اتفاقية أوسلو والتطبيع الخليجي / د. سعيد ذياب
استوقفنى هذا الاستسهال في التطبيع الخليجى مع الكيان الصهيوني، بحيث باتت الدول المطبعة هي القاعدة بينما الدول غير المطبعه تمثل الأقلية.
ما تفسير هذه الحال وما هي العوامل التي أوصلتنا إلى هذه الصورة ؟
علينا رصد التغييرات التي أثرت في القضية الفلسطينية، باعتبارها القضية المحورية في النظام العربى .بل ان تاريخ القضيه ارتبط وبشكل وثيق مع صعود الايدولوجيا القوميه. تلك الايدولوجيا التي نظرت للصراع عى أساس انه صراع. وجود، وليس صراع حدود ولا يمكن التوافق بين الصهيونيه والحركه القوميه العربيه .
كانت زيارة السادات بمثابه الموجة الأولى لتلك التغييرات. وعلى الرغم من خطورتها وما احدثته من تغيير في موازين القوى، .إلا أننى اعتقد ان ما اقدم عليه الممثل الشرعى للشعب الفلسطيني وما توصل اليه من اتفاقات سلام كانت الأخطر لانها شككت في الأساس الفكرى للرؤيه القوميه، من خلال قبولهم بالاتفاق وفصله عن القضيه العربيه .
إن السياق الذى جاء فيه اتفاق أوسلو كرس حالة من التآكل والتفكك لم يسبق لها مثيل في تاريخ الأمة. ترافق ذلك مع انهيار الاتحاد السوفييتى وما تركه من تشكيك في الايدولوجيا الشيوعيه والانهيار الذى تعرضت له الانظمه القوميه وبالتالي ضعف مصداقيتها.
هذا الانكشاف الايدولوجى القومى واليساري، كان قد سبقه في سبعينات القرن، وبسبب الطفرة في أسعار النفط، نوع من الانقسام العربى بين دول الفائض ودول العجز .. .دول الثروة ودول العوز (الدول النفطية والدول غير النفطية). وبسبب كل ذلك فان هذه الدول –أقصد دول النفط الخليجية- وجدت نفسها طليقة اليد بدون رادع ايدولوجى قومى او يسارى وفى ظل ايدولوجيا اقرب ما تكون.الى ايدولوجباالحفاظ على الذات والتحرر من اى التزام قومى.
مجموع تلك العوامل وفى ظل غياب تيار قومى او يسارى قادر على ان يحشد الجماهير لمواجهة هذا الانحراف، كل هذا قاد الي هيمنة روح التراخي واللامبالاة. الأمر الذي يضع على عاتق القوى الشعبيه العربيه بتيارها القومى واليسار.ي، مسؤولية السعي إلى استنهاض طاقاته لإحداث التغيير المطلوب في أقطاره، لما لهذا التغيير في المركز من دور كبير وهام على دول الأطراف.وإسناد قواها الطليعية.