إنفصام المثقفين العرب تجاه دمشق /وليد حسني
أصدر مثقفون عرب بيانا لا أب له يستهله موقعوه بالإدانة الشديدة لإجتماع المكتب الدائم للإتحاد العام للأدباء والكتاب العرب في دمشق، مشيرين إلى أن انعقاد هذا المؤتمر في دمشق هو”تواطؤ مرفوض مع النظام الأسدي المجرم الذي لم يتوقف منذ سبع سنوات عن سفك دم أهلنا الأبرياء في سوريّة وتخريب العمران ودفع الوطن السوريّ بكل عنف وهمجيّة إلى الهاوية، شأنه في ذلك شأن فصائل الإرهاب الدينيّ والطائفيّ وأدواته المشبوهة”.
هكذا خرج الكتاب العرب الموقعون على هذا البيان بتوصيفات للنظام السوري”مجرم، أسدي، سفاك دم، تخريب للعمران ، دفع سوريا الى الهاوية..إلخ”.
وذهب الموقعون المتحمسون للثورة النعناعية في سوريا الى وصف المؤتمر في دمشق بـ” التعبير المؤسف عن هزيمة الكاتب العربي وجبنه وزيف وعيه وارتهانه وتخليه عن دوره الرسالي في نقد أنظمة القمع..الخ”.
الموقعون على البيان وفي سياقات الإضحاك والتنكيت والتبكيت فانهم لم يخرجوا حتى الآن من خنادق القتال والنضال، ولا تزال وجوههم يعلوها غبار المعارك،وأياديهم تعلوها أثار البارود، وظهورهم انحنت تماما من استمرارهم لحمل السلاح وهم يدافعون عن الحريات، أو وهم يواجهون انظمة القمع العربية التي ينتمون إليها، وللحقيقة فان خارطة العالم العربي العتيد التي تشكل بالضرورة اوطانا لهؤلاء كلها أنظمة قمعية ولا تمنح من الحريات غير ما يبيح لها الإستمرار بفرض قبضتها العسكرية والأمنية على الناس وعلى الأوطان والعمران”تعبير خلدوني” وعلى الكتاب أنفسهم الذين وقعوا على ذاك البيان المشين.
وأتساءل هنا عن الضرر المّرّضي الإعيائي الذي تعرض له الموقعون على ذاك البيان اللقيط مجهول النسب وهم يرون نحو 16 دولة عربية يجتمع مثقفوها في دمشق؟ وما الذي يريده هؤلاء من استمرار العداء لدمشق التي يعرفون جيدا أنها كانت ولم تزل ضحية مؤامرة كونية شارك العرب فيها قبل الغرب، وأدخلوا كل مرتزقة الكون اليها لقتل السوريين بدم بارد وتحت شعارات الديمقراطية والحرية.
ولا أدري كيف يمكن لكاتب أو مثقف النظر بعين عوراء تماما للخارطة السورية وما تتعرض له دمشق دون ان تتساوى لديه وفي عقله المكاييل وهو يقيس منسوب الجريمة العظمى التي ارتكبت على اراضي سوريا.
البيان اللقيط مجهول النسب أراد لموقعيه الخروج من المأزق وهو يستدرك في نهايته إدانة ما أسماه”فصائل الإرهاب الدينيّ والطائفيّ وأدواته المشبوهة”، مساويا بذلك بين النظام السوري وبين تلك الفصائل الارهابية المجرمة.
وقد حاولت جاهدا تحديد بوصلة موقعي البيان اللقيط وإلى أية جهة ينحازون وهم يعلنون قاموس شتائمهم وتوصيفاتهم لدمشق، وهل هم منحازون للجيش الحر فقط أم أنهم منحازون الى واشنطن، فقد” تشابه البقر علينا” واختلطت الألوان والإتجاهات، فلم نعد نميز في هذا البيان بين المناضلين من أجل الحرية، وبين مشاريع الشهداء من أجل الحرية.
كان على موقعي البيان مجهول النسب تحديد مواقعهم النضالية والقتالية في ساحة الصراخ بالتبشير بالحرية والديموقراطية في سوريا، وكذا تحديد مواقع خنادقهم في دولهم الديمقراطية لنعرف حجم نضالاتهم المحلية قبل أن يتحرقوا شوقا لفرض الديمقراطية والحريات العامة في سوريا في سياق نضالهم القومي والأممي..
القليل من الحياء يشفي..
وسوريا ليست ديمقراطية وليست حرة في عصر الأسدين” الأب والإبن”، ولن تكون ديمقراطية وحرة في قابلات الأيام ما دامت العصابات والمرتزقة وتجار الحروب يفرضون شروطهم في جغرافيا سوريا وفي عقول من صاغوا هذا البيان..
موقعو البيان ــ مع كامل احترامي لذواتهم جميعا ــ كان الأولى بهم إعلان براءتهم من تلك اللغة الإتهامية المنحازة لجبهة قاتلة في مواجهة جبهة أخرى قاتلة، بدلا من الظهور أمام الناس والرأي والعام وكأنهم يحشرون أنفسهم في خندق واحد يتمول من دول لم تكن ولن تكون في يوم من الأيام ديمقراطية وحرة..
ومن كان بلا خطيئة فليرم بحجر//..