الأحزاب الثرثارة | د. سعيد ذياب
كنت أتابع قراءة بعض البيانات الحزبية وكثرة تلك البيانات وقلة الفعل المرافقة، ثم شدني الموضوع للشخصية الثرثارة وما تمتاز به من أنانية وسلوك نرجسي، وما العلاقة المشتركة بين الإنسان الثرثار والحزب الثرثار؟ طبيعة الواقع والظروف التي نعيشها شدتني إلى الأحزاب الثرثارة، ومتى تظهر، ولماذا؟
بداية أنا أعتقد إن هذا الموضوع ليس سهلا ويحتاج إلى المزيد من البحث لذا سأطلق على ما سأكتبه ملاحظات أولية.
أولا: شكل ظهور الأحزاب بحد ذاته مرحلة متقدمة وايجابية عن سابقتها
باعتبار الحزب إطاراً فكرياً وسياسياً تتصارع فيه الأفكار بشكل جدلي بما يقود إلى الوصول إلى مرحلة جديدة أرقى من سابقتها، يمكن اعتبارها شكلا من أشكال الحركة.
ثانيا: كيف تتجلى الحركة؟
إن الحزب وما يمثله من فكر جديد يتناقض مع القديم وما يجره هذا التناقض من تجاوز القديم سيفرض حراكا اجتماعيا يقود إلى تناقض جديد.
عندما يقل الحوار أو يخبو تنمو التيارات المهادنة والليبرالية التي تجهد للتكيف مع الواقع بما يخلق رضا القوى الطبقية الحاكمة عن الأحزاب، عندها تقل فرص الحركة وتصبح الأحزاب أقرب كثيرا من المظاهر المجتمعية السلبية السائدة، بل ومصالح الفئات الحاكمة، الأمر الذي يفقدها دورها التغييري كأحزاب تقدمية.
لكن لا تفقد صوتها بالكامل بل بالعكس فإنها تتحول إلى ما يشبه الإنسان الثرثار تتكلم كثيرا لكن هذا الكلام ليس نتاج تفاعل فكري بقدر ما يشبه الثرثرة الفاقدة للفعل ثرثرة بين عاشقين، لذا يسود الجمود وتتقلص فرص الحركة وتتعزز النزعات التبريرية للقصور.
لكن التبرير لا يقوى أمام الواقع ومتطلباته لذا سرعان ما يتكشف وتظهر العورات بأقبح صورها.