بيانات وتصريحات عامة

بيان صادر عن المنبر العمالي العربي المناهض للإمبريالية والصهيونية بمناسبة الثامن من أذار يوم المرأة العالمي

بداية يتوجه المنبر العمالي العربي بكل مكوناته بالتحية لكل النساء على مساحة الجغرافيا العربية وفي عموم أنحاء العالم، بمناسبة يوم المرأة العالمي.

شهر أذار، شهر المرأة بكل ما للكلمة من معنى، لما له من أبعاد تحفر في الذاكرة، فهو ليس مجرد ذكرى عالمية تحاكي مسيرة آلاف النساء في كل أرجاء الكون، بل انه يمثل محطة لإعلان التضامن والنضال من اجل إعلاء أصواتنا عالياً نساءً ورجالاً للمطالبة بالمساواة بالحقوق وبالتحرر من سيطرة النظام الأبوي الذي تفرضه الليبرالية المتوحشة.

إنه اليوم الذي استحقته «النساء» بجدارة، وكتب بدماء نساء مجهولات، ضخت فيه المرأة الروح والنبض والأمل من اجل غدٍ مشرق.

ففي هذه المناسبة تم إرساء رؤية لنهج نضالي جديد، دفع بالحركة النسوية لتعبر مراحل وموجات من التفاعل والتطور، دون مهادنة. وواجهت الكثير منهن وما زلن، الكثير من التحديات واستطعن أن يرسخن أشكالاً عدة من المفاهيم عبر الزمن.

يمر الثامن من أذار لهذا العام في ظل تحديات دولية وإقليمية  كبيرة، كما انه يمر في ظل عدم استقرار سياسي في العديد من الدول العربية، وتأثيراتها على كافة الصعد وتحديداً على الصعيد الاقتصادي، فالفقر والجوع  ينتشر نتيجة البطالة العالية وتخلى الدول وتحديداً العربية عن الحمايات الاجتماعية مع العلم أن اكثر من يتأثر بهذه الأوضاع هي المرأة.

وفي السنوات الأخيرة دفعت المرأة أضعافا مضاعفة، نتيجة انعكاسات هذه الحروب التي تعيشها بعض الأقطار العربية في اليمن وسوريا وليبيا والسودان وبالتأكيد في فلسطين.

 في ظل هذه الظروف الصعبة نرى بأن المطلوب منا جميعاً رفع الصوت عالياً نحو أشكال وأطر جديدة من النضال تستطيع أن تحاكي الواقع وتخضع لمطالب الألاف من الشابات والشباب الباحثين عن سبل للتغيير، اللاهثين وراء ثورة تعيد لهم ومض الحياة وتسحبهم من دوائر اليأس، وتدفعهم إلى تحديات مجتمعية كبيرة، تحثهم على مواجهة الواقع  بعزيمة وثقة بالتغيير.

لقد سعت الأطر النسوية، لتحقيق الكثير من حقوقها المهدورة لكنها ورغم ما حققته من بعض الإنجازات، لم تستطع زعزعة أساس الهيكل، الذي عاد وأطبق على الكثير من الحقوق مع تفاقم أزمة الرأسمالية، فكانت النتيجة موجعة لكل اليد العاملة بشكل عام وللنساء بشكل خاص.

أمام هذا الواقع الأليم نرى إنه لا يمكن تحرير أنفسنا من خلال ترك هياكل الهيمنة مكانها، هذا ما أدركته نساؤنا اليوم، فتحرر المرأة ينضم الى تحرر الفرد والمجتمع.

 لا يمكن اختزال الهيكل الأبوي في النظام الرأسمالي وهذا مدعاة من النضال ليس من أجل المساواة فقط في العمل والحقوق دون التحرك في اتجاه تغيير علاقات الإنتاج القائمة.

فالحركة النسوية وجدت في استغلال المرأة والسيطرة عليها قوة تقودها السلطات الحاكمة، وعلينا التفكير في تغيير بنية الهيمنة على النساء بتصعيد النضال الديمقراطي وفي إعادة النظر بالآليات التي تشكل ذاتيتنا في المجتمع.

ولا يمكننا التفكير في إحراز أي تقدم دون التفكير في مساندة نضال المرأة لنيل كامل حقوقها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والسعي لخلق مناخ يساند ويهدم كل المعوقات أمام النساء ويؤمن البيئة الهادفة داخل مجتمعاتنا، وهو المكان الأول لتشكل الوعي النضالي.

إن إدراك ديناميات المجتمع ومواقع الهيمنة فيه وتحليل أسس المواجهة ينبغي أن يكون الحافز الأهم لانخراط النساء في مواقع القرار والمشاركة في صياغة السياسات

 فبرغم أن النساء يمثلن الجسر نحو النهوض والرافعة الأساسية لتطور المجتمعات، لكن يتم إقصاؤهم وبشكل ممنهج عن مواقع القرار.

لقد أعاق الواقع السياسي والاقتصادي   المستمر المترافق بتهميش تشريعي كل تطور على صعيد إصلاحات التمييز على أساس النوع الاجتماعي أو حتى الإصلاحات الانتخابية والسياسية.

وعززت الدساتير والقوانين في العديد من الدول العربية، والتي في معظمها تتحدث عن المساواة، من التعارض بين حقوق المرأة كمواطن وبين مكانتها القانونية كمواطن أدنى في وحدة اجتماعية ذكورية.

 إننا في هذا العام ونحن نحيي يوم المرأة العالمي، نسلط الضوء على واقع الحالة التي تعيشها المنطقة العربية من ردة على مكتسبات حققتها الحركات العمالية التقدمية في بلادنا، لا بد لنا من توجيه التحية إلى النساء اللواتي رفضن الواقع وقمن بالنزول للساحات وانتزعن بعض حقوقهن المصادرة من قبل المنظومات  القمعية الحاكمة، فرفعن الصوت عالياً، ضد جملة من القوانين التي  قيدت حريتهن بالعمل وبالمطالبة بالمساواة بالأجور وبخلق ظروف افضل في العمل، وكذلك بنضالهن الدؤوب في تغيير

الثقافة السائدة المسلطة على حياتهن الشخصية

لقد أعلنت النساء أنهن لن يتراجعن عن المواجهة، فكن عرضة لاستهداف قوى السلطة، في محاولة لكسرهن وترهيبهن ودفعهن إلى التراجع والانصياع لمفاهيم بالية.

 إن ظاهرة العنف السياسي الممنهج من قبل السلطات وأدواتها على قوى التغيير نساءً ورجالاً، لم يقتصر على قطر عربي بعينه، بل انتشر في كل الدول العربية، التي شهدت هبات اجتماعية،   من تونس التي رغم الإنجازات الهائلة التي حققتها الحركة النسوية من خلال نضالها ضد الديكتاتورية وصولا  للتصدي لقوى الإسلام السياسي المتربص والساعي لانتزاع الحقوق بكل الوسائل المتاحة. إلى سوريا والحرب الكونية التي شنت وماتزال عليها، ومن إلى الإبادة الجماعية للنساء الأيزيديات  الكرديات من قبل الإرهاب الأسود. وصولاً إلى كندكات السودان المناضلات، وكذلك الترهيب الممارس على الناشطات العراقيات اللواتي  يقفن بشجاعة في مواجهة التطرف الديني مرورا بما تعانيه النساء في اليمن وليبيا منذ قرابة عقد.

 وصولاً إلى النساء الفلسطينيات اللواتي يجسدن كل معاني العزة والكبرياء في مواجهة المشروع الصهيوني، الذي يمعن في فاشيته اتجاه الأسيرات الفلسطينيات، بهدف كسر إرادتهن وردعهن عن المشاركة في مقاومته.

إن النساء الفلسطينيات معاناتهن أكبر من الأخريات، فهن يعانين من الإرهاب الصهيوني على حواجز الابرتهايد، إلى هدم منازلهن وتشريدهن واعتقال أزواجهن وأبنائهن.

 وإننا في المنبر العمالي العربي، نعلن رفضنا لظاهرة الاعتقال السياسي للنساء والتي هي غريبة عن ثقافتنا، ونؤكد بان هذه الظاهرة مرتبطة بطبيعة هذه الأنظمة القمعية.

في الثامن من آذار نقول:

لهن، عبق رحيق شهر آذار، بوردة للنساء الأسيرات المقاتلات الشرسات، معاً في ثورة ديمقراطية نواجه فيها الأنظمة القمعية التابعة والثقافة المانعة لأي تحرر اجتماعي. نضالنا مستمر للحب والأمل والحياة….

وأخيراً، ليكن هذا اليوم حافزاً جدياً للنظر في قضايا النساء بمنظار جديد، ولنكن على يقين أن زعزعة أسس الهيكل، بهدف تدميره يحتاج إلى بناء بيئة مناسبة داخل التجمعات والأطر التي تدافع عن قناعة عن حقوق النساء في المساواة وهذا يتطلب من كل التقدميين دعم نضال النساء المفعمات بالأمل والنشاط، يبعثن الحياة في قطاعاته، شابات مقاتلات لا يهبن المواجهة نساء يشاركن في القرار السياسي. فشهيدات وأسيرات ومقاتلات ومناضلات أضأن مرحلة مجيدة من تاريخنا، وما زلن يلهمن الآلاف بشجاعتهن وتحديهن للواقع ورفضهن للظلم. لنتبنا القضايا النسوية لنضالنا اليومي نساءً ورجالاً، ومنهجاً فكرياً أيديولوجياً يتطرق إلى علاقات اجتماعية بديلة عما يفرضه هذا المجتمع، من خلال الضغط لتشريع القوانين التي تعمل على منهجية جديدة والمساعدة لضمان إشراكهن في العمل وتمثيلهن في المواقع  وصولاً إلى مواقع القرار.

في الثامن من آذار

نتوجه بالتحية للشعب الفلسطيني المقاوم الذي يقدم يومياً طلائعه المناضلة من اجل نيل حقوقه في الحرية والاستقلال.

المنبر العمالي العربي المناهض للإمبريالية والصهيونية
08/03/2023

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى