بيانات وتصريحات حملة ذبحتونا

قراءة الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة “ذبحتونا” في ملف التعديلات المدرسية

** ذبحتونا: المطلوب إحداث تعديلات جذرية في المناهج تكون على أساس وطني أكاديمي بعيداً عن إملاءات المانحين.

** ذبحتونا تتساءل عن اللجنة المستقلة لتطوير المناهج ومرجعيتها؟!

** التعديلات على المناهج تأتي ضمن مشروع (ERFKE) وهو مشروع ممول من USAID والبنك الدولي

** التعديلات التي أجريت على الكتب المدرسية العام الماضي لم ترضِ صاحب القرار والجهات المانحة، فكان إجراء تعديلات مستعجلة وغير مدروسة وتتسم بالتخبط

** تحت ذريعة “إلغاء الحشو، تم تقليص المحتوى الأكاديمي في معظم المواد الدراسية

** التعديلات المتعلقة بالقضية الفلسطينية لا يمكن أن نفصلها عن التسارع الحكومي نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني وعلى رأسها اتفاقية الغاز

رأت الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة “ذبحتونا” أن التعديلات التي أجرتها وزارة التريبة على بعض الكتب المدرسية، لا يجب أن يتم التعاطي معه من على قاعدة تغيير شكلي هنا أو هناك، وأن علينا أن ننظر إلى الدوافع والأسباب التي جعلت الحكومة تستعجل هكذا تعديلات، بدأت تعترف –وإن بخجل- بأن بعضها يحتاج إعادة نظر.

تعاطي المعلمين والحكومة مع القضية

وأكدت “ذبحتونا”  أن طريقة تعاطي المعلمين ونقابتهم مع التعديلات كان –للأسف- بعيداً عن الموضوعية والقراءة العلمية، وكان أقرب إلى “الشعبوية” منه إلى الرؤية الأكاديمية والنهج العلمي السليم في طرح الملاحظات حول التعديلات.

وعبرت الحملة عن أسفها لاستخدام المعلمين طلبة المدارس وخاصة طلبة الصفوف الأساسية في المواجهة مع الحكومة، وأكدت على أن إشراك و”استخدام” الطلبة في المسيرات الاحتجاجية على التعديلات و”تحميلهم” يافطات وشعارات لا يعلمون محتواها ودفعهم لإحراق الكتب المدرسية هي خطأ كبير، يستوجب اتخاذ نقابة المعلمين خطوات عملية لمنع تكرارها لاحقاً.

ولفتت حملة “ذبحتونا” إلى أن تصريحات وزير التربية كانت أقرب إلى التهرب والتنصل من التعديلات. ورأت الحملة أن الوزير لم يدافع عن التعديلات بقدر ما كان يحاول أن يظهر أنه “أحرص على الإسلام والبعد الديني في المناهج من المعلمين والنقابة”.

وأشارت “ذبحتونا” إلى أن الوزير لم يُجب في مؤتمره الصحفي، عن أسباب قيام الوزارة بإجراء هذه التعديلات التي اتسمت معظمها بأنها “شكلية” من مثل صورة الحجاب هنا أو هناك، أو استبدال اسم محمد بـ منير أو فاطمة بـ سامية. وتهرب الوزير من شرح الفائدة العلمية والتربوية التي يجنيها الطالب إن كان محمد من يصطاد السمك أم منير؟! والأمر نفسه ينطبق على ملاحظات نقابة المعلمين التي لم تجبنا عن القيم العلمية والتربوية لملاحظاتها وخاصة تلك المتعلقة بالأمور الشكلية –وهي تمثل السواد الأعظم من الملاحظات-.

محطات رئيسية في التعديلات على المناهج

التعديلات على المناهج أمر طبيعي ويدخل في سياق تحديث العلم على صعيد نظريات التعليم والتربية أو على صعيد مواكبة التطورات والحقائق العلمية والتاريخية.

إلا أن التعديلات على المناهج في الأردن ظل يحكمها العامل السياسي بالدرجة الأولى وذلك لأسباب جيوسياسية تتعلق بموقع الأردن وارتباطه المباشر بالقضية الفلسطينية، وإن لم تغب الناحية الأكاديمية عن هذه التعديلات أحياناً.

ولن ندخل في تاريخ هذه التعديلات، ولكن يجدر الإشارة إلى أن معاهدة وادي عربة فرضت على الأردن ضرورة إعادة النظر بمناهجها وحذف كل ما يتعلق ببث الكراهية “بين الشعبين”.

لقد مرت التعديلات على المناهج في السنوات الخمسة عشر الأخيرة، بمحطتين مفصليتين:

المحطة الأولى تمثلت في منتدى التعليم في أردن المستقبل والذي عقد في شهر أيلول من عام 2002، وتبنى مشروع “تطوير التعليم نحو اقتصاد المعرفة” (ERFKE)، وهو المشروع الذي تم إقراره بتمويل من مؤسسات دولية وهي (الوكالة الأمريكية للإنماء USAID  ، الوكالة الكندية للإنماء الدولي (CIDA) والبنك الدولي (WB) و الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (JICA) إضافة إلى الاتحاد الأوروبي (EU) . ويتكون المشروع من خمسة مراحل، حيث امتدت المرحلة الأولى من المشروع من 2003-2009، فيما تمتد مرحلته الثانية من 2009-2015 . ويدخل ملف تعديل و”مراجعة المناهج” ضمن المشروع الممول من قبل المؤسسات الدولية، وهو الأمر الذي يدحض ادعاءات وزير التربية بأن تعديلات المناهج غير ممولة (مرفق وثيقة).

المحطة الثانية تمثلت في اللجنة الملكية لتنمية الموارد البشرية واستراتيجيتها والتي تم إقرارها قبل شهرين تقريباً. وهي مكملة لمشروع “اقتصاد المعرفة”.

وتطرح هذه الاستراتيجية في محور تطوير المناهج الدراسية، وفق الدكتور وجيه عويس رئيس اللجنة تشكيل “هيئة عليا شبه مستقلة لتطوير المناهج الدراسية” من مختصين في وزارة التربية والتعليم وخبراء آخرين من ذوي الكفاءات والخبرات التربوية والأكاديمية والعلمية، والمطلعين على تجارب الأمم المتقدمة في هذا المجال، بحيث تتم على مرحلتين المدى القريب والبعيد، ويكون للهيئة صفة تشريعية واستقلالية تمكنها من وضع سياسات محددة للمناهج ومتابعة تأليفها وتدريسها والتأكد من مطابقتها للسياسات الموضوعة…….. الخ.

ويحق لنا أن نتساءل عن الجهة المشرفة على هذه اللجنة المستقلة لـ تطوير المناهج”، وما هي مرجعيتها؟ وما هو دور وزارة التربية إن لم تكن مسؤولة عن تطوير المناهج الدراسية؟!

التعديلات الأكاديمية

إن التعديلات الأكاديمية التي طالت المناهج والكتب المدرسية في السنوات الأخيرة والمتعلقة بالجانب الأكاديمي والتحصيل العلمي، لم يتطرق لها أحد لا سابقاً ولا حالياً. هذه التعديلات التي أقدمت عليها وزارة التربية نتيجة التراجع الكبير في العملية التعليمية والتحصيل العلمي لطلبة المدارس وبالتوازي مع مشروع الاقتصاد المعرفي الممول أجنبياً، هي التعديلات الأهم بالنسبة للطالب وولي الأمر والعملية التعليمية بشكل عام، إلا أن هذه التعديلات دائماً ما تمر دون أن تتوقف أمامها أية جهة.

ويمكن حصر أسباب التراجع في العملية التعليمية في ضعف البنية التحتية وغياب المعلمين المؤهلين وعدم وجود الخبرات الكافية لدى شريحة واسعة منهم، إضافة إلى التنجيح التلقائي الذي لا يزال سارياً رغم قرار إلغائه، والخلل في المناهج المدرسية. إلا أن تعاطي الوزارة مع واقع الطلبة، لم يكن من خلال إجراء تعديلات على المناهج ترفع من سوية الطلبة، بل إن التعديلات ارتكزت على جعل هذه المناهج “تهبط” لمستوى الطالب، فتم تقليص المحتوى الأكاديمي في معظم المواد الدراسية تحت ذريعة “إلغاء الحشو”. فعلى سبيل المثال، أصبح طلبة الصف الخامس يدرسون في السنة الدراسية كاملة أربعة قواعد نحوية، بينما كانوا يدرسون في السابق ثمانية قواعد نحوية!! والأمر نفسه ينطبق على معظم المواد ولمعظم المراحل المدرسية.

التعديلات الأخيرة على الكتب المدرسية

كان مستغرباً أن يتم إجراء تعديلات على الكتب المدرسية هذا العام وهي الكتب التي كان قد تم شمولها بتعديلات واسعة في العام الماضي. هذا الأمر أثار حفيظة الكثيرين وجعلهم يعتقدون أن “وراء الأكمة ما وراءها”. وكنا نتمنى أن يجيب معالي الوزير عن دواعي هكذا إجراء. ويبدو أن التعديلات التي اجريت على الكتب المدرسية العام الماضي لم ترضي صاحب القرار والجهات المانحة، فكان إجراء تعديلات مستعجلة وغير مدروسة وتتسم بالتخبط ، وكانت نتائجها مغايرة تماماً للأهداف التي وضعت من اجلها.

وفيما يتعلق بالتعديلات على الكتب المدرسية للعام الدراسي الحالي والتي أثارت الضجة الكبيرة الحاصلة حالياً، فيمكن تقسيمها إلى ثلاثة عناوين رئيسية:

1_ تعديلات متعلقة بحذف بعض الآيات القرآنية وبعض الأحاديث من كتب اللغة العربية: وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الآيات القرآنية يتم تدريسها باستفاضة في مادة التربية الإسلامية، إلا أن وضع آيات قرآنية ضمن نصوص مادة اللغة العربية، يأتي كون اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم، ولحجم البلاغة واللغة المتماسكة للآيات القرآنية والتي تساعد الطالب على التمكن من اللغة العربية.

ومن الطبيعي والبديهي أن تكون النصوص الأدبية في منهاج اللغة العربية متنوعة ما بين القصيدة  والنثر والقصة القصيرة .. الخ. لذلك فحذف آيات قرآنية من الكتب المدرسية لم يكن يحتاج كل هذه الضجة الإعلامية الكبيرة كون النصوص القرآنية لم يتم إلغاؤها من منهاج اللغة العربية.

2_ التغييرات الشكلية في الصور و في بعض الأمثلة: وتمثلت هذه التعديلات بالتنويع في نماذج صور النساء والرجال في الكتاب المدرسي، بحيث يكون لدينا صور لفتيات محجبات وأخرى لغير المحجبات، وصور لرجال بلحى وأخرى لرجال بدون لحى. إضافة إلى تغيير اسم محمد وفاطمة في بعض الأمثلة والاستعاضة عنها بمنير وفاطمة .

هذه الصور والأمثلة لم تكن لتحدث ضجة كبيرة لو تم وضعها في التعديلات الواسعة التي تمت في العام الماضي، وهي تأتي كنوع من التنويع في نماذج المواطنين، خاصة أن صورة الفتاة المحجبة والرجل الملتحي لم تلغى من الكتب، بل تم التنويع في ذلك. ولكن ما أثار حفيظة المتابعين، هو أن يتم إجراء تعديل على الكتب المدرسية لنكتشف أنه اقتصر على هذه الجزئيات الصغيرة، ما يجعل أي مراقب يضع علامات استفهام كبيرة على أسباب ذلك.

إننا نرى أن صراعاً كان يدور داخل أروقة الحكومة، وداخل وزارة التربية نفسها، أدى هذا الصراع إلى جعل مشهد التعديلات مربكاً وغير منطقي. ومن يدفع ثمنه هو الطالب أولاً وأخيراً.

3_ التغييرات المتعلقة بالقضية الفلسطينية: اشتملت هذه التعديلات –بشكل أساسي- على حذف قصيدة يافا للشاعر محمد مهدي الجواهري، وحذف مصطلح “المجازر الصهيونية” من أحد الدروس والاستعاضة عنه بـ “الممارسات الإسرائيلية”. إضافة إلى حذف سؤال للطلبة حول “كيف يمكن أن نحرر المسجد الأقصى؟”

هذه هي التعديلات الأخطر والأهم، ولا يمكن اعتبارها خطأً من لجنة المناهج أو محاولة لتنويع العناوين والمواضيع. فقصيدة يافا تم استبدالها بقصيدة أخرى، والكتاب الذي تم شطب قصيدة يافا منه لا يوجد فيه أي نص حول القضية الفلسطينية. إذن لماذا تم شطب هذه القصيدة؟ تماماً كعدم فهمنا لاستخدام مصطلح “الممارسات الإسرائيلية” عوضاً عن مصطلح “المجازر الصهيونية”. علماً بأن المادة الثالثة –(ب/7) من قانون التربية والمتعلقة بفلسفة التربية وأهدافها تذكر نصاً صريحاً حول الصهيونية يقول ”  القضية الفلسطينية قضية مصيرية للشعب الأردني،  والعدوان الصهيوني على فلسطين تحد سياسي وعسكري وحضاري للأمة العربية الإسلامية بعامة والأردن بخاصة”.

إن هذه التعديلات المتعلقة بالقضية الفلسطينية لا يمكن أن نفصلها عن التسارع الحكومي نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني الذي شهدناه منذ بداية العام الحالي، والذي تمثل ابتداءً بوقف كافة الاحتجاجات قرب السفارة الصهيونية وبناء “شيك” حول ساحة الكالوتي القريبة من هذه السفارة، مروراً بمنع أية فعاليات تدعو لمقاطعة البضائع الصهيونية وانتهاءً باتفاقية الغاز مع الكيان الصهيوني التي تم توقيعها مؤخراً.

وهذه التعديلات إن مرت دون احتجاجات حقيقية ومؤثرة، فإننا سنشهد تسارعاً أكبر في هذا الجانب من التعديلات على مدى الأعوام القليلة القادمة، لتصبح الدروس والنصوص المقرّة حول فلسطين والقدس شبيهة بالدروس والنصوص حول الأندلس.

الخلاصة

إن ما وصل إليه حال التعليم في مدارسنا، والذي انعكس على نتائج التوجيهي التي وصلت حد وصول نسبة الرسوب فيه إلى 65%، والأمية المنتشرة في مدراسنا، تتطلب ثورة تعليمية شاملة، تشمل تأهيل المعلم، والبنية التحتية، وإحداث تعديلات جذرية في المناهج تكون على أساس وطني أكاديمي بعيداً عن إملاءات المانحين.

هذا وتعكف حملة “ذبحتونا” على تشكيل لجنة تعليمية دائمة تضم معلمين وتربويين ومختصين لمتابعة ملف التعديلات على المناهج والعملية التربوية برمتها.

ملاحظة: مرفقات:

1_ صورة من الموقع الإلكتروني لوزارة التربية يشير إلى الجهات المانحة لمشروع الاقتصاد المعرفي

2_ صورة من الموقع الإلكتروني لوزارة التربية يشير إلى إن مشروع الاقتصاد المعرفي يشمل تعديل المناهج وتطويرها.

3_ صورة لقصيدة يافا التي تم حذفها من الكتاب المدرسي.

4_ صورة لمصطلح “المجازر الصهيونية” والتي تم الاستعاضة عنها بمصطلح “الممارسات الإسرائيلية.

الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة “ذبحتونا”

9 تشرين أول 2016

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى