مقالات

أحس بالغضب وقلة الحيلة، وهناك غصة في حلقي / الدكتور وليد المعاني

وأخيرا، بان المستورُ كما نشرتهُ الدستورُ، وتلقيتُ إجابةً أو نصف إجابةٍ على أسئلة طرحتها بالأمس. فسيكون هناك سنة تحضيرية في كليات الطب وطب الأسنان في الأردنية والتكنولوجيا.

يدخُلها الطلبة (الأعداد المقررة مضافا لها ٢٠٪)، ثم يتمُ فرزهم، يدفعون ثمنَ ساعة طبٍ معتمدة وهو لا يدرونُ اين ينتهي بهم المطاف، هل في إحدى هاتين الكليتين ام خارجهما. وستُحَددُ المواد التي ستدرس لإجراء عملية الفرز، وسيتم الإمتحان بطريقة لا نعرفُ كنهها، ثم ينفضُ السامر في نهاية العام الدراسي المكون من فصلين فقط، فقد كان صاحبُ القرارِ رحيما فترك للطلبة فصلاً صيفيّا يتدبروا امرهم فيه، يبحثون عن مستقبل اعتقدوا انهم وجدوه.

وقالت الأخبار آن هذا لن يشمل الطلبة غير الأردنيين، والذين سيسمح لهم بإعادة السنة التحضيرية دون غيرهم من عباد الله. وذكر الخبر كذلك بآن الجامعتين ستلتزمان بالأعداد المقررة، بمعنى ان ال ٢٠٪ الزائدة أو أكثر ستذهب لكليات أخرى. ولكن الخبر كان واضحا وأكد على أن هذا الترتيب سيشمل طلبة الموازي كذلك، والمفروض أنه له نسبة محددة من أعداد المرشحين للقبول.

في الخبر، كذلك، ان القبول الموحد سيتولى العملية، وهو امر يوحي بالشفافية والمساءلة، ولكن في الأمر أسئلة.

لنأخذ ما تنص عليه أسس القبول ممن لهم الحق في الحصول على مقاعد طب و طب أسنان، و انا أشير للأسس النافذة اليوم التي صدرت في ٨/٨/٢٠١٧ ، و هم أوائل المحافظات، طلبة التنافس، المكرمات الملكية، و بعض الفئات الأخرى من أبناء العاملين وغيرهم.

هل نبقي على هذه الأسس كما هي أم ان أسسا جديدة ستصدر من مجلس التعليم العالي او مجالس أمناء الجامعتين حسب نص القانون الجديد؟

وبغض النظر ان بقيت الأسس أو تغيرت فهل سنخلطهم (الطلبة) قبل ان يتقدموا للقبول الموحد ام بعده؟ بمعني هل يتقدم الطلبة للطب كتخصص وللأسنان كتخصص ثم يقوم القبول الموحد بضمهم معا، ام سيكون هناك تخصص موحد في طلب القبول اسمه ‘الطب وطب الأسنان’.

اعتقدُ، ولأن الهاشمية ومؤتة واليرموك والبلقاء مستثناة من هذه “التجربة’ ان الخلطَ سَيتمُ لاحقا، لان بعضَ من يتقدم لطب الاردنية قد لا يحالفه الحظ في الدخولِ في المعمعة وسيتولاه الله برحمته ويرسله مضمونا للهاشمية.

اذن الطبُ المؤكدُ هو طبُ الهاشميةِ وطب مؤتة وطب اليرموك والبلقاء والتي ستشهدُ معدلاتها ارتفاعاً ملحوظاً. وفي مقابلِ ذلكَ أتوقع انخفاض معدل الاردنية والتكنولوجيا في الطب فمقاعدها غير مضمونة… لأن من يتقدم لها قد ينتهي به الامر في أي كلية في الجامعة.

سيظهرُ اولئك الذين كانوا يقولونَ انهم لا يحملونُ جنسياتٍ اخرى و سيظهر اولادهم، و سيتقدمون للقبولِ في التخصص المضمون لأنهم مستثنون من المعمعة، و سيظهرونَ في الإحصائيات كطلبةٍ غير اردنيين، و سنفرحُ كثيرا و ندعي اننا استقطبنا الكثيرينَ من ‘الأشقاء’ العرب لجامعاتنا وان هذا سيرفدُ الاقتصاد الوطني.

سنطبق نفس الأمر على الموازي، الذي كانت الناس تبيع أملاكها لإلحاق ابنائها به, فسيعزفُ الناسُ عنه في الاردنية والتكنولوجيا وسيذهبونَ مباشرةً للجامعات الأربعة الأخرى او و عندما تقفلُ الأبوابُ للخارج في مصرَ الشقيقة و أوكرانيا الصديقة.

محليا، و للطلبة الذين ‘تم خلطهم’ وزدنا عليهم ٢٠% ممن ستتقاذفهم الأقدار بعد نهاية السنة التحضيرية، سيكون هناك صراع محموم أشد و انكى من صراع الثانوية العامة ، فهذه لعبة كراسي موسيقية، ان لم تجد كرسيا فأنت خارج اللعبة على الرغم من انك دفعت سعر اغلى كرسي في الحلبة.

ما لذي سيحدد من يحصل على المقاعد ومن سيذهب لرزقه؟ المُحَدِّد هو امتحان سَيوضَع لفرزِ ‘الغثِّ عن السمينْ’، فرزُ ال ٩٨% عن ال ٩٤%، امتحانٌ باللغةِ الإنجليزيةِ وهي لغةُ التدريسْ، وكلُ مدارسِ المملكةِ متساوية فيها، نفسُ اعدادِ المعلمين وقدراتِهم في كل بقعة من بقاع هذا الوطن الجميل، وكلهم يتحدثون بلكنةٍ صحيحةٍ وينطقون إسم مدينة بومباي الهندية و مدينة بومبي الإيطالية بمخارج حروف صحيحة تبينُ الفرقَ بين الحرف الأول في كلتا المدينتين.

هل لن يكون لعمانَ رهبة على من أتى من قريةٍ بعيدة، وسكنَ في غرفة في حي لا يعرفُ فيه احدا، هل تعتقدون أن هذا الطالبُ سيتفرغ للدراسة في غربته ووحدته وبعده عن والدته، وسيبدعْ، وستنهال عليه العلامات في امتحان بلغةٍ تمكن منها وسيحصل على مقعدِ الطبِ الذي باعت أمه ‘صيغتها’ من أجله؟

أعتقد أن تحسين المدخلات لا يكون هكذا، وتساوى الفرص لا يكون هكذا، والعدالة ليست هكذا.

العدالة تقتضي – حتى في الملاكمة – أن تنافس في فئة وزنك، لا يجوز للاعب من الوزن الثقيل أن ينازل لاعبا في وزن الريشة، وعليه يجب أن يكون الطلبة من وزن واحد للحصول على فرصة عادلة للتنافس في السنة التحضيرية، وإلاَّ كانت النتيجة محسومة سلفا.

لا يجوز أن يتنافس أبناء مدارس القرى ناقصة التجهيز والمدرسين مع أبناء مدارس فيها مسارح وملاعب وحمامات سباحة، ثم ندعي العدالة. ولا يجوز أن يتنافس طلبة لم يروا معلم لغة إنجليزية، مع طلبة لا يتحدثون في حياتهم اليومية بغير اللغة الإنجليزية، وأن يتم تقيمهم بامتحان تستخدم فيه هذه اللغة.

آمل أن يتم في نهاية المطاف عمل جردة حساب، إن سرنا هذا المسلك الوعر، لنرى كيف ولم أُقحمنا في هكذا طريق؟ وأدعو الله كذلك، أن أكون مخطئا، وأعتذر عن هذ ا المقال عندها.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى