آراء ومقالات

ماذا بعد؟ / د. سعيد ذياب

منذ نيسان عام 2014 توقفت المفاوضات الفلسطينية الصهيونية بسبب رفض الكيان وقف الاستيطان وإطلاق سراح المعتقلين القدامى ما قبل توقيع اتفاق أوسلو عام 1993.

منذ ذلك الوقت والكيان يمعن في سياسته الاستيطانية في عموم الأراضي الفلسطينية، محاولاً خلق أمر واقع جديد على الأرض الفلسطينية، وفى الآن ذاته مارس كل سياسات القمع والإرهاب ضد الشعب الفلسطيني لفرض إرادته ومشروعه عليه.

منذ تلك الفترة انطلق المستوطنون يمارسون كل أنواع التخريب والأذى بحق الفلسطينيين في ظل دعم وإسناد كاملين من الجيش الصهيوني.

مقابل هذه الصورة مارست السلطة سياسة انتظارية مع الكيان وسياسة البطش والقمع لأبناء الشعب الفلسطيني ككل وضد كل صوت يرفض هذا الواقع ويطرح نهج المقاومة كبديل.

تغيرت أكثر من إدارة أمريكية ولم يحدث أي تحول في الموقف الصهيوني وجاءت إدارة بايدن لتعلن بوضوح شديد أنه لا تملك أي خطة لعملية السلام وأن كل ما يهمها هو الحفاظ على التهدئة، والحكومة الصهيونية مصرة على عدم التفاوض وبحث المقولة الممجوجة التي يرددها الجانب الفلسطيني (حل الدولتين) والكيان نفسه يسيطر عليه غلاة اليمين والعنصريين.

أما السلطة تمادت في قمعها وبدأت في سياسة الاغتيالات (نزار بنات) نموذجاً والتعدي على حرمة الجنازات للشهداء ومصادرة الرايات والتفاني في مستوى التنسيق الأمني مع الكيان الصهيوني.

أمام هذا الواقع يأتي جبريل الرجوب إلى دمشق على رأس وفد للتباحث مع الفصائل حول الوضع الفلسطيني واجتماعات المجلس المركزي.

والسؤال الذي يطرح هل لدى السلطة ومنظمة فتح استعداد لتغيير النهج؟ نهج الانتظار والتفاوض وإدارة الظهر لكل أوسلو ومخرجاتها وشق طريق جديد يرتكز على ما يقوله المنطق ألا وهو نهج المقاومة؟

هذا النهج أي نهج المقاومة من شأنه أن يجمع الناس كلها ويوحدهم على مواجهة المحتل بينما استمرار الرهان على مقولة سلام الشجعان لن تقود إلا لمزيد من الفرقة والضياع.

والآن ومع وجود وفد فتح في دمشق هم أمام السؤال المصيري ماذا بعد؟ هل نستمر بسياسة المراوغة والتكتيك على الشعب؟ أم نمارس الوضوح والصراحة واعتبار هذه اللحظة لحظة الحقيقة وأن المسألة ليست مجرد مفردات يتلاعب بها هذا المسؤول أو ذاك؟؟

إنها لحظة الصدق مع الذات ومع الأهل، إذ اعتقد البعض أنه قادر على الاستمرار بسياسة التدليس على الشعب وابتزاز الناس بلقمة عيشها فهو مخطئ بشكل كبير، لإنه أولا وأخيرا ستكشفه الجماهير ويظهر على حقيقته مهما طال الزمن.

هل يدرك الجميع أن الوقت بات حاداً وقاطعاً وأن العدو يستثمره بكفاءة؟ وهل يدرك الجميع أن الوقت لم يعد يسمح باستمرار الرهان إذا لم نلتقط هذه اللحظة؟؟

خلق الأمر الواقع ليس على مستوى مصادرة الأرض فحسب بل على مستوى المفاهيم والسرديات بحيث بات التطبيع معه أمراً عادياً وأصبح رفض التطبيع نوع من العناد الغير واعي.

من هنا فإن استمرار التعامل مع هذه السلطة وكل من يساندها هو بمثابة الشراكة في إضاعة الفرصة للوحدة على قاعدة المقاومة.

بواسطة
الدكتور سعيد ذياب الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى