ابشر بالفزعة / فاخر دعاس
“فزع” النواب قبل أيام احتجاجاً على أنباء حول نيّة حكومية لإلغاء مكرمة العشائر والأقل حظاً، وهي المكرمة التي يتم تخصيصها لأبناء العشائر في مناطق معينة، إضافة إلى الطلبة في المدارس ذات مستوى خدمات متدنٍ. فزعة هؤلاء النواب تجسدت بمقاطعة جلسة مجلس النواب المخصصة لاستكمال مناقشة وإقرار قانون البلديات.
ورغم أنني لم أفهم فلسفة وحكمة الاعتراض على الحكومة من خلال مقاطعة جلسات مجلس النواب، إلا أن هذا الأمر اعتدنا عليه في مجالسنا النيابية العتيدة في السنوات الأخيرة، ولكن ما استوقفني حقاً هو هذه الحماسة من قبل بعض النواب في الدفاع عن مكرمة العشائر، ومحاولتهم إظهار الأمر وكأنه دفاع عن قوت الفقراء والمستضعفين.
إذا كانت القضية قضية حرص على مصالح الطلبة المهمشين، فعلينا أن نتساءل، لماذا لم نرَ “فزعة” نوابنا احتجاجاً على قيام جامعة العلوم والتكنولوجيا بتخصيص 8% من مقاعدها فقط للقبول الموحد، وبالتالي حرمان أبناء منطقة الشمال وغيرهم من الحصول على مقاعد في كلية الطب؟! ، ولِم لم نشاهد “فزعة” نواب عمان احتجاجاً على رفع الجامعة الأردنية رسوم الدراسات العليا والموازي، وبالتالي حرمان أصحاب الدخول المحدودة من إكمال دراستهم العليا. ولِم لم نسمع صوت نواب الجنوب احتجاجاً على قرار جامعة مؤتة رفع رسوم البرنامج التنافسي –تم التراجع عن القرار لاحقاً-. وما سرّ صمت كافة النواب المطبق على الإستراتيجية الوطنية للتعليم العالي، التي تنص صراحةً على رفع الرسوم الجامعية للأعوام الخمس القادمة.
ألم يكن من الأولى لنوابنا الكرام أن “يفزعوا” لدماء رائد زعيتر؟!! أليست قضية المحروقات أكثر “فزعاً” من فقدان مقعد جامعي لتخصص غير مرغوب؟؟!!
مكرمة العشائر التي يجب تغيير اسمها لتصبح مكرمة الأقل عدلاً، يجب أن تكون وفق أسس واضحة، يتم فيها تقييم المدارس وفقاً لعدد المدرسين وخبرتهم والبُنية التحتية وتوفر الوسائل التعليمية، وأن يتم تحسين التعليم في هذه المدارس تدريجياً وعلى مدى سبع سنوات، بالتوازي مع خفض نسبة مقاعد هذه المكرمة وصولاً إلى إلغائها.
“فزع” النواب “فازعين” من “فزع” يؤثر على مصالحهم “الفزعية” ولسان حالهم يقول: عند المصلحة “ابشر بالفزعة”.