ويضعف إلى حد كبير أية إمكانية لمواجهة مشروعه الاستعماري الاستيطاني فحسب، بل يعطيه الأفضلية و”اليد العليا” على بلدان المنطقة. إضافة إلى تفوّقه العسكري والعلمي، فستكون له إمكانية التحكم بالطاقة والموارد المائية والاقتصاد، وجميعها أمور أساسية جداً على مستوى المواطنين لا الحكومات، وهذه مستويات وصول أعمق وأخطر للهيمنة الصهيونية. عامل آخر هو الضغط الأميركي لإتمام هذه الصفقة وتدشين هذه العلاقة الإستراتيجية في مجال الطاقة لضمان مستقبل الكيان الصهيوني في المنطقة وإدامة هيمنته. 

ويعتبر الرفيق فايز الشريف أن هنالك بدائل الغاز الصهيوني متوفرة، وقد تحدث عنها الجميع بإسهاب سواء من خلال الميناء العائم أو الغاز القطري والجزائري والقبرصي، إضافة إلى النفط والغاز العراقي والآفاق التي لا زالت مفتوحة للغاز المصري، وكذلك الصخر الزيتي الأردني والغاز الأردني ومشاريع الطاقة البديلة من رياح وطاقة شمسية… إلخ، هذا إضافة إلى انخفاض أسعار النفط والغاز إلى مستويات قياسية.

لكن -يضيف الرفيق الشريف- الإصرار الحكومي يجد نفسه في سببين جوهريين؛ السبب الأول، يتمثل في الطبيعة الإلحاقية الاحتلالية لمشروع الغاز الصهيوني وأية اتفاقيات أبرمت أو ستبرم لجلبه. فإمدادات هذا الغاز المخصص لتشغيل محركات الكهرباء في الأردن لتصل وتضيء به كل بين ومصنع ومشغل ومدرسة ومستشفى في الأردن وستدفئ كل هذه الأماكن شتاءً وتبردها صيفاً، أي أن إمدادات هذا الغاز ستجعل حياة كل فرد في الأردن مرهونة بقرار يتخذ في أروقة وزارة العدو، بحيث يكون في مقدورها ممارسة أي نوع من أنواع العقوبات الجمعية والتي تطبقها على أهلنا في الأرض المحتلة، بل سيتكرر وإن بشكل آخر نموذج حصار غزة. وإذا ربطنا مشروع الغاز المولد للكهرباء وهذا مع مشروع ناقل البحرين ما بين الأردن والكيان الصهيوني، والذي سيوفر للكيان الصهيوني الإمكانية الحقيقية لكي يتحكم بكل قطرة ماء تصل إلى أي مواطن أردني، سندرك تماماً ساعتها إلى مدى الخطورة التي تجرّنا إليها الحكومة ومن ورائها الحلف الطبقي الحاكم، حيث تشكل هذه الاتفاقيات بحق تهديداً خطيراً للأمن الوطني الأردني.

من ناحية ثانية، يكمل الرفيق الشريف، فإن كل المبالغ التي ندفعها لهذا العدو جراء توريده لنا الغاز الفلسطيني المسروق، كل هذه المبالغ التي تقدّر بالمليارات، ستتحول إلى رصاص وقنابل وطائرات وصواريخ لضرب أهلنا في الأرض المحتلة، واقتلاعهم من أرضهم، وفي فرض سيطرته وسطوته على المنطقة.

ويرى الرفيق فايز الشريف أنه رغم كل هذه المخاطر الواضحة والتي وضحتها المعارضة في أكثر من مناسبة، والتي تدركها الحكومة ومن خلفها الحلف الطبقي الحاكم، إلا أنها تصم عنها الآذان وذلك إمعاناً في دورها الوظيفي المرسوم لها وللحكومات المتعاقبة على الحكم، بحيث أثقلت وأغرقت البلاد بالديون ورهنت مقدراتها لإملاءات صندوق النقد والبنك الدوليين، ورضخت لمحددات الرغبة الإسرائيلية في الهيمنة والسيطرة الإقليمية على المنطقة. ومن هنا أن هذا الإصرار الحكومي ليس إلا خضوع واستجابة لمجموعة إملاءات خارجية.

تراجع الحراك واستمرار الإصرار الحكومي

يرى الدكتور هشام البستاني منسق حملة مناهضة اتفاقية الغاز والتي كانت قد نظّمت عشرات الفعاليات المناهضة للاتفاقية أن الخفوت الذي أصاب حراك مجابهة الاتفاقية هو نسبي، ومتعلق بعدة عوامل معتادة مثل انخفاض الحماس الأولي بعد مرور فترة من الزمن على قضية ما، وارتباط المزاج الشعبي العام بالأحداث الساخنة ورد الفعل، وضعف الاهتمام طويل المدى والمثابرة المستمرة التي تؤدي دائماً إلى نتائج أفضل؛ وهناك سبب آخر متعلق بالضعف الكبير للنقابات المهنية وانسحابها من الملفات الوطنية الكبيرة؛ لكن الحملة الوطنية الأردنية لإسقاط اتفاقية الغاز مع الكيان الصهيوني (غاز العدو احتلال) ما زالت مثابرة ومستمرة بجهود أعضائها الذين يمثلون طيفاً واسعاً من الأحزاب السياسية والنقابات العمالية والمهنية والمجموعات والحراكات الشعبية والفعاليات النسائية والمتقاعدين العسكريين والشخصيات الوطنية. وستقوم الحملة بإدامة الاهتمام بهذا الموضوع حتى ولو خفت الاهتمام بها على المستوى الشعبي. 

فيما يعتبر الرفيق فايز الشريف عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة الشعبية وأحد أركان حملة المناهضة أن الحراك الشعبي المناهض للاتفاقية ليس معزولاً عن الوضع العام الذي تشهده البلاد، فالحراك المطلبي بشكل عام تراجع كثيراً منذ العام 2012، واستطاعت هذه الحكومة ليس فقط فرض التراجع على هذا الحراك، بل وفي التغول على مكوناته وإنجازاته، فحملات الملاحقة والاعتقال ومنع السفر وفض الاعتصامات وتفريق المسيرات ولن يكون آخر هذه الحملات اللاديمقراطية، الاعتداء الذي تناول حزبيين وبرلمانيين من أمام مجلس الأمة في العبدلي والتي أصدر الحزب بياناً بإدانتها خاصة وأن هذا الاعتصام جاء على أرضية مناقشة مجلس النواب لقانون الانتخاب، ذلك القانون المصيري في الحياة السياسية الأردنية وفي إنتاج مجلس نيابي جديد ومتجدد.

أما من ناحية مناهضة اتفاقية الغاز فيرى الرفيق الشريف أنه رغم الظروف المحبطة إلا أن هذا الحراك استطاع أن يوصل رسالة واضحة يوضح فيها خطورة الاتفاقية وشمول هذا الخطر لمختلف النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتف حول هذا الحراك أحزاب وفعاليات وطنية ومجموعات شعبية وتكونت الحملة الوطنية الأردنية لإسقاط اتفاقية الغاز مع الكيان الصهيوني، وقد قامت بعدد كبير من الفعاليات وفي مختلف المناطق.

ولكن كل ذلك ليس كافياً لإسقاط اتفاقية بهذا القدر، لا بد من زج بكامل الطاقات الوطنية والشعبية والحزبية، الحريصة على أمن واستقرار واستقلال هذا البلد من أجل إجهاض هذه الاتفاقية وأخواتها وملحقاتها.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى