“الأردن وواقع الحال “
يعيش الأردن العديد من الأزمات و لا أعتقد أن المشكلة تكمن بوجود أزمات فهذه مسألة طبيعيه خاصة فى ظل هذا العصر وتعقيداته.
اعتقد أن الإشكالية الحقيقية تكمن في الكيفية التي نتعامل بها مع هذه الأزمات، فمنذ حوالي الشهرين يعيش الأردن تحت وطأة أزمتين:
-الأولى بما يعرف بــِ (قضية الفتنة)
-الثانية ما يعرف بقضية النائب أسامة العجارمة
كل هذه الأزمات وغيرها تستمر تداعياتها وتتعقد رغم بساطتها بسبب طريقة القراءة والنظرة المحدودة لهذه الظواهر .عند التعامل مع هذه الظواهر نجد أنفسنا أمام معالجة لحظية تفتقر للرؤية التاريخية من ناحية وللرؤية العامة من ناحية أخرى.
مثل هذه الأزمات هل كان لها أن تتطور لو تم قراءة المشهد من خلال ما تعيشه البلد من أزمة ثقة بين الناس والسلطة التنفيذية؟ أو من خلال حالة الاحتقان المجتمعي جراء الفقر والبطالة والفساد وغياب العدالة الاجتماعية وضعف مؤسسات الدولة ؟؟ هل قراءة هذه الأزمات صحيحة بمعزل عن التحولات الاجتماعية التي أفرزها نهج الخصخصة وتراجع دور الدولة الريعي ؟؟!!
علينا أن نعترف أن تحولات عميقة حدثت فى المجتمع الأردني منذ تسعينات القرن الماضي وأعتقد أن أكبر مظهر يكمن في اتساع قاعدة المعارضة الشعبية وبالذات دخول العشائر على خط الاحتجاج والمعارضة.
كل ظاهرة اجتماعية تمتلك قدراً من التعقيد تثير العديد من الاسئلة عن دور الاوضاع الداخلية ثم الظروف الخارجية في إيجادها.
هذا مهم فى التحليل لتحديد الخط الفاصل بين ما هو داخلي وما هو خارجي، لأن استمرار تحميل العامل الخارجي مسؤولية الظاهرة ليس إلا وسيلة مريحة للهروب من استحقاقات معالجة الظاهرة. هل نستطيع تحديد العنصر المهيمن على الظاهرة إن كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية ؟؟!! أعتقد أن تهرب النخب الحاكمة من الحمل الجدي لملف الإصلاح والتلكؤ في القيام بمسؤوليتها فقط بسبب أنانيتها هو الذي لعب ولا يزال يلعب دور الشرارة فى تازيم الأوضاع.
لقد جرى تغييب الحوار بشكل متعمد وجرى تهميش كل القوى الحية في المجتمع وظن سدنة الحال أنهم أمسكوا بكل شيء لكن مسار الأحداث جاء عكس ما اعتقدوا به. والمشكلة أنهم لم يقوموا بتغييب الحوار فحسب بل عندما يباشرونه يتعاملون معه وكأنه منازلة يجب إنهاؤها بإعلان من هو المنتصر وتغيب عندهم فضيلة الحوار بالاستعداد لفهم الآخر واستكشاف أفكاره.
فالحوار فى بلادنا تحكمه خلفية الإقصاء والإلغاء، وما يجري كبير وخطير يفرض على كل من يمتلك البصيرة التأمل جيداً وعميقاً في واقعنا حتى لا يأتي يوم ونندم بأننا أهملنا عقولنا وكان ما كان .