مقالات

إقراض المرأة … تمكين أم انهيار/ بقلم: رانيا لصوي

من الملفت للنظر في الفترة الأخيرة دخول البنوك التجارية حلقة التنافس في تقديم القروض الصغيرة للمرأة، إضافة الى العديد من شركات التمويل التي تقدم تسهيلات مالية. الأصل أن هذه الخدمات المالية تقدم في إطار دعم وتمكين المرأة اقتصاديا خاصة من خلال إقامة مشاريع صغيرة تعود عليها بالدخل تكون غالباً في المنزل، تحتاج إلى تمويل بسيط بضمانات سهلة التوفير.

فكرة التمويل بحد ذاتها هي مطلب مساند لتمكين المرأة اقتصادياً وإثبات وجودها، لا سيما أنها المعيل الرئيس للأسرة في أغلب الحالات. بدأت عملية تمويل المشاريع منذ زمن في المناطق النائية والأكثر فقراً، والتي تبين فيها أن المرأة مطلوب منها إعالة أسرتها رغم عدم قدرتها على العمل، وعدم امتلاكها لمهارات تساعدها، أو أميّتها في بعض الأحيان، وهناك العديد من المشاريع الصغيرة التي بدأت بقروض، سرعان ما تجذّرت وأصبحت مشاريع كبيرة قائمة بحد ذاتها وأصبحت القائمة عليها سيدة متمكنة اقتصادياً.

إلا أن ارتفاع فوائد الإقراض المقدم بتسهيلات كبيرة، مقابل مشاريع في بعضها وهمية، بهدف تحقيق أرباح سريعة للمُقرض، فتكون القروض في جوهرها تعزيزاً لنمط استهلاكي معين أو تسديد بعض عجز الالتزامات دون مردود يساعد في سدادها لاحقاً، إضافة الى تمويل مشاريع مدروسة بشكل خاطئ، تصل بالنساء إلى العجز في السداد، وتراكم كبير للفوائد وتوسيع دائرة المطالبات للوصول إلى الكفلاء. بالتالي ارتفاع نسبة الملاحقات القانونية للنساء اللواتي فشلن في مشاريعهن ولم يستطعن القيام بالسداد بوقته، هذه الظاهرة تتطلب منا مراجعة نقدية لسيطرة رأس المال الربحي على السوق التمويلي المراد منه تمكين المرأة.

الأصل أننا نسعى إلى تمكين المرأة اقتصادياً دون زيادة الأعباء المالية عليها، خاصة في حالة فشل المشروع، وهذا يتحقق بالجمعيات التعاونية والقروض ذات الفوائد القليلة، إضافة الى ضرورة تقديم خدمة مترافقة للإقراض تساعد في إعداد الجدوى لأي مشروع ومقاربتها للواقع لضمان نجاحه.

هذا وعلينا أن نستدرك خطورة تداخل التمويل ومؤسسات المجتمع المدني المشروطة، التي تسعى إلى تمرير أفكار ومشاريع معينة من خلال توفير التمويل لمشاريع المرأة.

انخراط المرأة في مشاريع اقتصادية مدروسة وقائمة بحد ذاتها، متوفر فيها البُعد التنموي لدفع عجلة الاقتصاد والنمو في المستقبل للأمام وتهيئة مناخ استثماري مناسب هو الحافز الأكبر لتمكينها. مع ضمان حمايتها في التشريعات والقوانين. وبالتالي تمكين المرأة وتوفير القروض لها يجب أن يكون ضمن سياسات الدولة، تتحمل مسؤوليتها فيه، وتضع البرامج والخطط التي تربط بين تمكين المرأة ودعم الاقتصاد بشكل عام.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى