أخبار محلية

معاقبة المضربين عن العمل ردة عن الإصلاح وتخالف الدستور

وصف خبراء عماليون، في سياق انتقادات وجهوها لمسودة قانون العقوبات، بأنها “ردة عن الإصلاح، ومخالفة للدستور والاتفاقيات الدولية”.

ووافق مجلس الوزراء على تلك المسودة والتي تتضمن “معاقبة الإضراب الجماعي غير القانوني” للموظفين في القطاعين العام والخاص.

وتطالب المسودة باستحداث نص يعاقب بالسجن أو الغرامة “للمشاركين في إضراب او احتجاج”، مبررة ذلك “لحماية سير العمل في المرافق العامة التي تؤدي خدمات عامة ذات أهمية بما في ذلك الصحية والتعليمية”.

فيما تقترح إضافة فقرة للمادة 183 من قانون العقوبات تنص على أن “كل موظف او مستخدم، عاما كان أم خاصا امتنع عن العمل بهدف الضغط لتحقيق مطلب معين أو حرض على ذلك في المؤسسات التي تقدم خدمات عامة او أساسية للجمهور يعاقب بالحبس مدة ثلاثة أشهر أو بالغرامة من خمسين دينارا الى مائتي دينار”.

النائب مازن الجوازنة، وهو رئيس القائمة المهنية والعمالية وعضو لجنة العمل النيابية، “أبدى استغرابه من وضع هذا النص في مسودة القانون”، مؤكدا تعارضه مع قانون العمل الذي يضمن حق الإضراب والاحتجاج للعمال.

وقال، لـ”الغد”، “عندما تعرض مسودة هذا القانون على مجلس النواب سنعمل على ردها، لأنه مخالف للقوانين المحلية والدولية”.

وانتقد الجوازنة وجود هذا النص في الوقت الذي تعمل فيه لجنة العمل النيابية على دراسة تعديلات قانون العمل لجعله اكثر انسجاما وتوافقا مع المنظومة التشريعية الدولية، مبينا انه سيكون “امرا غير لائق” احتواء قانون العقوبات على هذه الفقرة لأنها “ستؤثر على مصداقية الأردن في سعيه الجدي لتطوير قوانينه”.

وبين ان قانون العمل يدرس حاليا استحداث نصوصا تؤكد بشكل اوضح حق العمال بالإضراب، على ان يتم ذلك ضمن المحددات والمعايير المتعارف عليها دوليا لتنفيذ هذه الاضرابات.

مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والاجتماعية أحمد عوض وصف إضافة هذه الفقرة بـ “خطوة مستهجنة” خاصة في ظل وجود الاختلالات والتوتر في سوق العمل الناتجة عن عدم توفر بيئة عمل ملائمة، مؤكدا ان اتخاذ هذه الخطوة من شأنه زيادة التوتر وزيادة الاحتجاجات أيضا.

وقال “كان الأولى بالمشرع دراسة سوق العمل وايجاد حلول وسياسات تخفف من التوتر لا تزيده”، معتقدا “ان المشرع يخطئ إذا كان يظن أنه سيسيطر ويخفف من الاحتجاجات بهذه الطريقة”.

وبين ان العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية كفلا هذا الحق، فضلا عن الاتفافية رقم 87 لمنظمة العمل الدولية، والأهم ان وجود هذا النص مخالف للمادة 128 من الدستور الاردني التي تنص على “لا يجوز أن تؤثر القوانين التي تصدر بموجب هذا الدستور لتنظيم الحقوق والحريات على جوهر هذه الحقوق أو تمس أساسياتها”.

ولفت عوض الى ان قانون العمل الاردني خلا من مواد تعطي الحق لموظفي القطاع العام بالإضراب، لتقتصر فقط على موظفي القطاع الخاص، ورغم ذلك فالاحتجاجات في القطاعين في ازدياد ما يعني ان “القوانين لا تستطيع أن تمنع التحولات الاجتماعية”.

وأكد أن لجوء المشرع الى تقييد الإضرابات والاحتجاجات ضمن قانون العقوبات “سيؤدي الى تحولها من سلمية الى غير سلمية” وهذا شيء خطير جدا وعلى صاحب القرار التنبه إليه.

بدوره يرى رئيس اتحاد النقابات العمالية المستقلة عزام الصمادي في هذه الخطوة “ردة عن الإصلاح” مؤكدا انه في حال إقرارها “ستضع الأردن في وضع حرج” كونه وقع على اتفاقيات دولية، خاصة اتفاقيات منظمة العمل الدولية تجعله ملزما بكفالة حق الإضراب والاحتجاج للعمال والموظفين.

وشهد الاردن خلال العام الماضي 474 احتجاجاً فقط، مقارنة بـ “890 احتجاجا” عام 2013، و 901 عام 2012 بحسب تقرير صدر مؤخرا عن مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية.

ويعزو عوض أسباب انخفاض هذه الاحتجاجات عن مستوياتها خلال الأعوام الثلاثة الماضية إلى مجموعة من العوامل، تمثلت بـ “التدخلات الحكومية في منع الاحتجاجات لدى القطاعين العام والخاص، وعمليات القمع التي تعرضت لها العديد من الاحتجاجات العمالية، الى جانب عدم استجابة الحكومة والقطاع الخاص لغالبية مطالب منفذي هذه الاحتجاجات، وموقف وزارة العمل المعلن من أن هذه الاضرابات غير قانونية، الى جانب موقف اتحاد نقابات العمال المنحاز ضد هذه الاحتجاجات”، بالإضافة الى تفاقم الأوضاع السياسية والأمنية في الدول المجاورة.

وقال عوض في حال تم إقرار قانون العقوبات كما جاء في المسودة فـ “سيشهد المجتمع المزيد من التوتر والاختلالات”.

تقرير تحالف “إنسان” الأخير، أو تقرير الظل الذي أعدته مجموعة منظمات حقوقية ونشطاء في حقوق الإنسان عن حالة حقوق الإنسان في الأردن، لفت الى ضرورة تعديل القوانين بحيث تؤكد على حق العمال بالإضراب.

ولفت الى وجود خلل يتعلق بالمفاوضة الجماعية “والذي طالما اشتكى منه ممثلو العمال ونقاباتهم، والمتمثل في عدم سلاسة واستقلالية آليات المفاوضة الجماعية، ويعطي القانون الحق للحكومة بالتدخل في أي مرحلة من مراحل التفاوض، الأمر الذي يضعف دور النقابيين ويجردهم من أدواتهم الضاغطة والتي يعد الاضراب أهمها.

وأشار التقرير إلى “أن جميع الاضرابات العمالية التي تم تنفيذها في الأردن خلال الأعوام العشرة الأخيرة تم تصنيفها بأنها إضرابات غير قانونية حسب نصوص قانون العمل”.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى