مقالات

أهلا بالغوطة / جهاد المنسي

من يشاهد حجم الأسلحة الثقيلة التي كان يحتفظ بها من يطلق عليهم البعض “ثوارا” والتي خرجت من منطقة الغوطة السورية، سيجد نفسه أمام سؤال يساوي أكثر من مليون دولار، وهو من أوصل كل تلك الأسلحة لأولئك المتطرفين؟!، وكيف وصلت لهم مضادات دروع ثقيلة وآليات راجمة ومجنزرة ومجوقلة؟!، ولمصلحة من يتم دعم أولئك بكل تلك الأسلحة؟!.

ما شاهدناه من صور بثتها وكالات أنباء عالمية -وليس وكالة ناسا السورية- أظهر حجم وكمية ونوع الأسلحة التي خرجت، وتلمس بوضوح حجم المؤامرة التي كانت تحاك، وألزم بالصمت أولئك الباكين على الغوطة الدمشقية التي كان يحتلها أولئك المتطرفون، والذين كانوا يرون أن الجيش السوري لا يحق له تحرير أرضه من المعتدين، وعليه أن يقابل قنابل المتطرفين التي كانت تسقط على أحياء دمشق وتقتل المدنيين بالورد والأرز والسكر.

ما سمعناه عبر وكالات الأنباء من مواطنين كانوا يقبعون تحت رحمة أولئك المتطرفين وطريقة التعامل معهم، يشيب له شعر الرأس، ومن يستمع للطريقة التي كانوا يتعاملون بها مع النساء والأطفال والشيوخ وطرق التعذيب التي كانوا يتبعونها، وحجم الأموال التي صرفت، يعرف يقينا أن ما كان يجري في سورية منذ أكثر من 7 سنين إنما كان بفعل مخططات إقليمية ودولية تريد الوصول لأبعد من سورية بكثير.

لسنا بحاجة لكبير عناء لنكتشف أن ما أسميت “ثورة سورية” قد انتهت بعد يومين من بدايتها على أكثر تقدير عندما استسلم أولئك “الثوار” للدول الغربية والعربية ولإسرائيل ليتحكموا بمصير ثورتهم المزعومة، وكان دورهم فقط لوجستيا تنفيذيا أكثر منه مطلبيا وسياسيا.

لست هنا في إطار قراءة مآل “الثورة السورية” المزعومة وكيف تحولت من باب لباب، ولكنني أجزم أن حجم شراء الولاءات الذي قامت به دول عربية وغربية كان أكبر بكثير مما توقعناه؛ إذ ربما لو دفعت دول عربية الأموال التي دفعتها في الصرف على المرتزقة في الشام وشراء ولاءاتهم، لتحرير فلسطين، لاستطاعت المقاومة والثوار الحقيقيون في فلسطين تحرير أرضهم فعلا.

أتابع بكل دقة سيرورة ما يجري في الغوطة الشامية الشرقية منها والجنوبية، وأرى وألمس حجم الغضب الغربي جراء ما يحرزه الجيش السوري من انتصارات على الإرهابيين هناك، وأستطيع أن أميز حجم المطبات التي تضعها تلك الدول في طريق الجيش لإعاقة تحركه باتجاه استعادة أرضه من إرهابيين سكنوا فيها لسنوات، وقتلوا فيها البشر وقلعوا الشجر وخربوا الحجر.

تأمين محيط دمشق أمر حيوي، ونقطة ارتكاز لتأمين البادية السورية وصولا للحدود العراقية، وأيضا نقطة انطلاق للحفاظ على تأمين القلمون والحدود اللبنانية-السورية، وأعتقد أن الوجهة المقبلة للجيش في حال أنهى تنظيف الغوطة بالكامل من الإرهابيين، ستكون للجنوب السوري؛ حيث ما يزال لداعش جيب صغير بالقرب من الجولان بات لزاما اجتثاثه بقوة، وتحرير درعا من بقايا جبهة النصرة الإرهابية.

وكما في كل منعطف، من المؤكد أن المرحلة المقبلة للجيش السوري إن كانت درعا ومحيطها أو أي مكان آخر ستواجه بمقاومة غربية وصهيونية، وسنعود لنسمع عن موت أطفال وشيوخ، وعن غارات سورية استهدفت ملجأ وأخرى استهدفت مدرسة، وربما نسمع على موضوع الكيماوي مجددا، وأن الجيش السوري استخدمه في هذه المنطقة أو تلك، ولكن أرى أن كل تلك المطبات لن تقف حجر عثرة في طريق كنس الإرهابيين من داعش وجبهة النصرة عن درعا ومحيطها وعن الحجر الأسود ومخيم اليرموك وغيرها من تلك المناطق التي يعد تأمينها حدثا وإنجازا نوعيا سياسيا وعسكريا.

الأمر الواضح في كل ما يجري أن سورية استطاعت أن تقطع المخطط الصهيوأميركي من الوسط بفضل صمود جيشها وشعبها، وعطلت مشروع تقسيم سورية والعراق، وصولا الى المرحلة الكبرى من المشروع والذي بات يعرف بصفقة القرن والتي يتم بموجبها التنازل عن الحق الفلسطيني في الأراضي المحتلة، وإقامة الكيان الصهيوني والاعتراف بالقدس عاصمة له، وهو المخطط الذي نلمس بوادره هذه الأيام.

نقلا عن الغد

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى