لآخر المستجدات تابعنا على قناة تلغرام

تابعنا
أخبار عربية

إدلب ، بوتقة نهاية الصراع السوري!! / د.موسى العزب

إطلالة “إخبارية” على الوضع السوري، في شمال غرب البلاد!!

حاصرت القوات السورية بالمشاة والآليات، منذ مساء الإثنين الماضي مدينة خان شيخون، تاركة ممرا في شمال المدينة مسيطر عليه بالنيران، وبإعتراف المسلحين، فإن القوات قد دخلت المدينة وسيطرت على كل أجزائها صباح الثلاثاء، بحد أدنى من الخسائر المادية والبشرية.

كل المؤشرات تدلل على أن القوات السورية ستواصل تقدمها نحو مدينة إدلب شمال غرب البلاد — والتي كانت واحدة من بؤر الحرب الأولى على سورية، نظرا لقربها من تركيا– وذلك رغما عن كل التحذيرات التركية، والعرقلة الأمريكية، وتوعد الجولاتي.

هذا التقدم لم يكن وليد اللحظة، فقد قامت القوات السورية منذ أربع شهور، وبمساندة روسية جوية مكثفة، بقصف إنتقائي شديد لمقرات المسلحين وأماكن تخزين أسلحتهم وطرق مواصلاتهم وإتصالاتهم، قبل أن تحدث الفارق في ميزان القوى.

طوال الأسبوع الأخير كانت القوات قد واصلت تقدمها نحو الشمال الغربي، وبسطت سيطرتها على معظم أجزاء الريف الشمالي لحماة، والريف الجنوبي لمحافظة إدلب، وفي ليلة الاثنين إلى الثلاثاء، أحكمت سيطرتها على مدينة خان شيخون، والتي كانت قد سقطت بأيدي المسلحين منذ العام 2014، إثر إرتكاب مجزرة بحق وحدات للأمن السوري والشرطة العسكرية في ثكناتها هناك، قام بها مسلحون قادمون من الشمال!!

وقد جاء هذا الإنجاز العسكري السوري، تتويجا لمعركة طويلة النفس ومستمرة منذ عدة أسابيع حول هذا القطاع الرئيسي من الجبهة. هذا التقدم اللافت يعني فتح الطريق نظريا أمام القوات السورية للسيطرة على الطريق السريع الاستراتيجي الذي يربط دمشق بحلب، وباتت معرة النعمان على بعد كيلومترات من المواقع الجديدة.

تقول التقارير بأن الجيش قد دفع في المعارك الأخيرة قوات قوامها 1500 رجل حاصروا المدينة على شكل كماشة، وأجبروا مسلحي جبهة تحرير الشام (القاعدة في بلاد الشام) على سحب مجموعاتها هربا من الطوق المحكم، بعد سقوط عشرات منهم بين قتيل وجريح.

هذا التقدم السوري على الأرض، إنعكس بشدة على القضايا المحلية والإقليمية والدولية التي ما تزال تحاول أن تجعل من النزاع أكثر تعقيدًا. وأظهر بأن معركة إعادة السيطرة على إدلب ستكون المرحلة النهائية بعد أكثر من ثماني سنوات من الحرب متعددة المستويات والأطراف عاشتها سورية،

 

أي قوات تسيطر على المنطقة؟

تعد إدلب من أوائل المدن الكبرى للمناطق التي تم إخراجها من سيطرة الدولة السورية عام ٢٠١٢ بتدخل تركي على أكثر من مستوى.

وقد تم فرض إدارات متعددة عليها من قبل ما يسمى بالجيش الحر بداية، ثم إدارة مدنية قبل أن تهيمن عليها الجماعات العسكرية الإرهابية والأكثر تطرفا. وفيما بعد شكلت نقطة قيادة خلفية لمعظم الإعتداءات التي إستهدفت الساحل السوري والمرتفعات الغربية ووسط البلاد. ومنذ الحضور الروسي المباشر في العمليات في العام 2015، إستهدفت طائرات مسيرة، وصلت من تركيا إلى إدلب وخان شيحون، القوات الروسية ومرابط الطائرات الروسية في حميمين، وبعد أن تمكن الجيش السوري من إستعادة سيطرته على مناطق واسعة من الأرض السورية، تحولت محافظة إدلب إلى مكب لمئات الآلاف من المسلحين والإرهابيين وعائلاتهم، بمن فيهم من تم إجلاؤهم من حلب ومنطقة الغوطة الشرقية والغربية حول العاصمة، والزبداني وحمص.. وقد نتج عن ذلك، تجمع نحو ثلاثة ملايين شخص في هذه البقعة الحدودية مع تركيا.

يسيطر على المكان حاليا جبهة تحرير الشام، كفصيل أساسي، ويبلغ تعداده حوالي 40 ألف شخص، ومنذ مطلع العام، يقوم الجيش التركي بتجميع ودعم تشكيلات مسلحة “إسلامية” سورية وأجنبية آسيوية، أخرى، يتم تجميعها خاصة في “الجيش الوطني” بإستقدامهم من المناطق المجاورة، وغالبًا ما أدى التناحر والتنافس بين هذه القوى إلى إشتباكات دموية، وتغييرات على المناطق المسيطر عليها.

 

روسيا – إيران – تركيا: شركاء أم خصوم؟

بالإضافة إلى البعد السوري في الصراع، والذي يدور منذ العام 2011 ، هناك أدوار للجهات الإقليمية والدولية الفاعلة في الميدان، وقد كانت منطقة إدلب موضوع العديد من المفاوضات والاتفاقيات بين روسيا وإيران وتركيا.. الدول الثلاث الأكثر مشاركة في المشهد السوري. أول اتفاق تم تحت الضغط الدولي من أجل تجريد الإقليم من السلاح “لأسباب إنسانية”، أعقبه اتفاق تم التوصل إليه في أيلول 2018 في سوتشي ، بين رئيسي الدولتين الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والذي وضع خطة تنص على إنشاء منطقة عازلة لفصل القوات السورية عن المناطق التي يسيطر عليها ما سمي بـ”الجهاديون والمتمردون” من أجل “تجنب” شن هجوم سوري مفاجئ واسع النطاق.

إيران ، التي لعبت أدوارا هاما في القتال إلى جانب القوات السورية، من خلال خبراء، وقوات حليفة لها، يبدو بأنها لم تشارك حاليا بشكل فاعل في المعارك الأخيرة، لأسباب متعددة!!

بينما تتقابل حاليا، روسيا وتركيا وجهاً لوجه في التصعيد الأخير في شمال غرب سوريا. ويتنافس الطرفان بشكل متصاعد على تقسيم وتنازع الأدوار، حيث تتهم موسكو أنقرة؛ بعدم احترام اتفاقهم المبرم وتعهداتها بشأن إدلب.

بالنسبة لموسكو، موقفها واضح، وهي تعلن دعمها الثابت للحكومة السورية في إعادة السيطرة على جميع أراضيها، وقد قال فلاديمير بوتين خلال لقائه مع إيمانويل ماكرون، الذي طلب منه تنفيذ اتفاق سوتشي: “نحن ندعم جهود الجيش السوري للقضاء على التهديدات الإرهابية في إدلب”. سيما وأن جبهة تحرير الشام هي فصيل إرهابي بتوافق دولي عام.

 

ما هي أولويات تركيا في سوريا؟

أنقرة ، التي تحاول تأكيد نفوذها ومصالحها المتعددة على حدودها الجنوبية، تجد نفسها في لعبة مضطربة بعد أن تقلصت طموحاتها السورية كثيرا، فقد أرسلت الاثنين، قافلة عسكرية مكونة من حوالي 50 مركبة من قواتها، لتقديم الدعم العسكري لمسلحي “تحرير الشام” في خان شيخون، مالبث الرتل أن تجمد في مكانه بعد طلعات سورية روسية، إستهدفت وحدات إستطلاعة المشكلة من فصائل أصولية إسلامية سورية ممن شكلها وسلحها الجيش التركي، ويستعملها غالبا في إنجاز عملياته، وقد وقعت خسائر متعددة في صفوفها.

أدانت أنقرة “بشدة” الهجوم ، قائلة إنه “يتناقض مع الاتفاقيات الحالية والتعاون والحوار مع روسيا”. وأضافت يوم الثلاثاء أنها حثت دمشق على عدم “اللعب بالنار”.

ومن المعروف، بأن موقع مراقبة تركي مهم في مدينة مورك، على بعد حوالي عشرة كيلومترات جنوب خان شيخون ، حاصرته بالكامل القوات السورية، وتركته وراء ظهرها محاصرا عندما توجهت إلى الشمال.

لا يعرف إلى الآن ماذا سيحل بنقاط المراقبة التركية على الأرض السورية، ولكن من الواضح بأن لتركيا أولويتين؛

تتعلق الأولى بشمال شرق البلاد، وتسعى هناك إلى “ردع” وإبعاد الأكراد السوريين على طول الحدود السورية التركية!

وفي هذا المجال فقد تم توقيع اتفاقية طويلة وصعبة مع الولايات المتحدة قبل حوالي أسبوعين لإنشاء “منطقة آمنة” في هذه القطاع. تهدف إلى إقامة منطقة عازلة بين الحدود التركية والأراضي التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردي التي تدعمها وتشرف عليها الولايات المتحدة، بينما تصفها تركيا بـ “الإرهابية”.

مصدر “القلق” التركي الرئيسي الآخر هو تدفق اللاجئين الجدد الفارين من إدلب والذين يتوجهون نحو الحدود الشمالية، ومزارع الزيتون المحيطة بالمحافظة، بينما تستضيف تركيا بالفعل ما يقرب من ثلاثة ملايين ونصف مليون لاجئ سوري على أراضيها، حولتهم الطبقة السياسية التركية إلى ملف سياسي أمني، وعنوان تجاذبات وخلافات داخلية، بدأت تحدث تغيرات على الخريطة السياسية في كامل تركيا.

يخف إردوغان للقاء مع بوتين في موسكو في 27 آب، لطلب مساعدته في إنقاذ ما تبقى من إتفاق سوتشي، ويحاول فك الحصار عن قواته في مورك!!

عرض إخباري تم إعداده بالعودة لعدة وكالات للأنباء…

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى